ثورة أكتوبر.. هل يدرك الانتقالي طبيعة الموقف الإسرائيلي من انسحاب بريطانيا في 67 ؟
المشهد الجنوبي الأول | تقرير
علاقة جنوب اليمن بإعادة تطبيع العلاقات بين الإمارات وإسرائيل ليس وليد اللحظة، فالإمارات تعمل اليوم لصالح بريطانيا فيما يتعلق بالتواجد العسكري جنوب اليمن على السواحل والجزر، وأثناء الاحتلال العسكري البريطاني لجنوب اليمن نجد أن إسرائيل كانت حاضرة في هذا الاحتلال وهذا ما تحكيه اعترافات ووثائق ومراسلات إسرائيل وبريطانيا وأمريكا مع بعضها البعض.
في عام 1967 عندما حدث استقلال جنوب اليمن كانت إسرائيل هي الدولة التي اعترضت على خروج بريطانيا من عدن وقدمت أكثر من طلب مباشر لبريطانيا بالبقاء كما عملت من خلال اللوبي اليهودي في أمريكا على مطالبة واشنطن بالضغط على بريطانيا ومنعها الخروج من عدن ثم طلبت مرة أخرى تأخير وتأجيل هذا الخروج.
ووفقاً لما تحكيه الوثائق والمراسلات الدبلوماسية بين إسرائيل وبريطانيا وبين إسرائيل وأمريكا والتي تم كشف الحجب عنها وأصبحت متاحة لوسائل الإعلام، فإن آخر طلب إسرائيلي من بريطانيا هو مطالبة بريطانيا بأن تبقي على تواجدها على الأقل في جزيرة ميون في باب المندب وعدم التنازل عنها.
ولعل مما تجدر الإشارة إليه هنا، وما جرى محاولة تغييبه عن الأجيال الحالية من وقائع تاريخ اليمن الحديث، هو أنه حين اشتدت المقاومة اليمنية الجنوبية ضد المستعمر البريطاني، وخرج الأخير من جنوب اليمن، سارع اللوبي الصهيوني في الأمم المتحدة إلى طرح مشروع تدويل جزيرة ميون “بريم”، بل إن إسرائيل حاولت الضغط على القوى العالمية ودفعها لأن تقرر أن تكون منطقة باب المندب خارج السيادة اليمنية وجعلها منطقة دولية أو خاضعة للإدارة الدولية لكنها فشلت في ذلك كله بسبب قوة الموقف اليمني حينها.
اختلاف الأدوات
قبل ثورة 14 أكتوبر 1963 في جنوب اليمن كانت إسرائيل تعتمد على بريطانيا فيما يتعلق بالنفوذ في جنوب الجزيرة العربية، وتحديداً التواجد في مياه خليج عدن وباب المندب وجنوب البحر الأحمر، وبعد أن خرجت بريطانيا ظلت إسرائيل تعمل على محاولة أن تجد لها موطئ قدم للسيطرة على جنوب اليمن وتحديداً الشريط الساحلي والجزر، وهنا يرى مراقبون ومتخصصون في دراسة التحرك والنفوذ الإسرائيلي غربيين وعرب منهم مصريين أن على أبناء اليمن في المناطق الجنوبية التنبه لدور إسرائيل في ما يحدث اليوم في اليمن شمالاً وجنوباً، مؤكدين إن لإسرائيل دور في اليمن وتحديداً في الجنوب وأن هذا الدور يتجدد بشكل كبير ويتوسع عن طريق الإمارات، وهو بالفعل ما بدأ يتحقق على أرض الواقع من خلال إعلان الإمارات المسيطرة على جنوب اليمن تطبيع علاقاتها مع إسرائيل وما تم تسريبه فيما بعد من عزم إسرائيل على إنشاء قاعدة عسكرية استخبارية في جزيرة سقطرى.
الانتقالي ينقلب على ثورة 14 أكتوبر
لم يعد خافياً على أبناء المناطق الجنوبية لليمن أن المجلس الانتقالي الجنوبي الموالي للإمارات، انقلب على أهداف ثورة 14 أكتوبر التي قامت على أساس التحرر من الاستعمار البريطاني، حيث سمح الانتقالي للإمارات باحتلال أهم الجزر جنوب اليمن، ولا يستطيع الانتقالي اليوم أن يقف بوجه الإمارات التي تعمل كأداة فقط لصالح بريطانيا بالدرجة الأولى وإسرائيل بالدرجة الثانية.
وبما أن العلاقات بين الإمارات وإسرائيل باتت مكشوفة ومعلنة، فعلى أبناء الجنوب أن يعتبروا الوجود العسكري الإماراتي هو وجود إسرائيلي وأن ما ينفذ اليوم في سواحل وجزر الجنوب هو بقرار إسرائيلي بامتياز، والسبب في ذلك هو أن اليمن شمالاً وجنوباً في عقلية إسرائيل تقوم على التالي: “من يحكم في اليمن شمالاً أو جنوباً يجب يكون تابعاً لإسرائيل أو على الأقل شخص ليس لديه طموح لبناء دولة”، ما يعني أن الإمارات لن تسمح بحدوث أي استقرار في المناطق الجنوبية التي تسيطر عليها ولن تسمح بأي نهضة في الجنوب، بدليل عدم سماحها للانتقالي بتشغيل ميناء عدن أو ميناء الزيت أو ميناء المكلا أو ميناء بلحاف وعدم السماح باستخدام المطارات الرئيسية الدولية كمطار الريان بالمكلا، وهو ما يعني أن الانتقالي أصبح شريكاً في إعادة الاحتلال الخارجي لجنوب اليمن.