منظمات دولية تطالب بإغلاق السجون السرية في الجنوب
المشهد الجنوبي الأول ــ تقرير – خاص
تصاعدت حدة النداءات لمنظمات حقوقية دولية تطالب بالتحرك الجاد لوضع حد للانتهاكات والجرائم التي تمارس في السجون السرية الإماراتية في اليمن بحق المعتقلين والمختطفين والمخفيين قسراً.
تلك المنظمات اتهمت الإمارات باعتقالات تعسفية بحق المواطنين وتعذيب المعتقلين والمخفيين قسرا في جنوب اليمن، داعية إلى فتح تحقيق حول تلك الانتهاكات باعتبارها جرائم حرب وتجريم فاعليها.
منظمة هيومن رايتس ووتش في تقرير جديد لها دعت الأمم المتحدة إلى التحرك العاجل لإنقاذ حياة المعتقلين في سجون القوات الإماراتية في جنوب اليمن، خصوصاً في مدينة عدن.
مشددةً على ضرورة ضم قضية المعقلين ضمن الملفات العاجلة في تحركات المبعوث الأممي إلى اليمن مارتن غريفيث من أجل إنهاء معاناة عشرات المعتقلين في السجون.
وذكرت المنظمة غير الحكومية، ومقرها أمستردام، أن معتقلين في عدد من السجون وعلى رأسها سجن بئر أحمد في عدن الذي تديره قوات الحزام الأمني الموالية للإمارات، اضطروا إلى الإضراب عن الطعام للفت أنظار العالم إلى قضيتهم المنسية، بعد أن واجهوا أقسى أنواع التعذيب والتنكيل.
ووفقا لهيومن رايتس فإن الإمارات تمارس مختلف أنواع العنف والتعذيب في حق نزلاء سجن بئر أحمد الذين يتعرضون لانتهاكات نفسيه وجسدية فظيعة ومنهم من فقد قواه العقلية في حين لم تتم محاكمتهم ولم توجه تهم لغالبيتهم.
منظمة العفو الدولية بدورها كشفت عن وجود العشرات من الأشخاص الذين تعرضوا “للإخفاء القسري” بعد “حملة اعتقالات تعسفية من جانب القوات الإماراتية وقوات يمنية موالية تعمل بمعزل عن قيادة حكومتها.
ولفتت إلى أن تحقيقا أجري في محافظات عدن، ولحج، وأبين، وشبوة، وحضرموت بجنوب اليمن، وثق استخداما واسع النطاق للتعذيب وغيره من أساليب المعاملة السيئة في منشآت يمنية وإماراتية، بما في ذلك الضرب والصدمات الكهربائية والعنف الجنسي.
واتهمت المنظمة الإمارات بتشكيل هيكل أمني مواز خارج إطار القانون، وبأن انتهاكات صارخة دون قيد تتواصل داخل هذا الهيكل، مطالبة بإجراء تحقيق دولي عاجل في دور الإمارات بتأسيس شبكات تعذيب في اليمن، مشددة على ضرورة تشكيل لجنة تحقيق تقودها الأمم المتحدة عن دور الإمارات وأطراف أخرى في ما وصفته بـ” الشبكة المرعبة للتعذيب”.
مديرة البحوث بالمنظمة أوضحت أن آلاف اليمنيين اختفوا في هذه الشبكة، وأن الإخفاء القسري والتعذيب جرائم يعاقب عليها القانون الدولي، مضيفة أن هذه الجرائم يجب التحقيق فيها ومحاسبة المسؤولين عنها.
أما وكالة “اسوشيتد برس” الأمريكيّة، فقد نشرت تحقيقاً جديداً عن التعذيب في سجون تديرها الإمارات جنوب اليمن، ويتهم المعتقلون اليمنيون ضباطاً إماراتيين باعتداءات جنسية إلى جانب صنوف أخرى من التعذيب.
ونقلت الوكالة عن شهود عيان أن الحراس اليمنيين العاملين تحت إشراف ضباط إماراتيين استخدموا أساليب مختلفة للتعذيب والإذلال الجنسيين، منها اغتصاب المعتقلين بينما يصور حراس آخرون الاعتداءات، وصعق الأعضاء التناسلية للسجناء أو تعليق الصخور في خصيِّهم.
وطلبت أسوشيتد برس من الولايات المتحدة والأمم المتحدة التعليق بشأن الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان التي ترتكبها الإمارات في اليمن، مستندة إلى تقارير موثقة عن التعذيب تحدثت عنها الوكالة ومنظمات حقوق الإنسان والأمم المتحدة.
إلى ذلك كشف تقرير صادر عن المرصد الأورومتوسطي، لحقوق الإنسان، أوضاعاً مأساوية يعيشها مئات السجناء القابعين في سجون تديرها الإمارات أو موالون لها في اليمن.
وأكد المرصد – وهو منظمة دولية تعنى بحقوق الإنسان ومقرها الرئيسي في جنيف – أن الممارسات ضدهم ترقى لجرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب، مشيرا إلى أن مئات المعتقلين تعرضوا للتعذيب الجسدي والجنسي والاعتداء الجماعي، فضلا عن ممارسات تعسفية غير إنسانية كنقلهم بطريقة غير إنسانية داخل شاحنات في حين تكون أعينهم معصوبة وأيديهم مربوطة إلى الخلف، ثم يتم تفتيشهم وهم عراة.
