روائح كريهة تنبعث من معاشق تكاد تزكم الأنوف
د. أنور الصوفي
قبل أيام استمعنا لتصريح الشيخ أحمد صالح العيسي وسمعناه وهو يتهم الدكتور معين بالفساد ويصفه بأنه جاء في كرتون، وأنه غير مؤهل لقيادة الحكومة، وغيرها من الواوات التي تفتقر لدليل، ولكن الرجل تحدى، وطلب النزال أمام القضاء.
ظهر الدكتور معين عبدالملك ليرد، ولكن رده كان بعيدًا عن تسمية الأشخاص، ولكنه كان يلمح بصريح العبارة لأشخاص، ويذكر شركات بالاسم، وهذه الردود كانت بمثابة روائح كريهة تم نبشها من فوق تبة معاشق لفساد متراكم هنا وهناك، فكأني بالدكتور معين وهو يبحث بعصا طويلة من فوق تبة معاشق، لينكش في الميناء بعصاه تارة، وفي الاتصالات تارة أخرى، وفي اتفاقيات النفط والغاز فيثير ببحثه هذا روائح تكاد تزكم الأنوف.
ردود الدكتور معين كان الرجل فيها رابط الجأش، وأكثر مسؤولية في طرحه وردوده، ويبدو أنه واثق من نفسه وقيادته للحكومة، وصرح عن مليارات كانت تذهب للفاسدين، ولكن الدكتور تأخر عن الإعلان عن هذا الفساد المهول، ويبدو أن تحرك رئيس الحكومة هو من أغضب بعض رؤوس المال، وجعلهم ينالون من رئيس الحكومة.
تأخر الشيخ العيسي عن الحديث عن فساد الدكتور معين كما قال عنه في حديثه، وكذلك تأخر الدكتور معين في نبش تلك الأكوام من الفساد التي انبعثت روائحها فكادت تزكم الأنوف.
الجميع يعلم والكل يدري أن لا محاكمات لأرباب الفساد في هذا الوطن، فالفاسد إذا فاحت ريحته يُكرم، ويحول من منصب لآخر كنوع من تخفيف الرائحة الكريهة.
ستمر الأيام ويذهب الشخصان الدكتور والشيخ، وستنتهي تلك الاتهامات، وستطوى قضية المليارات المنهوبة، وبعد أن يفرغ هذا الشعب من متابعة مباراة التحدي بين الدكتور والشيخ سيجد نفسه يتحسس على بطنه، وسيسمع صفير الجوع الداخلي، وساعتها سيأتي متحدثون جدد عن الفساد، وسيعود المواطن للمتابعة، وهكذا سيعيش الفاسدون يتلاعبون بكرة الفساد، وسيتناقلونها من فاسد لآخر ليتلهى المواطن وليستمتع بمباراة فسادهم، وسيظل كل مسؤول ينعت قرينه بالفساد، وستذهب مليارات الفساد إلى جيوب الفاسدين.
يا الله كم هي المليارات التي تحدث عنها الدكتور معين، فهي كفيلة بترميم حياة الموظف، ودبغ أمعائه، وإسكات جوعه، وستغنيه عن سؤال المذلة، ففي حين يقف أساتذة الجامعة أمام بوابة المعاشق مطالبين بتسوياتهم وعلاواتهم وحقوقهم، يتصارع الفاسدون على أكل مليارات الوطن غير مبالين بأولئك الأساتذة، فهؤلاء الفاسدون مجموعة أشخاص لا يعرفون من هذه الحياة إلا جمع الأموال، وسنقتص منهم في يوم يقتص الله فيه للشاة الجلحاء من ذات القرن، وسلامتكم.