ظاهرة تفشي سرطان الفساد في البلاد ..!!!!

اكرم الحريري

لا الهيئات المختصة ولا المؤسسات المعنية، ولا أي جهة تأتي بمهام محددة قادرة على التدخل الكامل والتقليل من مسبباته ومحاصرة أبطاله ، لتصلح الحال الذي آل الى ماهو عليه من فنون وأساليب احتيال ونصب لها مدارسها وشخوصها ،ليست تلك الجهات بقادرة على تحريك أي ساكن ، فالحال وصل لدرجة فاقت  السقم الذي لا أمل من شفاءه ، وأضحى الفساد مهيمناً ، في كل مفصل ومرفق ، وفي أي معاملة أو مراسلة أو خدمة ،  فالفساد والشخص الفاسد اتخذ له كل وسيلة ممكنة لتأصيل وتسويق لوازمه ولواحقه، وسخرَّ كل الإمكانات في سبيل وصوله إلى هدفه ومبتغاه، ولا يتوقف الأمر عليه فحسب، بل سعى سعياً حثيثاً إلى إفساد من حوله، ونشر الفساد في أرجاء المؤسسة أو الجهة المتواجد فيها وما أكثر الوقائع اليوم، فاستعظم الأمر، واستحال اجتثاثه واجتثاث الفاسدين ومن معهم، وباتت بعض  المؤسسات رهنهم رغم امتلاك تعدد الوسائل التي تسعى إلى قمعهم وإبطال فسادهم، لكن الجهات المعنية ربما  تكون غير قادرة ببعض الأحيان .
والمتمعن في الجهات التي طالها الفساد  يرى عجباً  من  أن  من كلف و وسد له أمر مؤسسة أو ادارة أو دونها أصبح هو على رأسها متهماً ،عادة يكون الفساد دونه في غياب الرقابة منه، وكثيرة هي الحالات  التي ينتشر فيها الفساد والاهمال وتباطؤ العمل لإشاعة جو الرشاوى وابتزاز المواطن ، فصار طلب الاكرامية _ حق القات _ للرجال و _فتح الادراج__ عند النساء  تطلب صراحة وكأننا في “بازار ” حقيقي ، كل شيء له سعره وتكلفته، مسألة خدمة لوجه الله ، صارت من المنسيات ، والنشاز ، أجواء كلها سمسرة ، فضاع الصالح بالطالح واختلط الحابل بالنابل وتاهت البوصلة ، ولم تعد القيم والأخلاق  بمحل ، كله ذهب مع الريح ، ريح الغلاء والتضخم وضعف الدولة وتراخيها ، والكل يغني على ليلاه ، واللهم نفسي ، فمع موجات غلاء المعيشة والظروف الاقتصادية الصعبة ، ظهرت وتنوعت طرق الفساد ، كله مسعر  حتى كلمة التحية ” مرحباً ” لها حساباتها وتكاليفها ، فكيف التلفونات وتشغيل الوساطات ..؟  فهي أن يخطب المسؤول بأنه كافح كل قنوات الاهمال ، وعينه على شخوص الفساد ، إلآ أن هناك بعض من المسؤوليين من يتخفى بالفساد قد يظهر في الاحتفالات  واللقاءات الخاصة ، وغيرها يقف على أنه رأس الإنجاز وعنوان الصلاح الذي تحقق في اداراته أو مؤسسته أو غيرها بمنظر مهيب، وخطاب حنان طنان لا يخلو من الحماسة والتنميق والتصفيق، لكن واقع الحال وبمرور الأيام وتتابعها يتبين أن ما أخفاه من فساد بانت رسومه، وأصبح ظاهراً لا مراء فيه ، وأنه عاش زمناً وأنه  عازم أن يعيش به دهراً ، وانه وأتباعه من الفاسدين برغيد العيش .

لا أقول   جديداً او شيئاً غريباً ، الفساد  في الشارع ، في المدرسة ،  ، في الدوائر ، وبين علاقات الناس ، وفي كل مكان …
ياترى هل مكافحة تلك الظاهرة وهذا السرطان أو التقليل من انتشاره لأمر صعب …؟    وحتى لا يختلط الحابل بالنابل وننقذ مايمكن إنقاذه في هذا البلد ،  فلا بد من علاج أوجه القصور في كل وزارة ومؤسسة حكومية في ترتيب الوظائف على أسس علمية مهنية، يراعى فيها صلاح من يوسد الأمر إليه، ويحاط بسياج منيع ممن يراقبون سير عمله وحسن سلوكه من خلال جهاز حيادي يكون فيه من همهم صلاح الأمور وحسن إتقانها، ولا ينقصنا الا الإرادة والقرار بالمعالجة التي  يجب أن تطال كل من اساء أو ارتكب أو سرق ، فأجهزة الادارات الرقابية  قادرة، فيتحتم الأمر تسخير كل الإمكانات التي تمكنهم من تتبع جذور الفساد وإيصالها إلى القضاء العادل بقوانينه ورجاله.
وأخيراً ..ليست العبرة بالمؤسسات، ولا الهيئات، ولا الوزارات، ولا غيرها في كبح جماح الفساد، وإنما بالأمانة، إذا ما وجدت الأمانة والضمير وأخلصت النوايا في ظل الجهات الرقابية والوسائل الإصلاحية تحقق المطلوب .

#اكرم_الحريري

You might also like
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com