إنعقاد برلمان صنعاء يوجه ضربة قوية لشرعية هادي

المشهد الجنوبي الأول/متابعات

تلقى التحالف العربي الذي تتزعمه المملكة العربية السعودية، ويدعم عودة “عبد ربه منصور هادي وحكومته الى اليمن بالحل السلمي، او العسكري ضربتين قويتين في الايام القليلة الماضية، الاولى عندما انهارت مفاوضات الكويت، التي يشرف عليها مبعوث الامم المتحدة اسماعيل ولد الشيخ بعد 99 يوما، والثانية اليوم السبت عندما بدأ مجلس النواب اليمني (البرلمان) جلساته رسميا للمرة الاولى منذ تشرين الثاني (نوفمبر) عام 2014، حيث منح الثقة في حينها لحكومة المهندس خالد بحاح.
التحالف كان يريد اتفاقا سياسيا يعيد هادي الى السلطة، يجري توقيعه في الرياض او مكة، ولكنه لم يخطر على بال قيادته السعودية ان وفد أنصارالله والمؤتمر، كان من الدهاء لدرجة الاستمرار في مفاوضات الكويت دون تقديم تنازل واحد، وقرر الانتقام منه في مواصلة قصف مكثف لطائرات “عاصفة الحزم” للعاصمة صنعاء، ومنع الطائرة العمانية التي كان من المقرر ان تقله من مسقط الى صنعاء للمشاركة في جلسة مجلس النواب من المغادرة، وهو اجراء يكشف عن “رعونة”، وتجبر، وانهيار اعصاب اصحابه. هادي استشاط غضبا عندما تناهت الى اسماعه أنباء انعقاد البرلمان، ووصف هذه الخطوة المفاجئة بأنها “تشكل انتهاكا للدستور، وجريمة تستوجب العقاب، ومن يشارك فيها يعرض نفسه للمساءلة”.
إنعقاد مجلس النواب اليمني الذي يسيطر حزب المؤتمر على اغلبية مقاعدة، ولاول مرة منذ عامين، ينطوي على اهمية خاصة يمكن اختصارها في النقاط التالية: اولا: يعكس هذا الانعقاد عمق التحالف بين انصار الله والرئيس السابق علي عبد الله صالح، وفشل كل الرهانات في الرياض وعواصم خليجية اخرى على حدوث إنقسام بين الجانبين يؤدي الى صراع على الحكم، وربما المواجهة العسكرية.
ثانيا: جاء هذا الانعقاد بعد تراجع التيار أنصارالله في الاعلان الدستوري الذي اصدره في ايار (مايو) عام 2015، وحل بمقتضاه البرلمان، ومجلس الرئاسة، لمصلحة اللجنة السياسية الثورية العليا، وهذا يعني العودة للاعتراف بشرعية البرلمان المنتخب مجددا.
ثالثا: اصبح البرلمان، وفي ظل التطورات الاخيرة، هو الشرعية الاكثر تمثيلا للشعب اليمني وقواه الحزبية والسياسية، والسلطة التشريعية المؤهلة لاتخاذ القرارات العليا، ومن بينها قبول استقالة هادي، واسقاط الشرعية عن كل قراراته، بما في ذلك تشكيل حكومة بن دغر التي لم تحظ بثقته، اي البرلمان.
رابعا: بات بامكان المجلس الغاء مبادرة السلام الخليجية التي وصل بمقتضاها هادي الى السلطة، واعادة حكومة بحاح الى العمل، والتصديق على المجلس السياسي الاعلى الذي اسسه تحالف أنصارالله والمؤتمر، بالتوافق لادارة شؤون البلاد بالتناوب.
نستبعد ان يلجأ تحالف أنصارالله والمؤتمر الى استصدار قرار عن البرلمان بالغاء المبادرة الخليجية، التي هي سعودية في الاساس، ولكن لا نستبعد، بل لا نستغرب، قبول هذا البرلمان لاستقالة هادي رسميا في الايام والاسابيع المقبلة، كرد على التصعيد العسكري، واعلان “النفير” في تعز وباقي المناطق. الردود التي سيتم الاقدام عليها من قبل أنصارالله كرد على التصعيد العسكري، ربما تكون تدريجية ومدروسة بعناية، بحيث تظل محصورة في “استفزاز″ القيادة السعودية، وتقليص شرعية هادي وحكومته الى الحدود الدنيا، مع الحرص في الوقت نفسه على تجنب إغضاب الامم المتحدة وامريكا واوروبا. أنصارالله والمؤتمر، وباختصار شديد، قررا التصعيد السياسي الذكي المحسوب بعناية، جنبا الى جنب مع تصعيد عسكري مواز على الحدود الجنوبية، السعودية الخاصرة الاضعف لقيادة الرياض، ومؤسستها العسكرية. نجاح تحالف أنصارالله والمؤتمر، في انعقاد مجلس النواب مجددا يشكل انجازا سياسيا كبيرا يؤكد قوته وصلابته، واستعادته لزمام المبادرة بعد 16 شهرا من انطلاق “عاصفة الحزم”.
You might also like
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com