عيدروس وبن مبارك.. صراع النفوذ ومكافحة الفساد
بقلم: مقبل القميشي
لم يعد هناك شيء يخفى على الناس، فقد أصبح كل شيء مكشوفًا للرأي العام. لم يرضَ عيدروس الزبيدي عن أحمد عوض بن مبارك منذ البداية، خاصة بعد نزول الأخير إلى الشارع في أول يوم دون حراسة، ثم جلوسه على كرسي الجوازات وكشفه للفساد المستشري في إدارة الهجرة والجوازات في عدن، ومن أبرز مظاهره الرشوة، المماطلة، والتسويف في معاملات المواطنين.
كما قام بن مبارك بزيارات مفاجئة لعدد من الدوائر الحكومية والمستشفيات، حيث كشف العديد من التجاوزات، وكان من أبرزها فساد قطاع الكهرباء، الذي وصفه بأنه مخيف، ثم حدد لاحقًا آلية تسعير الكهرباء عبر مناقصات علنية، مما أدى إلى كشف ملايين الدولارات التي كانت تذهب إلى جيوب المسؤولين في عدن.
ولم يكتفِ بذلك، بل تعهد علنًا بمحاسبة الفاسدين وتقديمهم إلى القضاء، بل وسمّى بعضهم بالأسماء، رغم معارضة المجلس الانتقالي على بعض الأسماء الواردة في قائمته. إضافة إلى ذلك، كشف بن مبارك فسادًا كبيرًا في حقول بترومسيلة بحضرموت، وهو ما زاد من التوتر بينه وبين الانتقالي، ممثلًا بالرئيس عيدروس الزبيدي.
التوتر تصاعد بعد أن تجاوز بن مبارك الخطوط الحمراء، حيث اعترض على بيع أحد حقول النفط في شبوة لشخصين من كبار التجار ينتمون إلى تعز، كما رفض تعيين عادل الحمادي، وهو من أبناء تعز، مديرًا عامًا للاستثمارات النفطية، وبدلًا من ذلك، عين شخصًا آخر من أبناء شبوة، لكن عيدروس رفض هذا التعيين، وقرر تعيين شخص آخر من الضالع يُعتقد أن اسمه توفيق، وهو القرار الذي واجه انتقادات واسعة من أبناء شبوة، مما اضطر عيدروس إلى التراجع عنه لاحقًا.
لكن القصة لم تنتهِ هنا، فقد تم خداع بن مبارك بتشكيل لجنة لمناقشة الموضوع، وأثناء سفره إلى القاهرة، تم تمرير صفقة بيع أحد الحقول النفطية في شبوة، ووقع عادل الحمادي على الصفقة. ومع ذلك، لم تمر هذه الصفقة مرور الكرام على بن مبارك، الذي قام على الفور بإقالة الحمادي من منصبه كمدير عام للاستثمارات النفطية.
عقب هذه الإقالة، انضم رشاد العليمي إلى عيدروس الزبيدي في مواجهة بن مبارك، ليبدأ بعدها التفكير الجاد بين رئيس مجلس القيادة الرئاسي ونائبه عيدروس الزبيدي في استبدال بن مبارك. وتشير المؤشرات إلى أن الرئيس ونائبه قد توصلا إلى اتفاق مبدئي على تغييره، لكن يبقى السؤال:
هل ستستمر الهدنة بين العليمي والزبيدي عند اختيار الوزراء الجدد؟ أم أن المعركة الحقيقية ستبدأ الآن في تقاسم الحقائب الوزارية؟
المعركة بين الرئيس ونائبه ستدور حول الوزارات السيادية والمهمة، وإذا تم استبدال بن مبارك، فالأغلب أن عيدروس الزبيدي سيكون هو الرابح الأكبر، كما أثبت ذلك في السابق من خلال قدرته على فرض تعييناته. أما بن مبارك، فسيكون كبش الفداء في هذه الجولة، لكنه خرج من هذا المشهد نزيهًا في نظر الكثيرين، فقد أثبت أنه لم يكن أداةً في يد أحد، ولم يبع أو يشترِ في قضايا الوطن.
ويبدو أن الشخص النزيه في هذه البلاد لا مكان له فيها…