حضرموت ومآلات التصعيد
المشهد الجنوبي الأول – مقال
عبدالجبار الجريري
تشهد محافظة حضرموت حراكا متصاعدا منذ يوليو الماضي، يقوده حلف قبائل حضرموت الذي يترأسه وكيل أول حضرموت الزعيم القبلي الشيخ عمرو بن حبريش العليي.
فمنذ 31 يوليو 2024، وبعد بيان حلف قبائل حضرموت الذي أعلن فيه السيطرة على الأرض والثروة بعد انقضاء مهلة منحها الحلف للمجلس الرئاسي للاستجابة لمطالبه، عمل حلف قبائل حضرموت المدعوم من القبائل الحضرمية على تعزيز تواجده المسلح جوار المنشآت النفطية التي أوقف فيها العمل منذ ذلك الوقت.
حيث ينتشر مسلحو القبائل الموالون للحلف في جوار المنشآت النفطية في المسيلة والخشعة ومديرية غيل بن يمين لمنع تصدير النفط حتى الاستجابة لمطالب الحلف التي ينادي بها.
كما استحدث حلف قبائل حضرموت عدد من النقاط العسكرية، أهمها نقطة العليب في هضبة حضرموت، ونقطة بروم ميفع الواقعة على المدخل الغربي لمدينة المكلا، ونقطة المشقاص الواقعة في المدخل الشرقي لساحل حضرموت، ونقطة الخشة بوادي حضرموت.
مطالب مشروعة
يقول الناطق الرسمي لحلف قبائل حضرموت الكعش سعيد السعيدي أن تصعيد حلف قبائل حضرموت يأتي من أجل تحقيق مطالب حضرموت المشروعة.
ويشير إلى أن حلف قبائل حضرموت يطالب بجملة من المطالب الحقوقية أهمها بسط النخبة الحضرمية على كامل التراب في محافظة حضرموت، وإشراك الكوادر من أبناء حضرموت في التمثيل الدبلوماسي.
ويضيف السعيدي أن حلف قبائل حضرموت يطالب بتحسين الكهرباء، وخفض أسعار المشتقات النفطية التي يتم إنتجاها في حضرموت، ورفع حصة حضرموت من عائدات النفط، وتحسين أوضاع المعلمين.
وتعاني محافظة حضرموت الغنية بالنفط والذهب من واقع سيء أثر سلبا على حياة المواطنين في مختلف المجالات، وهو ما يعده مراقبون السبب الرئيسي وراء تفاقم الأوضاع في المحافظة التي عرفت بسلميتها وهدوئيها.
فبالإضافة إلى ما تعاني منه المحافظات المحررة من تدهور في الخدمات وانهيار الوضع الاقتصادي، فإن حضرموت تواجه معضلة أزمة الكهرباء منذ سنوات، حيث تصل ساعات الانقطاع في الصيف إلى 19ساعة في اليوم.
وتمتلك حضرموت مخزون هائل من النفط حيث يتم تصديره كل شهرين، إلا أن عملية التصدير الفعلية متوقفة منذ أكتوبر 2022م بعد أن تعرض ميناء ضبة النفطي لهجوم بمسيرات من قبل جماعة الحوثي.
تصاعد حدة الخلافات
واجهت السلطة المحلية في حضرموت مطالب حلف قبائل حضرموت بداية الأمر بنوع من الدعم والمساندة، عبر عنه موقف محافظ حضرموت في كلمته التي ألقاها في الاجتماع الاستثنائي في 8 أغسطس الماضي بمدينة المكلا.
حيث أعلن المحافظ دعمه لكافة مطالب حلف قبائل حضرموت، وتعهد بزيارة قيادة الحلف في هضبة حضرموت ودعمها، إلا أن هذا الموقف سرعانا ما تغير بعد أن طالب حلف قبائل حضرموت بالكشف عن قيمة فوارق بيع الديزل الذي ينتج في مصافي بترومسيلة.
وتعمل شركة بترومسيلة على تصفية مئات الالاف من لترات الديزل يوميا منذ سنوات، وتبيعه لشركة النفط بساحل حضرموت بـ 350 ريال للتر الواحد، لتقوم شركة النفط بتوجيه من محافظ حضرموت ببيع اللتر للمواطن بالسعر التجاري الذي يصل إلى 1300 ريال للتر الواحد وهو ما يرفضه حلف قبائل حضرموت ويسانده في ذلك قطاعات شعبية واسعة خصوصا الصيادين والمزارعين وملاك المركبات التي تعمل على الديزل.
المحافظ مبخوت بن ماضي أوعز زيادة سعر الديزل إلى حاجة السلطة المحلية في حضرموت للمال لتوفير ميزانية تشغيلية، وتوفير حوافز المعلمين، والإنفاق على الجوانب الخدماتية.
بينما يطالب حلف قبائل حضرموت كما جاء على لسان رئيس الحلف عمرو بن حبريش، بخفض سعر الديزل إلى 700 ريال للتر كحد أقصى، لكي ينعم المواطن في حضرموت بالشيء اليسير من ثرواته كما قال بن حبريش.
تفاقم أزمة الكهرباء
ملف الديزل أحدث شرخ كبير بين السلطة التي تتمسك برفع سعره، وبين الحلف الذي يصر على تخفيض سعره، ويطالب بالكشف عن أوجه الإنفاق وحجم المبالغ المالية التي حصلت عليها السلطة من بيع الديزل بالسعر التجاري خلال السنوات الماضية.
الخلاف المحتدم أوصل السلطة لشن هجوم إعلامي غير مسبوق على حلف قبائل حضرموت وقيادته، بينما دفع الحلف لتكثيف تواجده المسلح في مختلف مناطق حضرموت خاصة المناطق النفطية، وأوقف الشاحنات المخصصة لنقل الديزل الذي يباع في السوق بالسعر التجاري.
هذا الوضع ألقى بظلاله على جانب الخدمات خاصة الكهرباء، حيث تتهم السلطة والمؤسسة العامة للكهرباء حلف قبائل حضرموت بمنع شاحنات الديزل التابعة لكهرباء ساحل ووادي حضرموت بالمرور، بينما ينفي حلف قبائل حضرموت في بيانات رسمية اتهام السلطة، ويؤكد سماحه بعبور كافة الشاحنات الخاصة بنقل ديزل الكهرباء، وعدم اعتراضه أي شاحنات باستثناء تلك التابعة لشركة النفط وهو ما تؤيده لجنة الرقابة والإشراف على إيصال ديزل الكهرباء.
في ظل الاتهامات المتبادلة بين الطرفين تفاقمت أزمة الكهرباء في مناطق حضرموت ليصل ساعات انقطاعها أحيانا إلى يومين متتاليين، وهو ما ضاعف معاناة المواطنين بشكل غير مسبوق.