فرحنا بالانتقالي يوانسنا .. فتح عيونه وفزعنا
فضل مبارك
يقول أبناء أبين في أحد أمثالهم ( فرحنا بالأعمى يوانسنا .. فتح عيونه وفزعنا )
وهكذا صار حالنا مع المجلس الانتقالي للاسف الشديد ، فقد فرحنا وهللنا لمشاركته ودخوله في الحكومة على أساس بايفرمت حالة الفساد التي عشعشت في أركان وزوايا الدولة والحكومة ومؤسساتها ، وقلنا جاء من يكون عين ونصير للناس والسند لهم في تثبيت وانتزاع حقوقهم وكبح المعاناة التي تتدحرج مثل كرة الثلج وتزداد حجما كل لحظة ،
ولكن كل آمالنا خابت ، وكل توقعاتنا غدت رماد منثور ، وما كنا نظنه هامان طلع فرعون ، فلم يقدم الانتقالي اسوأ ممثلين له في الحكومة وهئياتها ومؤسساتها فحسب ، ولكن زاد أن فرعن وخلق جيش جرار من الفاسدين والحرامية والبلاطجة ، باشكال والوان شتى ماكانت تخطر على بال يهو.دي ولا مسلم ولم نقرأ أو نشاهد مثيلا لها في كتب التاريخ وافلام السينما ، وعجز الانتقالي رغم ما يملك من سطوة وإمكانيات وسيطرة على الأرض يفرض من خلال قراره بقوة عن تقديم ولو نموذج في حده الأدنى من النزاهة ، وبدلا من أن يحافظ الانتقالي على زخمه ورصيده الشعبي فقد تلك المقومات من بين يديه ، في سبيل المحافظة على مصالح حفنة من قياداته والمحسوبين عليه ، وباع القضية والشارع بأبخس ثمن ، مع أنه كان بمقدوره أن عمل صح من منطلق وطني أن يكسب معارضيه وخصومه قبل مناصريه واعضاءه ، ولا ستطاع أن يشكل قوة سياسية كبرى محمية بسياج الجماهير .
وفيما يبدو أن الانتقالي اكتفى بهذا الأمر ، وان خطته ومشروعه عند تأسيسه أو مشاركته في الحكومة لم يكن وطنياً بحتاً ، بقدرما كان تحقيق مصالح شخصية ، حيث خلعت قياداته وممثليه في الحكومة رداء الثورية المستعار الذي أوهموا الناس به ، ولبسوا قميص الاستثمار واللهث وراء التكسب والنهب والاستحواذ ، على حساب خدمة الناس وتبني قضاياهم وإيجاد المعالجات لها ، وللقاريء الكريم حق القياس وسيجد الأمر مهولا عن حجم الثراء الذي وصلت له كثير من القيادات اليوم ، لم يسبقها إليه أحد من قبل . وكأنهم في سباق مع الزمن ومتخوفين أن الحرب تتوقف أو الوضع يتعدل ، ولذلك تجدهم يهرشوا الاخضر واليابس بأيديهم وأرجلهم .
وبذلك نتحسر على المآل الذي وصل إليه الانتقالي الذي كانت الناس تعول عليه ، ولو أنه بقي معارضا على الاقل كنا نسمع له صوتا قويا نتونس به ، وحكاية دعوة الشارع للخروج التي تطلقها هذه الأيام قيادات الانتقالي بعد أن بلغ السيل الزبى هي ليست هروب من المسؤولية ومحاولة تذاكي ، بقدرما هي دعوات شيطانية يريد الانتقالي من خلالها استثمار الفرصة فإن نجح الشارع فيها بيقول انا من دعا لها وأن لم تحقق مرادها فهو لم يخسر شيء .
فضل مبارك