عن انتفاضة عدن وسلطات الأمر الواقع الأكثر تخلفا !

أحمد ناصر حميدان

أضحت مدينة عدن أكثر مناطق اليمن تضررا من هذه الحرب العبثية،  وهي المدينة الأكثر تعرضا منذ الاستقلال من حروب الرفاق، التي أفقدتها الكثير من خصوصيتها، بعد غزو الريف، وعقلية القبيلة والعصبية، لمدينة كانت منارة ثقافية وفكرية، وإشعاع ثوري ونضالي للمشروع الوطني والإنساني في المنطقة.

حرب اليوم مختلفة، حرب أجندات إقليمية و دولية ومشاريع استعمارية  تستهدف بدرجة أساسية مقومات النهضة والتطور بالبلد، وكانت عدن النقطة المضيئة في البلد التي يجب أن تنطفئ، وهي اليوم تتعرض لشتى سبل العقاب والتدمير, سبل الإنهاك، من خلال فرض سلطة أمر واقع أكثر تخلفا واستحواذا والاستئثار بالحكم والثروة، وتقييد المدينة ومقوماتها، وإذلال وإهانة أبنائها كوادر ومثقفين وشخصيات مؤثرة لضمان تحييد المدينة عدن، من ريادة التغيير، وصناعة التحول، أو حتى الخوض في إرثها وتجربتها الديمقراطية، وقبول الآخر، والتنوع والتعايش بين الأطياف والأعراق والثقافات والعقائد.

منذ تحرير عدن من قوات الحوثي وعفاش وهي تستهدف.. استهدفت النقابات بشتى تخصصاتها، والأحزاب والمنتديات والجمعيات، تم سلب إرادتها  وتحويلها لمجرد دكاكين لسلطة الأمر الواقع، لقتل روح المجتمع المدني، بقتل أدواته الحية، التي يمكن أن تحرك الجماهير.

بعد أن ضاقت المدينة وضاق أبناؤها ذرعا من سلطة القمع والفشل وخطاب الكراهية والعنصرية، وثقافة المناطقية وتلاه فقدان للدولة، أفقد المدينة العمل المؤسسي، ودمر خدماتها وحرم أبنائها من حقوقهم، وحول المدينة بيئة غير صالحه للسكن، تحركت الجماهير غاضبة ترفض هذا الواقع وادواته.. ترفض المزايدة وشعارات الزيف والوهم  وتدعو لتغيير واقعها.

بهذه الاحتجاجات، عرف من لم يعرف بعد خصم عدن، من خلال ما تتعرض له  الاحتجاجات والوقفات المعبر عن حال الناس في عدن، يتصدى لها القائمون على إدارة هذا العبث، القوى المستفيدة والموظفة للعبث والغارقة اليوم بالانتهاكات والفساد، وهي تدافع عن نفسها من مواطن ثائر، يطالب بإرساء العدالة والحرية والمواطنة والحكم الرشيد  التي ستفضي لواقع يحاسب ويعاقب هؤلاء.

عدن تنتفض اليوم وترفض سلطة الأمر الواقع، وأدوات العبث الإقليمي والدولي، وتتعرض الانتفاضات للقمع من سلطة الأمر الواقع  والطامحين لتغيير واقعهم وإصلاح أحوالهم، بالترهيب  والترغيب، وإثارة الفتن التي هي أسوأ ما يمكن أن يدمر الشعوب والأمم .

عدن مجتمع مدني واعي، فيه القليل من المتحمسين دون وعي والكثير من القادمين إليها والمتعصبين عرقيا وسلاليا وقبليا.. عدن بالنسبة لهم مجرد أرض يجب أن يحكموها بالقوة، أرضها غنيمة لهم، مقوماتها الاقتصادية ملكا لهم، إيراداتها فيد، وإنسانها لا قيمة له عندهم، يصنفونه بتصنيفات عقيمة بعقلية مهزومة، كل هذا مدبر بعناية من دول ترى عدن منافس قوي  إن نهضت فلا يستطيعون منافستها؛ كموقع استراتيجي ومقومات بشرية , وتجربة وارث وتاريخ مشرف .

عدن اليوم ليس كما قبله.. فقدت الأمل بالقائمين، وذاقت مرارة الخذلان، وهي اليوم تنفض من على كاهلها غبار الذل والمهانة، وترفض أن تكون تابعا، ستكون كما عرفها العالم رائدة في التحول والتغيير لمستقبل أفضل لليمن والمنطقة.

You might also like
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com