«بن سلمان» و(إسرائيل).. حلف فضحته استقالة «الحريري»

المشهد الجنوبي  الأول |متابعات

أستقالة رئيس الوزراء اللبناني، «سعد الحريري»، من الرياض واستمرار احتجازه بالسعودية وتصاعد لهجة التوتر والوعيد ما بين حزب الله والرياض ما زالت تهيمن على المشهد الإعلامي الإسرائيلي عبر تحليلات تبحث في تداعيات الأزمة على منطقة الشرق الأوسط وإسرائيل، وتستقرأ سياسات ولي العهد «بن سلمان».

انقلاب أم اختطاف؟

تحت عنوان «انقلاب أم اختطاف؟»، تساءلت محللة الشؤون العربية في صحيفة «يديعوت أحرونوت»، «سمدار بيري»، حول نهج واستراتيجية ولي العهد السعودي، ماذا سيجني «محمد بن سلمان» من استقالة رئيس الوزراء اللبناني «سعد الحريري»؟

تبدو إجابة «بيري» ضبابية بالضبط كالمشهد السعودي اللبناني وتطورات الأحداث، حيث ترجح بإجابتها أن ذلك يعتمد على أي مسؤول أو محلل تثق به أو بأي وسيلة إعلام أنت تثق، لكنها تجزم أن هناك شيئا واحدا متفق عليه بين جميع المعسكرات والتيارات، بأن «الحريري»، الذي استدعي إلى قصر الملك في الرياض مرتين في أربعة أيام الأسبوع الماضي، لم يكن يخطط للاستقالة.

«بيري» سردت ما تعرض له «الحريري» في المرة الثانية التي حط بالرياض، حيث خرج من الطائرة مباشرة إلى أذرع رجال الأمن السعوديين، وصودرت هواتفه النقالة وكذلك هواتف جميع من رافقه، وانقطع الاتصال مع العالم فجأة، وجلس أمام كاميرات التليفزيون ووضعوا أمامه رسالة ولي العهد التي كانت خطابه المتلفز، ويبدو أن الحريري ذاته لا يصدق أن تهديداته بقطع أيدي إيران في لبنان حقيقة.

«بيري» التي تربطها علاقات بالاستخبارات الإسرائيلية وكذلك علاقات ببعض الأنظمة العربية «المعتدلة» والمقربة من (إسرائيل)، بدت في مقالها كأنها تعرف خفايا وكواليس الأمور؛ ما يحصل أو حتى ما سيحصل في البلاط الملكي بالرياض، بل جدول وبرنامج لـ«الحريري».

وعلاوة على ذلك، قالت «بيري»، فإن أولئك الذين يتأملون ويتفحصون برنامج عمل رئيس الوزراء اللبناني قبل وبعد الرحلة الأخيرة لا يمكن إلا التوصل إلى استنتاج واحد، فالذي يخطط لرمي مفاتيح والاستقالة والفرار من لبنان لا يشغل جدوله الزمني في اجتماعات مع ممثلي صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، ومديري المياه والاقتصاد في حكومته وثلاثة وزراء.

«بيري» التي كانت مطلعة وأسست تقديراتها على الجدول الزمني لـ«الحريري»، ترجح وبحسب معلوماتها والتقديرات التي وصلتها من الرياض، بأن لولي العهد «بن سلمان» خططا أخرى، فهو كان يعرف أن «الإمبراطورية العريضة» للمقاولات في المملكة العربية السعودية والتابعة لعائلات «الحريري»، توشك على الانهيار بسبب ديون تبلغ قيمتها 9 مليارات دولار.

وذهبت «بيري» بعيدا حين قدرت أن ولي العهد كان يعلم أن استقالة «الحريري» ستحرجه وستصعب موقفه أمام آلاف العمال الذين هددوا بأن يأخذوا صاحب العمل ورئيس شركة المقاولات، الذي يفتقر إلى الحصانة، ويشتكونه للمحكمة.

كما أن «بن سلمان»، وبحسب «بيري»، هدد بإلغاء المساعدات المقدمة إلى لبنان، بغية أن يغرقها في أزمة اقتصادية عميقة، ويقنع «ترامب» بتشديد العقوبات المفروضة على حزب الله وإيران.

