تقارير مؤلمة عن الأوضاع المعيشية في عدن والتقرارير تؤكد تزايد حالات الاغماء لطلاب المدارس بسبب الجوع
Share
تقرير/عبدالقادر باراس
كثر الحديث عن المجاعة بأنها تجتاح بلاد اليمن وتثير مخاوف خاصة بعد الحرب الأخيرة، حيث بدأ المواطنين في عدن جنوب اليمن يوقنون مدى خطورتها، بتدهور احوالهم المعيشية بسبب تبعات الحرب والانهيار التام في البنية التحتية وكذا بفعل الفساد السياسي المتراكم من عقدين من الزمن، وكما قال الفيلسوف ابن خلدون في مقدمته ” ان الفساد السياسي يؤدي إلى الاضطراب السياسي والاقتصادي وزيادة المجاعات والبطالة”.
ان الظروف الحالية باتت مخيفة وتهدد بكارثة في حال ما استمر الوضع هكذا يسير نحو المجهول فالأوضاع تسير من سي إلى اسوأ، وغالبية الاسر أصبحت تحتاج لتلقي المساعدات وخصوصا في ظل عدم استلام الموظفين لمرتباتهم الشهرية في عدن كونهم يعتمدون اعتماد كلي على الراتب في تسيير أمورهم، فالأحوال الصعبة هي الهم الذي يعيشه الجميع وبات على السنتهم وهاجسهم اليومي،
وقد اتجهت الأمور إلى التدهور إلى حد قيام عدد من أهالي عدن بعرض مقتنياتهم الشخصية والمنزلية للبيع، طبعا بعد ان كانوا قد باعوا ما يملكون من مجوهرات، وهذا الحال يذكرنا بما كان عليه العراق اثناء سنوات الحصار في تسعينيات القرن الماضي.
ليس هناك من شيء يمكننا ان نستعين به لوصف حال المجتمع التي يعيشها المواطن، رغم ذلك فأن المواطنين مستمرون في صراعهم من اجل البقاء وما زلنا نراهم يبذلون ما يمكنهم من العيش بأبسط المقومات الضرورية لإبقائهم على قيد الحياة وتجاوزهم للمحنة، والحال اننا نكتشف هذا المصير إذا ما بحثنا وراء جدران الاحياء الشعبية الفقيرة ووراء جدران المستشفيات والمدارس لنرى الفظاعة الحية، فالعوز إلى الضروريات كالغذاء والمشرب والدواء بات حلم يراودهم.
لا شك ان مصير طلاب المدارس هو اسوأ ما يمكن ان ينتظر أي كائن حي، يكفي للتأكد من هذا الوضع ان نجوب المدارس لنرى وجوههم شاحبة قد خلت طراوتها، فهم يواجهون صعوبات كثيرة تحول دون مواصلتهم للدراسة نتيجة تلك الأوضاع المتدهورة وهذا يعيق تحصيلهم العلمي.
ومن أراد ان يزور مدارس عدن، فلابد له ان يشاهد وجوه طلاب المدارس سرعان ما يلاحظ ان الأوضاع الاقتصادية هي التي أوصلت حالهم ووضعهم المعيشي بسبب الحرب والفساد المستشري الذي اوجدها وكذا السياسات الفاشلة في إدارة أمور البلاد على مدى العقدين الماضيين.
نظرا للبيئة المحيطة ببعض المدارس التي اغلب سكانها من الطبقة الفقيرة تبرز العديد من القضايا الاجتماعية ومن أهمها تلك المتعلقة بأحوال التلاميذ والتلميذات في المدارس، وإزاء تلك الوضعية فأنه من المؤلم جدا ما نسمعه بأن أحد التلاميذ اغمي عليه في الطابور الصباحي ومن مختلف الفئات العمرية، وعند سؤالهم عن سبب ذلك يقولون بأنهم لم يتناولون وجبة العشاء وكذا وجبة الإفطار، فالكثير منهم يتناول وجبة واحدة فقط في اليوم تصل إلى حدود “الروتي والشاي” نتيجة ظروف العوز والفقر التي تعانيها أسرهم، حيث تفاقمت هذه المعاناة بعد الحرب لارتفاع تكاليف المعيشة وتأخر صرف المرتبات بل أن العديد من أولياء الأمور هم على “باب الله” يعملون في مهن بسيطة وإذا توفر لهم العمل في يوم فأنه لا يتوفر في أيام كثيرة، الأمر الذي انعكس كذلك على عدم قدرة كثير من أولياء الأمور توفير الزي المدرسي وقد أبلغ العديد من أولياء الأمور إدارات المدارس ة أن سبب تأخر أبناءهم وبناتهم في الالتحاق بالعام الدراسي الجديد هو عدم قدرتهم على شراء الزي المدرسي ناهيك عن شراء المستلزمات الأخرى من الدفاتر والحقائب مما أضطر العديد من التلاميذ والتلميذات ارتداء زي المدرسة للعام الماضي وكذا الاستفادة من الأوراق غير المستخدمة في الدفاتر القديمة لاستخدامها في السنة الدراسية الجديدة، بل ان بعض أولياء الأمور لا يستطيعون حتى سداد الرسوم الدراسية لأولادهم ومقدارها “150” ريال في كل فصل دراسي، وكذا رسوم الامتحانات والشهادة في كل فصل.
إلا أنه إزاء كل ذلك فأنه توجد العديد من المبادرات الذاتية من قبل إدارات المدارس وطواقم المدرسين والإداريين بتوفير وجبات إفطار مكونة من الروتي والجام والزبدة إلا ان ذلك لا يفي بكافة احتياجات الطلاب.
وختاما تبقى مسئولية المؤسسة التعليمية هي الأساس بتفعيل دور مشرفيها الاجتماعيين وتوكلها بهذا المهام الإنساني النبيل، وفي الوقت نفسه نوجه دعوتنا إلى أصحاب الايادي البيضاء للمساهمة في رفع جزء من معاناة ابناءنا وبناتنا خاصة في ظل هذه الظروف والأوضاع الاقتصادية الصعبة من خلال توفير وجبات إفطار على الرغم من المبادرات الذاتية والمساهمات الطوعية التي تبذل بهذا الخصوص إلا انها تظل غير كافية لتلبية احتياجات الطلاب، بالإضافة إلى المساهمة في توفير المتطلبات الأخرى من الزي المدرسي والدفاتر والحقائب لكافة الحالات غير القادرة من خلال رصد تلك الحالات بالتعاون مع المشرفين الاجتماعيين في المدارس.