الكهرباء في العاصمة عدن مهددة بالانقراض

بقلم: عبدالمجيد العبيدي

تعيش العاصمة المؤقتة عدن أزمة كهرباء خانقة تهدد حياة سكانها وتضع مستقبلها في خطر. هذه الأزمة ليست وليدة اللحظة، بل نتيجة تراكمات وإخفاقات متتالية للحكومات المتعاقبة، التي عجزت عن تقديم أي حلول جذرية لتأمين هذا الشريان الحيوي. ومع كل صيف، يزداد الوضع سوءًا، في ظل غياب أي خطط واضحة لإنهاء معاناة المواطنين.

عجز الحكومة عن توفير الوقود اللازم للكهرباء

أحد أبرز أوجه القصور الحكومي في عدن يتمثل في العجز عن توفير الوقود لمحطات توليد الكهرباء. هذا النقص المزمن في الوقود يؤدي إلى تقليص ساعات تشغيل المحطات، ما يجعل ساعات الانقطاع طويلة تفوق ساعات الوصل. وفي كثير من الأحيان، يعتمد القطاع على تبرعات خارجية أو حلول مؤقتة لتوفير الوقود، إلا أن هذه الحلول ليست كافية لضمان استمرارية الخدمة.

عدم توفر الوقود بشكل منتظم لا يعكس فقط أزمة مالية تعاني منها الحكومة، بل يكشف عن ضعف إداري كبير في إدارة الموارد والطاقة. وبغياب خطط واضحة أو مصادر تمويل مستدامة، ستبقى أزمة الوقود هي السبب الأول وراء انقطاع التيار الكهربائي في عدن.

عجز الحكومة عن توفير الكهرباء وسداد مديونيات الطاقة المشتراة

إلى جانب أزمة الوقود، تعتمد عدن على شركات الطاقة المشتراة لسد العجز في الإنتاج المحلي، إلا أن الحكومة فشلت في سداد مديونياتها لهذه الشركات. هذا التأخير في السداد جعل الكثير من الشركات تقلص إنتاجها أو تهدد بوقف خدماتها بالكامل، ما زاد من تفاقم الأزمة.

تراكم هذه المديونيات دون حلول واقعية يشير إلى أن الحكومة لم تعد قادرة على تحمل مسؤولياتها، الأمر الذي يضع سكان عدن تحت رحمة انقطاع التيار الكهربائي لفترات طويلة.

كذبة رئيس الوزراء عن توفير 45 مليون دولار

في ظل هذه الأوضاع المأساوية، أطلق رئيس الوزراء تصريحات أثارت الجدل حين زعم توفير 45 مليون دولار من ملف الكهرباء. إلا أن الحقيقة تشير إلى أن هذا التوفير تم على حساب المواطنين، عبر قطع التيار الكهربائي بشكل شبه كلي في أحياء كثيرة من عدن.

هذه التصريحات ليست إلا محاولة فاشلة للتغطية على العجز الحكومي، إذ لم يكن التوفير نتيجة لتحسين إدارة الموارد أو تنفيذ إصلاحات، بل نتيجة قرارات ارتجالية قادت إلى تفاقم معاناة السكان. ولعل الصورة الأوضح لهذا الفشل هي استمرار انقطاع الكهرباء في وقت تزداد فيه حرارة الصيف واحتياجات الناس لهذه الخدمة.

حل الأزمة: تسليم ملف الكهرباء للقطاع الخاص

مع استمرار عجز الحكومة عن إدارة ملف الكهرباء، يبدو أن الحل الوحيد هو تسليم هذا الملف للقطاع الخاص. القطاع الخاص يتميز بإمكانيات أكبر من حيث الكفاءة والقدرة على الاستثمار في مشاريع الطاقة. إذا تم تمكينه من إدارة الكهرباء، فقد تكون هناك فرصة حقيقية لتحسين الخدمة وضمان استمراريتها بعيدًا عن الأزمات المتكررة.

الحكومة أظهرت عدم قدرتها على إدارة هذا الملف الحيوي، وتسليمه للقطاع الخاص يمكن أن يخفف العبء المالي عنها، وفي الوقت ذاته يضمن توفير الخدمة بشكل أفضل للمواطنين.

على رئيس الوزراء التقاط المزيد من الصور واضعًا يده على خده

أمام هذا المشهد الكارثي، يبدو أن رئيس الوزراء اكتفى بإطلاق وعود فارغة والتقاط الصور واضعًا يده على خده، وكأنما يعبر عن حيرته أمام الأزمة. لكن هذه الصور لم تعد تجدي نفعًا، فهي لا تضيء منزلًا ولا تحرك توربينًا.

على رئيس الوزراء، بدلًا من الاكتفاء بالتصوير وإطلاق التصريحات غير الواقعية، أن يتحمل مسؤولياته بجدية، وأن يتخذ قرارات شجاعة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه.

ختامًا: مستقبل الكهرباء في عدن على المحك

الكهرباء في عدن ليست مجرد خدمة، بل حاجة أساسية ترتبط بكل جوانب الحياة. استمرار الحكومة في فشلها سيؤدي إلى المزيد من التدهور في حياة المواطنين. الحلول المؤقتة والمبررات الواهية لم تعد كافية، والمطلوب هو العمل الجاد على إيجاد حلول مستدامة، سواء عبر تسليم الملف للقطاع الخاص أو إعادة هيكلة الإدارة الحالية.

عدن تحتاج إلى أفعال حقيقية، وليس إلى صور ووعود جوفاء.

You might also like
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com