عدن.. المدينة المنكوبة !!
جهاد جميل محسن
لم تتطور وتزدهر مدينة عدن في تاريخها السياسي والاجتماعي الا عندما عاشت وتعايشت مع مختلف الأجناس والجنسيات، وتقبلت الأخر باختلاف عرقه وجنسه وعقيدته، وآمنت بمبدأ الحياة والعدالة والمساواة الاجتماعية، حتى أصبحت عدن في ظل الحكم البريطاني هي المدينة الجنوبية اليمنية الوحيدة التي اختزلت مبكرا سنوات مستقبلها في حقبة سميت بالحقبة الذهبية، تفوقت فيها على مدن وعواصم عربية تقف اليوم في مصاف التطور والازدهار والحداثة، بعدما كانت في ذلكم العصر شيء لم يذكر.
كانت المدينة عدن قبلة إنسانية مفتوحة ذراعيها الدافئة لكل الوافدين إليها من شعوب العالم بمختلف ثقافتهم وتقاليدهم وأعراقهم، وجسدت وقتها ملامح التقدم والتطور والريادة، وسوق التجارة العالمية الحرة.
أنهارت عدن عندما أنهارت القيم الإنسانية، وأندثرت فيها سمات المدنية، وكرست فيها النعرات والأنساب المناطقية والعرقية، وإلغاء الأخر بمعتقده وعقيدته، وتحولت عدن من مدينة عصرية إلى قرية متخلفة، والى ساحات حروب لتصفية الحسابات السياسية المناطقية.
اليوم تطورت الحالة المزرية، وكستها ثقافة الفئات الضالة التي سيطرت على زمام الأمور فيها، حتى غدت اليوم عدن مجرد (عدم)، وأصبحنا نرى هناك من يلغي العدني من هويته، ويشكك الوطني في نزاهته، ويحول عدن من مدينة حضارية مدنية إلى ساحة معتمة ومتدنية، وذلك بفعل الثقافة الدخيلة عليها من الجماعة المارقة ذات التوجهات العنصرية المناطقية، إن ما تعنيه عدن اليوم هي أزمة عقول وأخلاق وثقافة.
نقولها.. يوما سوف تطردك عدن.. يا هذا !!..
إذا لم تكن عند مستوى تفكيرها وثقافتها.. وترتقى إلى قيمة سلوكها الإنساني والاخلاقي.