السقلدي:يُراد لعدن أن تكون بلا صحافة وتسير مربوطة العينين إلى مهاوي الردى
Share
صلاح السقلدي
يقال أن( صحافة بلا حكومة أفضل من حكومة بلا صحافة)- في حال إن كان لابد من إختيار إحداهما طبعاً-. ربما هذا القول فيه قليلا من التفخيم للصحافة و مثالية كبيرة بهذه البلاد, لكنه عند الشعوب التي تنتمي للعصر الحديث بحق وحقيقي ويخشى زعماؤها من صرير القلم أكثر من صليل السيف, مقولة سليمة وواقعية.
ففي أمريكا مثلا يحكم الرئيس أربع سنوات وتحكم الصحافة كل السنوات, وفي أوروبا والهند تسقط حكومات وتطيح برؤوساء, وحتى في بعض البلدان العربية التي تتمتع بشيء من حرية التعبير لها دور بارز مثل لبنان وتونس,وحتى في دولة الكويت.
فالصحافة -والإعلام بشكل عام -هي صوت الأمة وسيف الحق وملاذ كل مظلوم. ونقصد هنا الإعلام المحايد والموضوعي وليس إعلام البيع والشراء ولا الإعلام الرسمي والحزبي والطائفي والمناطقي الغارق في وحل التضليل ومستقر في قعرالتزييف وصناعة الفتن.
في عدن نموذج مصغّـر من الخوف من دور الإعلام -على هزالة وضعف هذا الدور ومحدودية امكانياته ،فضلاً عن ضعف تأثيره على دوائر صنع القرار أوتشكيل رأي عام مضاد. يعني في عدن التي هي بلاحكومة يُـراد لها أن تكون أيضا بلا صحافة, وتسير مربوطة العينين إلى مهاوي الردى.
فحين ينزعج مسئول كبير بالمؤسسة العامة للكهرباء بعدن من زيارة صحفي في يده قلم وفي الأخرى كاميراء ويأمر هذا المدير بعدم السماح له بالدخول الى منشأة كهذه للتأكد من واقعة فساد مفترضة, وهذا المسئول مُقِـر ضمناً أن فيها عملية فساد وتلاعب وتسيب متعمد, فهذا الإنزعاج يدل على أن الفساد وبرغم ما يتمتع به من قوة وأذرع أخطبوطة زئبقية متشابكة عمرها أكثر من عقدين من الزمن إلا أن فرائصه ترتعد من زيارة صحفية, وتحقيق صحفي قد يكون مصيره كورقة في مهب الريح ساقطة.
ويدل على أن للصوص قلوب ضعيفة مهزوزة, وعضلات هشة ترتعد من أي تسليط للضوء على عتمة الفساد والسرقة, وأن الصحافة ( الصحافة الجادة النزيهة أقصد ) بمقدورها- إن وجدت قليل من المساندة والدعم المعنوعي من الخيرين والشرفاء أن تهز عروش ممالك الفساد وتقوض أدواتها, وترميهم خلف الحجب, وتكون عوناً لبناء المستقبل.
(صحيفة وموقع عدن الغد) مثالاً, بصرف النظر عن الأختلاف أو الاتفاق عن الطريقة التي تعمل بها, إلا أنها المتاح حالياً, والسهم الوحيد الموجود بالكنانة, إلى أن تعاد الأمور الى سابق عهدها وتعود الصحف المتوقفة كصحيفة (الأيام) العدنية وباقي وسائل الإعلام الأخرى الى ممارسة مهامها الإعلامية والصحفية.