تدهور الأوضاع في عدن.. أزمة القيادة وتجاهل مطالب المواطنين

ماهر باوزير

شهدت العاصمة عدن قبل يومين موجة غضب شعبي تجسدت في خروج أعداد كبيرة من المواطنين للتظاهر، تعبيرًا عن معاناتهم اليومية التي تجاوزت حدود الاحتمال، لم يكن هذا الحراك الشعبي مجرد احتجاج عابر على انقطاع الكهرباء الذي وصل إلى أكثر من عشرين ساعة في اليوم، بل هو انعكاس عميق لحالة من التدهور الاقتصادي والخدمي والإنساني لم تشهدها المدينة من قبل. شعارات المحتجين لم تقتصر على استنكار الوضع القائم، بل وجهت أصابع الاتهام بشكل صريح إلى حكومة الشراكة، محملة إياها مسؤولية هذا الانهيار الشامل الذي بات يهدد الاستقرار المجتمعي .

الأزمة التي تعيشها عدن ليست وليدة اللحظة، بل هي نتيجة تراكمات طويلة من الفشل في إدارة الأزمات والتفاعل مع احتياجات المواطنين، انقطاع الكهرباء لفترات طويلة بات رمزًا لمعاناة يومية أرهقت السكان وشلت حياتهم، وهو مجرد وجه من وجوه أزمة شاملة تشمل انعدام الرواتب، وارتفاع أسعار المواد الأساسية، وتدهور البنية التحتية، في ظل هذا الواقع، تتزايد التساؤلات حول دور المجلس الانتقالي الجنوبي وحكومة الشراكة في إيجاد حلول عملية، بعيدًا عن الشعارات والخطابات السياسية التي لم تعد تقنع أحدًا .

إن ما يحتاجه الشارع الجنوبي اليوم ليس مجرد وعود أو فعاليات رمزية، بل رؤية استراتيجية شاملة تعالج جذور الأزمات وتضع المواطن في قلب الأولويات، الاعتماد على الأساليب التقليدية في التواصل مع الشارع، مثل إصدار البيانات الإعلامية أو تنظيم اللقاءات المحدودة، لم يعد كافيًا، الناس يريدون أفعالًا ملموسة تمس حياتهم اليومية بشكل إيجابي، لا مجرد استعراضات سياسية أو شعارات فضفاضة .

الاحتجاجات الأخيرة ليست مجرد تعبير عن استياء، بل هي جرس إنذار للقيادة السياسية في الجنوب، المواطنون يطالبون بخطوات فورية وملموسة لتحسين حياتهم، تبدأ بإصلاح قطاع الخدمات الأساسية، وعلى رأسها الكهرباء، وتوفير الرواتب، وضمان استقرار الأسعار، استمرار تجاهل هذه المطالب أو التعامل معها بخفة قد يؤدي إلى نتائج كارثية على المستويين الاجتماعي والسياسي، ويعمق من حالة عدم الثقة بين القيادة والشارع .

المطلوب اليوم هو تحرك جاد ومسؤول يعكس إدراكًا حقيقيًا لحجم التحديات، المجلس الانتقالي الجنوبي وحكومة الشراكة مطالبان بالتخلي عن الخطابات الشكلية والعمل على تنفيذ خطط عاجلة وفعالة تعالج أولويات الناس، إعادة بناء الثقة مع الشارع لن تتحقق إلا من خلال خطوات ملموسة تحدث فرقًا حقيقيًا في حياة المواطنين .

ما حدث في عدن هو صرخة واضحة، الناس لن ينتظروا طويلًا في ظل استمرار هذا الوضع الكارثي، القيادة الحقيقية تُختبر في الأوقات الصعبة، وعدن اليوم بحاجة إلى قيادات تتسم بالشجاعة والوعي والمسؤولية، الوقت لم يعد يحتمل المزيد من التسويف أو الشعارات، والمطلوب الآن أفعال حقيقية تعيد الأمل وتحمي الاستقرار، فعدن لا تحتاج إلى شعارات بقدر ما تحتاج إلى حلول .

You might also like
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com