حتى قبل أسبوع كان «الحريري» ملياردير، لكنه رهينة إلى السعودية، لكن بعد الاستقالة أصبح رهينة تحت حراسة مشددة، حيث اختفى ذاك الشخص المولع بالتغريد من بيروت عبر شبكات التواصل الاجتماعي، ولا يسمح «بن سلمان» ورجاله وهم مديرو جدول الأعمال الجدد لـ«الحريري» بالعودة إلى لبنان، وتتساءل «بيري» وتجيب وتضع الفرضيات وتفندها، كيف سيعود مرة أخرى، بعد أن تباكى أنهم كانوا يخططون لاغتياله؟ إذا لم تكن هناك تهديدات، لماذا استقال؟

بعيدا عن أسئلة وفرضيات «بيري»، تستعرض كاتبة المقال ما قام به الرئيس اللبناني «ميشيل عون» لتفادي الأزمة، قائلة إن الرئيس اللبناني «عون» المقرب من حزب الله أعلن أن «الحريري» «اختطف» من قبل السعودية.

وفي محاولة منها لتعميق الخلاف بين الرياض وبيروت، وإبراز الدور الإيراني في لبنان، أشارت إلى ما قال «حسن نصر الله» «يجب أن نقول بوضوح إن رئيس الوزراء اللبناني محتجز في السعودية وقيد الإقامة الجبرية».

ضغوط دولية للإفراج عن «الحريري»

وألمحت المراسلة الإسرائيلية، بأن «بن سلمان» قد يتعرض لضغوطات دولية من أجل الإفراج عن «الحريري» الذي يحظى بحراك شعبي بلبنان داعم ومساند له، ففي نهاية الأسبوع علق ملصق ضخم في بيروت: «كلنا الحريري» كتب إلى جانب صورته، ولتعزيز طرحها استشهدت في مقالها بما قاله وزير الخارجية الأمريكي «تيلرسون»: «إذا أراد الاستقالة يجب عليه العودة إلى لبنان وإصدار بيان رسمي حتى تتمكن الحكومة اللبنانية من العمل».

وسعت «بيري» من خلال المقال والتحليلات للبحث في الأسباب والدوافع التي حفزت «بن سلمان» على احتجاز «الحريري»، قائلة إنه «في ملامح ومعلومات محدثة من وكالات الاستخبارات في جميع أنحاء العالم، حتى في (إسرائيل)، يتم وصف بن سلمان بفاقد الصبر».

«بيري» التي تحلل شخص «بن سلمان» بحسب تقييمات وتقديرات لأجهزة الاستخبارات العالمية وحتى المخابرات الإسرائيلية، سوغت نهجه وبررت ما قام به بالقول إن «انهيار داعش وفشله في الإطاحة بالأسد من القصر الرئاسي في دمشق والحرب الجارية في اليمن التي كلفت السعوديين مئات الملايين من الدولارات وغير قريبة من الحسم، أحدثت لديه إرباكا في خطط وبرامج العمل».

طهران أولا

طهران أولا، وهي الهدف الرئيسي على أجندة ولي العهد السعودي، بحسب «بيري»، التي قالت: «عندما تتمدد قوة الهلال الشيعي من إيران عن طريق العراق وسوريا، وتنتقل إلى لبنان، عندما يشق ويمهد نصر الله الطريق للزحف الإيراني، فهو يرى أنه تم وفي وضح النهار انتزاع لبنان من النفوذ السعودي».

تعتمد المحللة الإسرائيلية إلى جانب تقديرات المخابرات العالمية، على نهج وشخص «الحريري» وتصرفاته في الفترة الأخيرة، بحيث لم يشتك من حزب الله ونفوذ إيران بلبنان، بل أشاد بالشراكة مع حزب الله بالحكومة اللبنانية التي فرضت عليه لكنه لم يهدد بالاستقالة، لكن من ناحية ثانية، تقول «بيري»: «هذا الصخب والبلبلة والإشاعات وحالة التوتر تهدف إلى إدخال لبنان بدوامة».

وبعيدا عن الدوامة اللبنانية، تعتقد «بيري» أن الصياغة غير المقنعة لدوافع استقالة «الحريري»، والتي صاغها «بن سلمان»، موجهة لأذني الرئيس الأمريكي، «دونالد ترامب»، وهو حليفه الاستراتيجي، بحيث يرسل «خادمه» لتشويه إيران، ولتشويه سمعة حزب الله بغية تعزيز حوار السعودية مع واشنطن و(إسرائيل).

واختتمت «بيري» مقالها بالقول: «نعم، على الرغم من أن لا أحد سيعترف ولن يؤكد، لكن الحوار قائم ومتواصل بسرية من وراء الكواليس، فانتبهوا إلى صمت نتنياهو وتوصية الدبلوماسيين الإسرائيليين بالتعبير عن تأييدهم للخطة السعودية والحرص على عدم انتقاد الرياض».

المصدر | عرب 48
You might also like
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com