الرئيس هادي في عدن.. مدينة تائهة في بحر هائج وتبحث عن مستقبل لا يمكن إدراكه

المشهد الجنوبي الأول ــ متابعات

حطت طائرة “اليمنية” في مطار عدن الدولي، جنوب اليمن، على نحو اعتيادي صباح الخميس 14 يونيو آخر أيام شهر رمضان، لكن غير الاعتيادي يكمن في أن الطائرة كانت تقل رئيس الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً الدكتور أحمد بن دغر وعدد من الوزراء الذين مكثوا خارج اليمن فترة طويلة.

بدا غياب رئيس الحكومة عن عدن لافتاً للانتباه بعد أزمة كبيرة نشبت بين الحكومة اليمنية ودولة الإمارات إثر قيام الأخيرة نهاية أبريل الفائت بفرض سيطرتها العسكرية على جزيرة سقطرى وتأكيد الأولى أن ذلك يمس السيادة الوطنية لليمن. كان ثمة رهان قائم بعدم عودة رئيس الحكومة اليمنية إلى مدينة عدن التي اتخذتها الحكومة عاصمة مؤقتة للبلاد.

تقع عدن على ساحل خليج عدن وبحر العرب جنوبي اليمن، وتبعد عن العاصمة صنعاء بمسافة تصل إلى حوالي 363 كيلو متراً.

يزيد عدد سكان عدن الآن عن مليون نسمة، وكان عدد سكانها وفق احصاء تم في 2004م بلغ 589,419 نسمة، وتعتبر أهم منفذ طبيعي على بحر العرب والمحيط الهندي فضلاً عن تحكمها بطريق البحر الأحمر، لكن سكان هذه المدينة صاروا – في سنوات ما بعد الحرب التي حلت بها في مارس 2015م – يعيشون في أوضاع مأساوية كما لم يعهدوها من قبل، وقد نزح إليها كثير من المواطنين من محافظات أخرى بعد أن طالتها الحرب، والسيء في الأمر أن الحرب مستمرة و لا أحد يعلم متى يمكن لها أن تتوقف.

ومنذ 26 مارس 2015 تعيش البلاد في حرب ضارية بين جماعة الحوثيين (أنصار الله) من جهة، وبين قوات يمنية تابعة للحكومة المعترف بها دولياً مدعومة بقوات التحالف العربي الذي تقوده السعودية ويشن ضربات جوية وبرية وبحرية في مختلف جبهات القتال وعلى معاقل الحوثيين، وتمكنت من خلالها استعادة السيطرة على أجزاء كبيرة في البلاد، لكن الحوثيين لا يزالون يسيطرون على العاصمة صنعاء وعدد من المحافظات والمناطق شمال البلاد.

ثمة ارتفاع حاد في نسبة البطالة في عدن وعموم اليمن، و يقابله ارتفاع مماثل في أسعار معظم السلع، وحدث انهيار في العملة الوطنية إذ وصل سعر الدولار الى مشارف 500 ريال للدولار الواحد.

قبل الحرب كان الدولار يعادل نحو 250 ريال، وصار الآن راتب موظف مسؤول في درجة متوسطة في السلم الوظيفي للدولة يعادل نحو 150 دولاراً في الشهر، وهناك من لا يستلم رواتبه على نحو منتظم.

وبشكل جنوني ارتفع سعر “دبة” البنزين سعة 20 لتراً إلى 6800 ريال بعد أن كان قبل الحرب يبلغ 3000 ريال.

يقول رئيس المجلس التنسيقي للمنظمات غير الحكومية في عدن عارف ناجي علي لوكالة “ديبريفر” للأنباء: “عدن اليوم بأمس الحاجة إلى إعادة التقييم وما آلت إليه الأوضاع خصوصاً الخدماتية لا سيما وأن عدن من المناطق المحررة، وكانت الطريق الذي مهد الانتصارات للمناطق الأخرى، لكن وضعها الاقتصادي متدهور ونافر”.

لا يصل الماء إلى سكان المدينة على نحو منتظم، ويعاني قطاع الكهرباء فيها من مشاكل كبيرة ومعقدة لا حصر لها من بينها فساد متضخم منذ سنوات، وصار في الفترة الأخيرة مصدر دخل لمتربحين من عقد صفقات لا تنتج أية حلول جذرية لهذا القطاع.