ووفقا للتقرير يتعرض المعتقلون إلى إهانة إنسانيتهم بتفتيش المناطق الحساسة لأجسادهم تحت تهديد السلاح، بالإضافة إلى ضربهم حتى النزيف وإطلاق الكلاب البوليسية عليهم.
منظمة سام للحقوق والحريات أكدت أن تلك الانتهاكات ترقى لجرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب، وأنه من المشين أن مثل هذه الممارسات تتم في سجون تتبع الدول التي من المفترض أنها جاءت لتساعد اليمن وتحمي المدنيين.
ودعت المنظمة المجتمع الدولي، ومجلس الأمن، إلى فتح تحقيق عاجل في هذه الجرائم وإحالة الملف إلى المحكمة الجنائية الدولية لمحاسبة المتورطين.
ووثقت المنظمة في تقريرها الكثير من المعتقلات، منها معتقل خور مكسر، ومعتقل معسكر العشرين في منطقة كريتر بالقرب من المقر الرئيسي للحكومة، ومعسكر الحزام الأمني في منطقة البريقة والذي كان يقوده قائد عوضته القوات الإماراتية بآخر، ومعتقل بئر أحمد، وهو مزرعة استؤجرت لإقامة سجن فيها، ومعتقل معسكر الإنشاءات وت
عرض فيه ضحايا للتعذيب من قبل قوات تتبع الحزام الأمني، ومعتقل معسكر الإنشاءات (معسكر الإسناد والدعم) التابع لأبو اليمامة، ومعتقل في منطقة البريقة، ومعتقل في قرية الظلمات وهي منطقة خلف البريقة.
كما رصدت المنظمة معتقلات أخرى في مدينة المكلا بمحافظة حضرموت شرق اليمن والتي يشرف عليها عسكريون إماراتيون وتمارس فيها أنواع مروعة من الانتهاكات التي وثقتها المنظمة، وأهم هذه المعتقلات معتقل الريان، ويقع داخل مطار الريان ويعد من أشهر المعتقلات غير القانونية، ومعتقل ميناء الضبة، ومعتقل ربوة في مديرية المكلا، ومعتقل القصر الجمهوري، ومعتقل غيل بن يمين، ومعتقل جزيرة سقطرى، وهو سجن أنشئ حديثا من قبل قوات الإمارات في الجزيرة.
في المقابل وثّقت منظمات حقوقية يمنية ومحامون مئات الحالات تعرّض فيها أشخاص للاحتجاز التعسفي أو الإخفاء القسري في مناطق تخضع رسميا لسيطرة حكومة هادي وتقوم قوات تدعمها الإمارات بارتكاب انتهاكات.
وكشفت تقارير متطابقة مع معلومات متضمنة شهادات لسجناء ومختطفين أدلوا بها لحقوقيين عن فظائع ما يحدث في السجون السرية في جنوب اليمن من تصفية جسدية للمعتقلين والمختطفين وتعذيب، إضافة إلى سرد مواقع وأسماء مقابر سرية ومعتقلين قتلوا نتيجة التعذيب وآخرين مفقودين وأسماء أو كنى للمسئولين عن التعذيب والتحقيق الذي يتعرض له المعتقلون.
ورصدت التقارير أكثر من 27 سجنا قديما وجديدا تتوزع في عدن وحضرموت وسقطرى، وجزيرة ميون على مضيق باب المندب، إضافة إلى سجن يقع في إريتريا حيث تمتلك الإمارات قاعدة عسكرية هناك.
وتعد الإمارات إحدى الدول البارزة في التحالف، الذي يقاتل في اليمن دعما لحكومة هادي، والتي اتخذت من عدن مقرا لها في مواجهة الحوثيين، الذين يسيطرون على العاصمة صنعاء ومعظم أنحاء الشمال.
وبحسب تقارير صادرة عن منظمات، فإن الامارات لعبت دورا مشبوها في اليمن بذريعة دعم الشرعية لأهداف استراتيجية أقرب للاحتلال عبر إنشائها لما يسمى قوات الحزام الأمني والنخبة الحضرمية والشبوانية المتورطة في انتهاكات للقانون الدولي الإنساني، إلى جانب إنشائها لسجون سرية داخل قواعد عسكرية وموانئ ومطارات، وفلل خاصة وحتى داخل مبان سكنية.
وحذر كتاب ومحللون دوليون من أن القوات التي تسلحها دول التحالف في اليمن، وخاصة الإمارات، تشكل تهديدا لأمنه واستقراره، مؤكدين أن قوات الحزام الأمني والنخبتين الحضرمية والشبوانية التي تتبع الإمارات قوضت حكومة هادي وأضعفت دورها، وأنها متورطة في انتهاكات للقانون الدولي الإنساني، معتبرين الاستمرار في إنكار دور الإمارات في الانتهاكات باليمن يوفر الحماية لمرتكبي تلك الانتهاكات.