عدن التي لم تتحول إلى دبي أخرى.. كيف تبخرت أحلام الجنوبيين في الاستقرار؟

المشهد الجنوبي الأول/ متابعات

منذ 3 سنوات ظل السؤال الأكثر أهمية والذي يطرح في مدينة عدن هو لماذا لايقوم التحالف العربي بضبط الأوضاع الأمنية والخدماتية بعدن.
ومنذ تحرير المدينة على يد أبنائها في يوليو من العام 2015 لايزال حال المدينة كما هو دون اي تغيير.

ورغم ان قطاع شعبي كبير في عدن استبشر خيرا بتحرير المدينة يومها وظن كثيرون ان عدن ربما تتحول خلال سنوات قليلة إلى دبي مشابهة لكن شيء من هذا لم يحدث بالمطلق. ظن جنوبيون كثر ان التحالف العربي الذي تقوده السعودية والإمارات سيفعل الكثير.

ألهمت تجربة إماراتية في تنمية مدن إماراتية كثيرة الجنوبيين بتحول سريع صوب مصاف الدولة الخليجية المتطورة لكن بعد 3 سنوات لم تتوسع الا الميليشيات المسلحة .

يعمل “محمد سالم الدياني” ويقطن بحي كود بيحان بالشيخ عثمان فوق حافلة أجرة صغير .
يقول الدياني ان شيء ما لم يتغير وان المدينة تتجه بشكل متسارع نحو حالة من التدهور والضياع.
يشير الرجل بيده صوب مجاميع مسلحة تستوقف حافلات صغيرة وتأخذ منها أموال ويقول:” هذه عدن وهذه أوضاعها منذ تحريرها فوضى ومسلحين وبلاوي. يقضي الدياني يومه بالانتقال بين كافة المديريات حتى ساعة متأخرة من المساء .

في المدينة الصغيرة وبعد 3 أعوام من انتهاء الحرب بات هناك العشرات من المعسكرات التابعة للجيش والأمن والميليشيات .
تتقاسم ميليشيات مختلفة الانتماء والتوجه السيطرة على مفاصل المدينة وغالبا ماينشب بينها قتال بين شهر وأخر .
لسنوات طويلة ظل الجنوبيون يتحدثون عن الدولة التي كانت قائمة قبل العام 1990 ويرون أنها كانت تمثل شكل الدولة الحقيقي في المساواة والعدالة وصرامة القانون .
وبعد 3 سنوات من اليوم لاتزال غالبية أقسام الشرطة بعدن غير فاعلة ولا مؤهلة للعمل .
ينتشر المسلحون في عموم أنحاء المدينة وتنصب نقاط تفتيش لقوات أمنية متعددة.

في الـ 28 من يناير الماضي اندلع قتال عنيف بين قوات عسكرية تدعمها الإمارات وأخرى تابعة للحكومة الشرعية التي تتلقى دعما مباشرا من المملكة العربية السعودية .

أعادت هذه المواجهات المسلحة إلى الذاكرة ذكرى اقتتال جنوبية مريرة قبل عقود من اليوم خلفت الآلاف من القتلى والجرحى .
خاض المتقاتلون اشتباكات مسلحة دامت يومين انتهت بمقتل 50 شخص على الأقل .
ورغم ان كل الأطراف التي تتقاتل في عدن أعلنت أكثر من مرة أنها جبهة واحدة ضد انقلاب الحوثيين على الحكومة الشرعية في اليمن إلا ان الانقسام الحاد فيما بينها ربما يعكس صورة مغايرة .

عقب الحرب كان يمكن للزائر ان يرى الكثير من الأعلام الإماراتية والسعودية معلقة على واجهة عشرات من المنازل ومئات السيارات التي تجوب الشوارع لكن كل هذا اليوم اختفى لتظهر بدلا عنه شعارات معادية.

رسم مواطنون من المدينة خلال الشهر الماضي عشرات العبارات المعادية ، لقد كان الامر متوقعا عقب عام ونصف من الصراع السياسي والعسكري في المدينة.
يقول “إبراهيم الصالحي” وهو طالب بكلية التربية بجامعة “عدن” :” كان لدى الناس الكثير من الآمال بان التحالف سيغير الأوضاع في عدن وستستقر المدينة وستزدهر ، شيء من هذا لم يحدث.

لمرات كثيرة فشل الصالحي في الوصول إلى الكلية التي يدرس بها بسبب انعدام الوقود ، تربض الإمارات والسعودية على اكبر احتياطات العالم من النفط لكنها ترفض حتى اليوم توفير احتياجات مدينة صغيرة كعدن من الوقود .

يقول الصالحي ضاحكا :” كنا نظن ان التحالف سيقدم الكثير لكن كل ماشاهدناه مسلحين وميليشيا ومدرعات وأطقم ، الناس تريد ان تعيش تريد ان تأكل وتريد ان تأمن شيء من هذا لاوجود له اليوم .

في عدن وحدها من بين مدن كثيرة في الجزيرة العربية تناهز ساعات انقطاعات الكهرباء الـ 14 ساعة في اليوم الواحد .
يقول المسئولون في مؤسسة الكهرباء في المدينة ان المدينة تحتاج محطة كهرباء بقدرة 500 ميجا وات ، يملك التحالف العربي الذي يسيطر على المدينة قدرة انجاز ذلك لكنه لم يعمل .

أرسلت هذه الدول بين فترة وأخرى مولدات صغيرة الحجم دعما لكهرباء المدينة لكنها سرعان ماتعطلت بعد أشهر قليلة على تشغيلها.
يقول المسئولون في مؤسسة الكهرباء ان كل هذه الحلول الترقيعية لم ولن تحل المشكلة أبدا .

في يوليو من العام 2007 انطلقت تظاهرات غاضبة في مدينة عدن ضد حكم الرئيس اليمني السابق وانطلقت بداية الأمر مطلبية لكنها سرعان ماتحولت إلى اكبر حركة احتجاجات ناهضت نظام صالح وطالبت باستقلال الجنوب .

ومنذ ذلك الحين فشل النظام اليمني الذي كان قائما قبل العام 2015 في احتواء حركة الاحتجاجات هذه .
وعلى مايبدو ان سيناريو الاحتجاجات هذا ربما يتكرر عقب خروج تظاهرات مناوئة لتدهور الوضع في المدينة حيث رفع المشاركون فيها لافتات مناوئة للتحالف العربي والحكومة الشرعية .

ورغم ان قطاع كبير من سكان عدن ومحافظات الجنوب يدعمون مطالب الاستقلال عن الشمال إلا ان تلاعبا واضحا في هذه المطالب يبدو جليا اليوم.

بعد 3 سنوات من تحرير عدن لم تتحول المدينة إلى دبي أخرى كما ظن الجنوبيون يومها بل أنها لم تعد تشبه حتى المدينة التي كانت تتمتع بحالة من الاستقرار في كل شيء وقت سقوط القذائف واندلاع الحرب في العام 2015 .

* من مروة عادل – عدن الغد

You might also like
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com