يقول لـ”ديبريفر” النقابي والناشط المدني في عدن مهيب شائف: “وضع الكهرباء في عدن هو الوضع الأسوأ الذي تعيشه المدينة منذ أن دخلتها خدمة الكهرباء، وهو نتيجة حتمية لإهمال قائم منذ عقود، ولعل السبب الرئيسي هو الفساد المتجذر في كل ما هو مرتبط بإنتاج الطاقة الكهربائية، فهي الدجاجة التي تبيض ذهباً بالنسبة لمراكز القوى والنفوذ التي تدير الفساد خصوصاً إذا ما عرفنا أن توليد الكهرباء مرتبط بتوفير وقود بعشرات المليارات سنوياً إضافة إلى مناقصات قطع غيار دائمة ومستهلكة بمليارات يأتي أغلبها مخالفاً للمواصفات”.

وللأسف، يضيف شائف: “وصل الحال بمنظومة الطاقة في عدن إلى فقدان ما يقارب 80 ميجا بسبب العبث والفساد، فمثلاً يصل توليد محطة الملعب إلى 15 ميجا بينما يجب أن تولد طاقة بمقدار 40 ميجا، وهكذا بالنسبة لمحطة المنصورة ولمحطة شيناز ولمحطتي حجيف، كلها تعمل بأقل من طاقتها ناهيك عن الحلول الترقيعية لصيانة محطة الحسوة وما يحدث حالياً من عملية صيانة ستثمر فشلاً ذريعاً لمحطة متهالكة أساساً”.

بالنسبة إلى شائف فإن “كل هذا العبث والفساد ممنهج يتربح منه الكثيرون وينتهي بمجرد انشاء محطة مركزية واحدة كبيرة بقدرة تتجاوز 1000 ميجا تحسباً للتوسع المضطرد للمدينة، هذه الحالة الوحيدة التي ينتهي معها العبث وتقفل أبواب الفساد كاملة بما فيها صفقات شراء الطاقة”.

لكن الهاجس الأمني في المدينة ما زال يطغي على ما عداه ويسبب قلقاً لا ينتهي. بدلاً من وجود قوة أمنية واحدة تفرض سلطتها على عدن، برزت عدة قوى تنازع الحكومة الشرعية في اليمن في فرض سلطاتها على المدينة، وأشارت تقارير لوسائل إعلام محلية وخارجية إلى أن عدن تعاني من انفلات أمني على نحو واضح.

ينتشر السلاح مع الجميع؛ والقوى التي تنازع الحكومة الشرعية سلطاتها، صارت تمتلك السلاح الثقيل والمتوسط، وشهدت المدينة حوادث اغتيالات طالت رجال دين و دعاة وعسكريين ومدنيين، كما طالت محافظها الأسبق جعفر محمد سعد.

وحتى الآن يبقى منصب محافظ المحافظة شاغراَ منذ نحو سنة إثر استقالة المحافظ السابق عبدالعزيز المفلحي الذي ما زال محتفظاً بمنصبه كمستشار للرئيس هادي ويحضر عدة اجتماعات ضمن مستشارين آخرين دون أن يكون لهم أي دور مؤثر في المشهد العام.

قال دبلوماسي يمني لـ”ديبريفر”، رفض الكشف عن هويته لأنه غير مصرح له بالإدلاء بأي تصريح، إن “منصب محافظ محافظة عدن يخضع لصراع قوى تريد فرض سيطرتها على المدينة”، مؤكداً أن “معظم المرشحين لهذا المنصب هم من خارج عدن”.

تتكون عدن من ثمان مديريات: كريتر، المعلا، التواهي، خورمكسر، الشيخ عثمان، المنصورة، دار سعد، والبريقة.

تقع عدن بين دائرتي عرض 47- 12 شمال خط الاستواء، وعلى ارتفاع 6 أمتار عن مستوى سطح البحر، وتحيط بها محافظة لحج من الشمال والشرق، ومحافظة أبين من الشمال الغربي، ولعدن منفذ جوي يتمثل في مطار عدن الدولي، ومنفذ بحري يتمثل في ميناء عدن، ولها طرق برية من الشمال تربطها بمحافظات لحج وأبين وتعز، وهذان المنفذان، المطار والميناء، لا يعملان وفق ما هو مأمول منذ 2015م، كل ما يتعلق بهذين المنفذين الجوي والبحري محل تكتم شديد.

