البشير يعلن تخليه عن حكم السودان
المشهد الجنوبي الأول ــ متابعات
وسط مظاهرات حاشدة مستمرة منذ أسابيع، أدرك أخيرا الرئيس السوداني عمر البشير، أنه لم يعد بالإمكان أن يبقى الحال على ما هو عليه، خصوصا أن الأوضاع الاقتصادية في السودان باتت على المحك، وهذا الأمر دعاه إلى الإعلان في خطاب تاريخي عن تعطيله نظر البرلمان السوداني في تعديلات دستورية كانت ستسمح له بالترشح مرة أخرى لرئاسة البلاد.
وهذا يعني أن البشير سيترك حكم السودان بعد عام من الآن، حيث تنتهي فترته الرئاسية بحلول عام 2020.
ويشهد السودان منذ ديسمبر الماضي احتجاجات مناهضة للحكومة، كانت آخرها اليوم الجمعة في الخرطوم وأم درمان، أكبر مدينتين في البلاد.
وردد المحتجون طوال هذه الأسابيع هتافات منها “الثورة خيار الشعب” و”تسقط بس”، في إشارة إلى أن مطلبهم الوحيد هو انتهاء حكم الرئيس عمر البشير.
كلمة البشير
وقد أعلن البشير كذلك، فرض حالة الطوارئ لمدة عام واحد وحل حكومة الوفاق الوطني وحل حكومات الولايات، وتشكيل حكومة كفاءات لإتخاذ تدابير اقتصادية صعبة.
وقال إنه “يدعو المحتجين للجلوس على طاولة الحوار لتجنيب البلاد المصائب”. وشدد على أن “وثيقة الحوار الوطني أساس متين للم شمل القوى السياسية في الداخل والخارج”، ودعا البرلمان إلى “تأجيل النظر في التعديلات الدستورية المطروحة عليه لإتاحة الفرصة للمزيد من الحوار”. وجدد العهد على أن يكون “رئيسا على مسافة واحدة من الجميع من الموالاة والمعارضة”.
وحث “قوى المعارضة التي لا تزال خارج الوفاق الوطني على الانخراط في الحوار”، وطالب البشير برفض لغة الإقصاء، وأوضح أن “الاختيارات الصفرية والعدمية لن تحل أزمة السودان”، مشيرا إلى “أهمية الحوار من منطق لا غالب ولا مغلوب”، وشدد البشير على أن “نظام الحكم اللامركزي هو الأفضل لقيادة بلاد متنوعة ومتعددة مثل السودان”.
وقال إن السودان “يجتاز مرحلة صعبة ودقيقة من تاريخه الوطني”، مؤكدا أن “البلاد ستخرج أقوى من هذه الأزمة، وستكون أكثر إصرارا على البناء”، وذكر أن البلاد شهدت مطالبات مشروعة بترقية الأوضاع العامة، موضحا أنه حرص على تمكين الأحزاب والافراد من ممارسة حرياتهم.
وقال الرئيس السوداني أن البعض حاول القفز على المطالب وقيادة البلاد إلى مصير مجهول، وأضاف “أننا لن نيأس من دعوة الرافضين إلى الجلوس تحت سقف الوطن بما يجنب البلاد النزاع”، مؤكدا على “الانحياز للشباب وتفهم أحلامهم المشروعة”.
قادة النظام
وكان مدير جهاز الأمن والمخابرات السوداني، صلاح عبد الله صالح، الملقب بـ”قوش”، قال في وقت سابق اليوم إن البشير، سيُعلن حالة الطوارئ في السودان وسيحل الحكومتين (المركزية والولايات)، كما سيوقف إجراءات تعديل الدستور، التي تسمح له بالترشح لفترة رئاسية جديدة.
وأكد قوش أن البشير سيكون رئيسا لجمهورية السودان فيما سيبحث المؤتمر الوطني عن رئيس آخر، إلا أن البشير في كلمته لم يعلن عن تخليه عن رئاسة الحزب الحاكم.
وإلى ذلك، أكد قيادي آخر في الحزب الحاكم أن الفترة التي تسبق الانتخابات تستدعي أن يكون البشير رئيسا قوميا للجميع.
تحركات سبقت القرارت
وقالت تقارير صحفية محلية في السودان، قبل كلمة البشير، إن البشير يعتزم اجراء تعديلات وصفت بالواسعة على هياكل حزب المؤتمر الوطني الذي يرأسه بجانب تعديلات في مناصب الولاة ومؤسسة الرئاسة.
وذكرت التقارير أن البشير استدعى ولاة الولايات لاجتماع طارئ، كما دعا الآلية التنسيقية العليا للحوار التي تضم ممثلي القوى المشاركة في الحكومة الى لقائه في الثامنة من مساء الجمعة.
ونقل موقع “سودان تربيون” عن مصادره أن البشير غاضب حيال وضع حزبه وتراخي قياداته عن مواجهة الأزمة الراهنة وترك الساحة لقوى المعارضة التي علا صوتها وهي تدعو لتنحيه.
حزب الأمة
وقد أعلن حزب الأمة القومي تمسكه بإعلان الحرية والتغيير الذي يشترط تنحي النظام بالكامل دون شرط.
وقال الحزب في بيان له اليوم الجمعة، إنّ ما بدأ يروج له النظامُ الآن من إيحاءٍ بتغييرات وزاريةٍ وهيكليةٍ وشيكة هو حيلٌ تجاوزها الشارع الثائر بمراحل وقد أصبح مطلب الشارع الآن رحيلُ النظام الكامل وبلا شروط.
مؤكداً إلتزامهم بالتظاهرات السلمية وأردف: الحزب يجددُ إلتزامه مع كافةِ فصائل المقاومة السلمية، ويعمل على تنفيذ برامج قوى الحرية والتغيير لهذا الإسبوع ودائماً، وستنتصر ثورة شعبنا، والحسمُ للحقِّ وأهله مهما علا الباطلُ وتجبَّر.
التجمع
من جهته، أعلن تجمع المهنيين السودانيين الذي يقود المظاهرات في السودان، مساء الجمعة، عن استمرار التظاهرات حتى تنحي الرئيس عمر البشير ونظامه.
وطالب بيان لتجمع المهنيين السودانيين بتسليم السلطة لحكومة قومية مدنية انتقالية، كخطوة أولى لإيقاف التظاهرات وإنهاء الأزمة.