الأهداف الخليجية غير المعلنة تتحقق ذاتها تحت غُـبار الصراعات الداخلية ونقع خلافات أصحاب الأرض.. وبإشراف بريمر اليمن

رأي اليوم – صلاح السقلدي

 

التقدم العسكري الذي تحقّـقهُ قوات الحركة الحوثية” أنصار الله ” بجبهات القتال المتاخمة للمحافظات الجنوبية باليمن هو نتيجة منطقية ومتوقعة الحدوث بعد التراخي العسكري الواضح الذي تنتهجه القوات الموالية للسلطة اليمنية المُــعترفَ بها دوليا والمعروفة بــــ”الشرعية” ليس تعاونا صريحا مع الحركة الحوثية -وأن كان هذا ما يعتقد به الجنوبيون ومقتنعون به تماما- ولكن نكاية بالقوى الجنوبية التي تنشد استعادة دولة اليمن الجنوبي ما قبل وحدة 1990م المتعثرة- كما أن هذا التقدم  يأتي بعد تثاقل طائرات التحالف السعودي الإماراتي بعملياتها على تلك الجبهات / وهذه   قرصة من التحالف بالأذن الجنوبية عقاباً على الرفض الذي أبدته كثير من القوى الجنوبية لانعقاد جلسة مجلس النواب اليمني وبحماس سعودي كبير في مدينة سيئون الجنوبية قبل أسبوعين وهي الجلسة التي تمت بالفعل هناك برغم الرفض الشعبي والنخبوي الجنوبي الذي رأى فيها تجاهلاً خليجيا وداخلياً للخارطة السياسية التي تشكلت لتوها، مما يعني هذا وفقا للمنظور الجنوبي تجاهلا للقضية الجنوبية وضرب عرض الحائط بالتضحيات التي قدمها تحت مظلة هذا التحالف الذي يدير ظهره باضطراد للطرف الجنوبي، كما رأى الجنوبيون في عقد تلك الجلسة في أرض جنوبية إعراضاً عن حل القضية الجنوبية حلا عادلاً, وتطبيعا وتكريسا للأوضاع  التي كانت كانت سائدة منذ حرب 1994م والتي أفضت الى إزاحة الطرف الجنوبي من الشراكة الوحدوية وتفرد الطرف الآخر على كل الصُعد بما فيها السياسية بمعزلٍ عن الشريك الوحدوي الجنوبي.

فمنذ أكثر من  ثلاثة أعوام وبالذات بعد إجبار الحركة الحوثية وقوات الرئيس السابق صالح بالخروج من الجنوب تأزمت الشراكة العسكرية وأرتخى التعاون الهش الذي ظل يربط القوى الجنوبية بالقوى السياسية والحزبية الشمالية المناوئة للحركة الحوثية وحزب صالح برغم قبضة السعودية وهيمنتها على جميع حلفاءها ,كما شهدت العلاقة بين القوى الجنوبية والتحالف السعودية فتوراً واضحاً ما زال مستمرا بوتيرة عالية حتى الساعة بعد أن جعل السفير السعودي من نفسه بريمر صغير بالمن.. نقول انه منذ ذلك التأريخ تأزمتْ علاقة تلك القوى -شمالية وجنوبية -ببعضها البعض مع انحياز سعودي للطرف الشمالي، وانحياز إماراتي خجول الى الطرف الجنوبي خصوصا بعد تشكيل المجلس الانتقالي الجنوبي قبل عامين، فدخل الطرفان الجنوبي والشمالي على إثر ذلك الاصطفاف في دورات قتال دموية كان أشدها ضراوة في كانون ثاني يناير 2018م بمدينة عدن, مما ضاعف من حالة انعدام الثقة الرخوة أصلاً بين الطرفين ،عكس نفسه على مجريات المعارك بجبهات القتال، الى درجة بدأ يتشكل معها تحالف خفي بين القوات المعروفة بالشرعية والتي يغلب عليها مقاتلو حزب الإصلاح” إخوان اليمن” وبين قوات الحركة الحوثية- أو هكذا تتطلع له قوات حزب الإصلاح بالجبهات الشمالية بعد تزايد منسوب العداء مع الطرف الجنوبي وتضاعف مخاوف الحزب مما يعتبره أطماعا إماراتية وسعودية باليمن جنوبا وشمالا على حدٍ سواء ويرى هذا الحزب  أو قطاع واسع داخل هيئاته الحزبية  ان الوجود الخليجي احتلالاً صريحا،بالتوازي مع اشتداد الأزمة الخليجية التي ألقت بظلالها الكئيبة على المشهد اليمني برمته وعلى وجه التحديد بالعلاقة بين حزب الإصلاح الإخواني – أكبر القوى التي تتكون منها السلطة المعترف بها والتي يقودها  الرجُل الضعيف الرئيس منصور هادي وبين التحالف.

وعلى ما تقدم يكون الحسم العسكري الذي ظل يتطلع له التحالف السعودي الإماراتي وشركاؤه المحليين بعيد المنال بل مستحيل الحدوث,في وقت يبدو  فيه الحل السياسي أيضاً مسدود الأفق تماما نتيجة تمنُّع التحالف من القيام بتسوية سياسية في ظل هكذا إخفاق عسكري وغياب القوى السياسية والحزبية  الموثوق بها والتي يعسى التحالف عبثا إيجادها بالساحة وبالذات شمالا لئلا يسد حزب الإخوان الفراغ العسكري والسياسي والجماهيري الذي تركه حزب الرئيس السابق…وبالتالي وعطفاً على ما تقدم يبدو التحالف في مأزق عصيب ويغرق في خضم عاصف باليمن ,مع إقرارنا بحقيقة أن هذا التحالف قد حقق الكثير من أهدافه الاقتصادية( الغير معلنة)، فهو يرسخ حضوره العسكري على الأرض يوما بعد يوم وبالذات على طول الشريط الساحلي الحيوي مِــن محافظة المهرة شرقا وميناءها الاستراتيجي ميناء نشطون (وهي المحافظة التي تعمل السعودية بصمت على إنشاء ميناء بحري لها للإطلالة من خلاله على بحر العرب والمحيط الهندي ليكون رئتها النفطية من حقول نفطها صوب الأسواق العالمية )  حتى الساحل الغربي بالحُــديدة مروراً بميناء عدن الهام ومضيق باب المندب الحيوي والجزر الأخرى. وبالتالي لا يرى التحالف السعودي الإمارات في هذا الصراع بين خصومه خطرا على تحقيق أجندته باليمن، بل أن هذا الصراعات هو فأل خير لصانعي القرار بالرياض وأبوظبي أن تدخل القوى اليمنية بما فيها المتحالف معهما في دوامة الصراع والتمزق ليتسنى للأجندة الخليجية  أن تحقيق ذاتها برويّة وهدوء تحت نقع هذه الخلافات وتحت غبار هذه الصراعات وعلى غفلة من الزمن وفي لحظة انشغال أصحاب الأرض بأنفسهم.

You might also like
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com