تراجع النشاط الصناعي في عدن في سنوات ما بعد الحرب بشكل شبه كلي، على الرغم من أن هذا النشاط كان قبل الحرب ليس كبيراً. ومصفاة البترول الوحيدة في عدن، وتقع في مديرية البريقة، تعاني من صعوبات متراكمة منذ سنوات طويلة؛ إدارية وفنية ومالية.

تعتبر مصفاة البترول في عدن من أوائل المصافي التي أنشئت في المنطقة، وبدأ تشغيلها عام 1954م، وتتبع شركة مصافي عدن مرافق مثل ميناء ناقلات النفط، وشبكة صهاريج التخزين، ومركز لتموين السفن بالوقود.

وكانت لجنة من البرلمان اليمني قبل أكثر من عشر سنوات كشفت عن فساد مهول في هذه المنشأة ومرتبط بمراكز نفوذ في الدولة، لكن الرئيس السابق علي عبدالله صالح تدخل وأوقف عمل اللجنة.

تم استئناف الرحلات الجوية من مطار عدن الدولي بشكل تدريجي بعد توقف الحرب في المدينة في يوليو 2015م، غير أن الرحلات اقتصرت من عدن إلى مصر والأردن فقط، ولاحقاً إلى السودان. ويرجع تاريخ إنشاء مطار عدن إلى عام 1927م من قبل بريطانيا التي استعمرت المدينة من 1839م إلى عام 1967م.

يشكو المسافرون من كون أسعار تذاكر طيران اليمنية مرتفعة للغاية وبشكل غير مُبرر وليس لديهم خيار آخر يتخذونه كبديل. ظل السفر خلال سنوات ما بعد الحرب مقصوراً على طيران اليمنية التي تعاني من مشاكل إدارية وفنية، وفساد مالي متراكم، وطائراتها قليلة العدد خرجت عن نطاق الخدمة.

بالنسبة إلى ميناء عدن بقي شبه معطل ويفرض تعاملات جمركية يشوبها الكثير من الغموض فضلاً عن كونها مكلفة.

يقول أحد التجار لوكالة “ديبريفر” فضّل عدم الكشف عن هويته لأن ذلك سيتسبب له بمتاعب هو في غنى عنها: “بسبب التكاليف الباهظة التي يتم فرضها في ميناء عدن فضلاً عن الرشاوى التي يتعين دفعها وقبل ذلك للتأخير في وصول الشحنات لمدة قد تصل إلى نحو شهرين لأسباب أمنية يتم فرضها من قبل قوات التحالف العربي، يضطر التجار الى اللجوء لممارسة أعمالهم التجارية عبر منفذ صلالة في سلطنة عمان ومن ثم براً عبر منفذ شحن إلى اليمن ورغم أن هذا الأمر غير مناسب إلا أنه يظل أقل تكلفة ووقتاً، في حين يلجأ آخرون إلى ميناء الحديدة الذي يقع تحت سيطرة الحوثيين”.

حصلت “ديبريفر” على معلومات خاصة. قبل 2015م كانت تكلفة شحن حاوية من الصين الى ميناء عدن 900 دولار وتستغرق نحو 20 يوماً، أما بعد 2015م صارت تكلفة شحن ذات الحاوية من الصين إلى ميناء عدن 3300 دولار وتستغرق نحو 60 يوماً لأنها تذهب إلى جدة لتفتيشها من قبل التحالف العربي ثم تعود إلى ميناء عدن.

فضّل وزير النقل السابق في الحكومة اليمنية مراد الحالمي تجاهل التعليق على سؤال طرحته عليه وكالة “ديبريفر” عن الوضع العام في عدن بعد 2015م. يشغل الحالمي الآن عضوية المجلس الانتقالي الجنوبي.

لكن عدن وفق تقرير لمجموعة الأزمات الدولية هي “مدينة مأخوذة رهينة في لعبة شد حبال متداخلة: هناك أنصار حكومة هادي من جهة، وخصومهم في المجلس الجنوبي المؤقت من جهة أخرى”. ويضيف التقرير: “ثمة نزاع بين مصالح وطنية ومحلية متعارضة يسعى فيه الجميع للسيطرة على الموارد لكن ليس هناك قوة تحكم بشكل فعال”.

