إنعدام الخدمات والمجاعة جائحات تفتك بمواطني عدن منذ سنوات
المشهد الجنوبي الأول _ عدن
تعيش مدينة عدن جنوب اليمن، وتتعرض منذ سنوات لجائحات وآفات صحية وتعليمية ومعيشية وخدمية وإجتماعية وإقتصادية وإنسانية فتكت بمواطني وأهالي المدينة، وتسببت في وفاة وتشريد ومرض وتجويع وإفقار شريحة واسعة منهم، وتتفاقم وتتوسع يوم بعد يوم، حتى تصل الى مستويات كبيرة جدا لربما لا تستثني احد منهم مع مرور الأيام.
منذ سنوات طويلة تصل الى نحو ربع قرن من الزمان، بدأت تلك الجائحات بالظهور شيئا فشيئا في عدن ، لكنها تسارعت بالنمو وتفشت بصورة اكبر منذ الإحدى عشر سنة الماضية وعلى نحو ابشع منذ ما بعد 2015.
تفشت كل تلك الجائحات والآفات على مرأى ومسمع الحكومات اليمنية المتعاقبة والسلطات المحلية المتوالية على حكم المدينة، لم تكن وليدة اللحظة، او نتيجة سببية لفعل ما، بقدر ما كانت تراكم مهول لتركة ضخمة من الفساد والإهمال والتجاهل والصمت والتعذيب الممنهج والعقاب الجماعي الموجه ضد شعب بكامله في جنوب اليمن و مدينة بأسرها مثل عدن.
في عام 2020 وتحديدا في شهر ابريل، طل رئيس الحكومة اليمنية الاخير معين عبدالملك بتصريح من داخل الرياض، اعلن فيه مدينة عدن منكوبة بسبب الامطار والسيول التي شهدتها وعدم وجود اي صيانة او تأهيل لمجاري وقنوات تصريف الامطار التي شيدت في عهد الاستعمار البريطاني وكان اخر عملية ترميم لها في خمسينيات او ستينيات القرن الماضي ، في مشهد دراماتيكي، متناسيا أن عدن مدينة منكوبة منذ سنوات طويلة.
وبعد بأيام أعلن ايضا حالة الطوارئ الصحية في عدن بسبب تفشي كورونا، عبر تصريح لم يتجاوز سقف ذات الغرفة بالرياض، وظل كذلك مؤرشفا في محرك بحث جوجل مؤرخا، بينما عدن كانت ومازالت تكتوي بجائحات وآفات وامراض وانهيارا تاما للاوضاع الصحية و للخدمات، اشد فتكا وهولا وفظاعة.
منذ ذلك الحين اي 2020 وحتى اليوم، شيدت دولا عربية واجنبية عشرات بل مئات المستشفيات والمراكز والمجمعات الصحية، ووسعت المشيد من سابق، بينما طوارئ الحكومة ونكبة معين، ماتزال زلة لسان قيلت وأؤرشفت، فماتزال عدن تعيش ذات نكبة العام الماضي وبنفس المستشفيات والطاقة السريرية، كيف لا؟ والعقليات لم تتغير والوجوه لم تتبدل!!
خدمة الكهرباء احدى ابرز الخدمات الاساسية المنهارة في عدن منذ اعوام مديدة، محطتها الكهروحرارية الرئيسية باتت جزءا من تاريخ عدن وارثها التاريخي وهي تدخل عامها الخامس والاربعين منذ توريدها من الاتحاد السوفييتي حينذاك.
محطات توليد حكومية مؤقتة متهالكة، مولدات متردية، خدمة منهارة، تعتمد على الطاقة المستأجرة المتدهورة هي الاخرى، بينما اصبح العالم في الالفية الثالثة واعتماده تحول الى الطاقة البديلة، في حين ما تزال عدن تعيش في القرن التاسع عشر والعشرين.
أصبح نصف سكان عدن تقريبا تحت خط الفقر ومهددين بالمجاعة في ظل استمرار ارتفاع اسعار الصرف وتدهور القيمة الشرائية للعملة المحلية، وسط ثبات معدلات دخولهم ومرتباتهم الشهرية التي لم يطرأ عليها اي زيادة او تسوية منذ عشر سنوات تقريبا، ومتوسط دخل الفرد فيها لا يتعدى حاجز الـ 100 دولار.
كل تلك الافات والجائحات لم تكن شفيعة لاهالي عدن امام الحكومات اليمنية وسلطاتها التنفيذية والمحلية، وامام المنظمات الخارجية والتحالف العربي والدول المانحة التي تنكرت لهم جميعا وتجاهلت كل معاناتهم الانسانية، رغم تشدقهم بالاوضاع الانسانية وحقوق الانسان.