كانت عودة رئيس الحكومة إلى عدن بعد غياب أكثر من شهرين مُفاجئة في نظر متابعين، لأنها تأتي في ظل تكرار تصريحات لعدد من قيادات المجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم إماراتياً، التي ما برحت تؤكد فرض سيطرته المسلحة على عدن منذ قيامه بمحاولة انقلاب عسكري فاشلة نهاية يناير الفائت للإطاحة برئيس الحكومة اليمنية.

لكن المفاجأة لم تقف عند عودة رئيس الحكومة الى عدن. في مساء اليوم ذاته، 14 يونيو الجاري آخر أيام شهر رمضان، تحط طائرة أخرى في مطار عدن على متنها رئيس الجمهورية عبدربه منصور هادي وعدد آخر من الوزراء.

كان الجميع يتساءل: لماذا لا يعود الرئيس هادي مجدداً إلى عدن العاصمة المؤقتة للجمهورية اليمنية لإدارة شئون الدولة ووضع أمور المدينة في نصابها كنموذج يمكن تطبيقه في باقي المدن المحررة في اليمن. لكن لا أحد يتساءل لماذا لا يعود الرئيس هادي بمعية نائبه علي محسن الأحمر إلى عدن؟

يخضع مطار عدن لسيطرة قوات أمنية لا تتلقى تعليماتها من الحكومة الشرعية في اليمن. وتحيط به حواجز اسمنتية ضخمة كأنه ثكنة عسكرية وليس مطاراً دولياً.

يقع مطار عدن الدولي في قلب مديرية خورمكسر. ويخضع المسافرون عبره إلى التفتيش الأولي خارج بوابة المطار مباشرة في أحد الشوارع العامة المقابلة له حيث بإمكان المارين في الشارع ملاحظة ذلك.

كانت القوات الأمنية التي يخضع لها مطار عدن لسيطرتها، منعت هبوط طائرة الرئيس هادي على مدرجه ديسمبر 2016م. كانت حادثة غير مسبوقة بالمطلق.

ذكرت وسائل إعلام محلية أن القوات التي تحرس مطار عدن تتبع مدير الأمن شلال شائع لكنها تتلقى تعليماتها من ضابط إماراتي ضمن قوات التحالف العربي المتمركزة في مكان محصن ومنعزل يقع في نطاق مديرية البريقة. قام الاثنان سوياً بزيارة ميدانية إلى مطار وميناء عدن فور نشوب أزمة سقطرى وتم نشر عدة صور كتوثيق للعملية الدالة على هوية من يفرض سيطرته الفعلية على عدن.

كان المسؤول الثاني في الحكومة اليمنية الذي تحدث علناً عن كون الإمارات تمنعه من القيام بمهامه كوزير للداخلية، غادر عدن إلى أبوظبي، في 30 مايو الفائت، في زيارة رسمية بناء على دعوة من دولة الإمارات. قال الميسري وقتذاك أنه لا يمكنه الذهاب إلى مطار عدن أو إلى ميناء عدن دون إذن مسبق من الإمارات.

كان هدف الزيارة بحث ملف توحيد الأجهزة الأمنية في اليمن، لكن الرجل عاد إلى عدن وبقيت الأجهزة الأمنية غير موحدة وبقي الحال على ما هو عليه دون تغيير.

فور وصول الرئيس هادي إلى مطار عدن في 14 يونيو الجاري، قالت وكالة الانباء اليمنية “سبأ” التي تبث أخبارها من الرياض ويتخذها الرئيس هادي مقراً لإقامته منذ فراره إليها في 2015م، إنه “سيقوم بنفسه من عدن بالإشراف على عملية تحرير الحديدة من الحوثيين”.

أكد هادي أن “النصر قريب، بل وأقرب مما يتصوره الكثيرون” تعليقاً على الحرب التي تجري الآن في الحديدة. وأضاف: “سنعود من جديد إلى السير في طريق المستقبل الذي رسمه اليمنيون جميعاً وتوافقوا عليه في مؤتمر الحوار الوطني الشامل، وستغدو الدولة الاتحادية مخرجاً من أزمتنا ونهاية لحرب فرضت علينا نخوضها دفاعاً عن الشرعية والدولة ودفاعاً عن أمننا وأمن الأمة, بل ان الدولة الاتحادية صارت واقعاً ملموساً نعيش اليوم لبنات تأسيسها بسواعد أبنائها، في عدن التي أهملت عن عمد خلال العشرين عاماً الماضية”.

لكن عدن لا تقع كاملة تحت سيطرة قوات الحكومة الشرعية في اليمن، والقوات التي تحاول تحرير الحديدة من الحوثيين تضم في صفوفها فصائل لا تعترف بالشرعية اليمنية وأخرى تطالب بالانفصال ويتم دعمها من التحالف العربي.

تتحصن الحكومة اليمنية الشرعية، الرئاسة ومجلس الوزراء، في القصر الرئاسي بمنطقة معاشيق في مديرية كريتر. وهو مكان استراتيجي محصن في نهاية منطقة حُقّات تديره أمنياً قوة سعودية إماراتية مشتركة ضمن قوات التحالف العربي.

وفق مسؤول أمني كبير، تحدث لـ”ديبريفر” فإنه قبل الخوض في تحرير الحديدة، كان ينبغي أولاً تحرير عدن من السيطرة العسكرية التي يفرضها المجلس الانتقالي الجنوبي عليها وهو مكوّن سياسي ظهر إلى العلن رداً على إقالة الرئيس هادي لعيدروس الزبيدي من منصبه كمحافظ لعدن في 27 أبريل 2017م، ويدعو علناً إلى انفصال اليمن الجنوبي عن اليمن الشمالي وتأسيس جمهورية الجنوب العربي الفيدرالية، في تعارض واضح مع الهدف الذي أعلن عنه الرئيس هادي المتمثل في الدولة الاتحادية ويحظى بدعم التحالف العربي وتسنده الأمم المتحدة عبر قرار مجلس الأمن الدولي 2216.

تعاني المدينة من تردي الخدمات على أكثر من صعيد ويطبق فساد مخيف على أنفاس المدينة وقد تنامى على نحو كبير في ظل غياب فاعل لأجهزة الرقابة وتعثر عمل أجهزة النيابات والقضاء، وتحدث اعتقالات عديدة لا يعرف أحد مدى مشروعيتها القانونية وما هو مصير المعتقلين تالياً.

تبدو آثار الحرب التي طالت عدداً من مديريات عدن واضحة للعيان في عديد من المباني والمؤسسات والطرقات، ويبدو الحديث عن إعمار المدينة مؤجلاً على نحو يتوافق مع الانفلات الأمني التي تعيشه على الرغم من مضي أكثر من ثلاث سنوات على تحريرها، أو وفق تعبير وزير داخليتها: “توجد أجهزة أمنية غير موحدة ولا أستطيع ممارسة سلطاتي كوزير”.
تقول الحكومة الشرعية في اليمن إنها تحاول أن تفعل ما بوسعها فعله نحو المدينة وعموم اليمن.

أقرت الحكومة اليمنية منتصف يناير الفائت موازنة عام 2018 بعد توقف لثلاث سنوات، بعد أن قصرت الإنفاق على المحافظات المحررة واستبعدت المناطق الأخرى الخاضعة لسيطرة الحوثيين، والتي تضم نحو نصف سكان اليمن.

قدرت الحكومة إيرادات الموازنة التي وصفتها بالتقشفية بنحو 978.2 مليار ريال (الدولار وقتها كان يعادل 380 ريالا)، والنفقات بنحو 1.46 تريليون ريال، بعجز تقدر قيمته بنحو 481.8 مليار ريال، بما تبلغ نسبته 33% من إجمالي الموازنة وبما يعادل 1.278 مليار دولار.

لكن واقع الأمر على الأرض في المحصلة النهائية مختلف ومعقد، فضلاً عن ذلك ما زالت هذه الحكومة غير قادرة على التعامل مع من قام بانقلاب عسكري مسلح ضدها. وثمة رئيس دولة يقول إنه يشرف على عملية تحرير الحديدة من مدينة أخرى لا تخضع له بكاملها على الرغم من كونها هي العاصمة المؤقتة لدولته.

تبدو مدينة عدن الآن كسفينة متهالكة، تائهة في بحر هائج، وتبحث عن مستقبل لا يمكن إدراكه، ويحاول مجموعة من أبنائها تشكيل كيان يمثّلهم ويعبّر عن مصالحهم في أي استحقاقات قادمة.

قال بعض هؤلاء الأبناء لوكالة “ديبريفر” للأنباء: “سئمنا من استغلالنا كل هذه السنوات التي تمتد إلى عام 1967م”.

عدن الغد ــ سامي الكاف

You might also like
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com