نحن نريد دولة مش هدرة .. واللي مش عاجبه يهوينا

بقلم/جمال مسعود

منذ استقلال الجنوب في ٣٠ نوفمبر ١٩٦٧ م واهتم الجنوبيون ببناء دولة وكان الهدف الاستراتيجي للأخوة الرفاق هو ترتيب الاسس الاولية لقيام دولة مهما كنا نتفق او نختلف حول التوجه السياسي للنخب المسيطرة والحاكمة لكن تثبيت دعائم الامن والاستقرار وفرض النظام والقانون كان عنوانا بارزا في انجازات الرفاق وتم تسخير كل الطاقات المادية والبشرية في تثبيت ذلك وكان واضحا بروز الخلاف الفوقي بين الرفاق لكن ذلك كان في قاعات الاجتماع واللقاءات الخاصة والتي  تتسم بالحدة المفرطة والحساسية المبالغ فيها وهو ماساهم عكسيا في خدمة تثبيت الامن والاستقرار فالرقابة الملاصقة للعضو والتشكيك الحاضر دائما بالآخر افرز انضباطا اداريا وحكوميا وقياديا حتى صار الواحد يتحدث بصوت منخفض تحت مبرر ان للجدار آذان والجماعة بايسمعوك.
هذا التخوف وهذه الهيبة جعلت رجل الامن يقف وبيده عصا بين حشود الجماهير المزدحمة في ملعب الحبيشي وأذكره وهو يخط بالعصا خط على التراب متحديا كل الجمهور بان يتجاوز احدهم هذا الخط وتراهم يحتشرون فوق بعضهم مخافة تجاوز الخط نتيجة المدافعة هذه الرمزية للدولة وقوتها الامنية والادارية جعلت المواطن البسيط يحمل وثائقه الى اي مكتب اداري فيجد الموظف قاعد في مكتبه من بداية الدوام الى نهايته ينتظر المواطنين لينجز معاملاتهم. صحيح ان الامور كانت معقدة بعض الشيء في جوانب قد يراها البعض انها تسبب انزعاج لديهم لكن الشيء بالشيء يذكر فرض النظام والقانون ووجود هيبة للدولة وفر على الشعب الكثير من المعاناة في مقابل غياب ذلك. فالدولة نعمة من النعم العظيمة التي يجب على كل فئات الشعب التمسك بها وليست هناك دولة متكاملة في. العالم .
هذا هو الجنوب وللأسف هكذا كان في الماضي حتى قضي عليه تماما من يوم الثاني والعشرين من مايو عام ١٩٩٠ م عام الفرحة القاتلة نعم فرحة قتلت ماضي جميل ودفعت بالحاضر المؤلم نحو المستقبل المدمر وهكذا ضاع الجنوب دولة وهوية ومنجزات وثروة وقيم واخلاق ونظام وقانون وهيبة وحل محله فوضى عارمة اخلاقية ادارية سياسية قانونية اجتماعية كل شيء صار فوضوي في الجنوب لذا وجب على ابناء الجنوب ان يفيقوا من سباتهم وان يشمروا عن سواعدهم وان ينهضوا من جلسات القاتل. المزروع في الجسد. وهو القات ، الاحباط ، فقد الأمل بعودة الشيء الجميل في الجنوب لابد ان يعود الجنوب ، لابد ان يعود النظام والقانون لابد من بسط قوة الدولة وهيبتها.
لابد من الانصياع والخضوع للأمن والاستقرار. وحب الوطن حبا حقيقيا يتجسد بالبذل والعطاء والتضحية بالجهد والفكر والحرص اما التضحية بالروح والدم والمال فلم يبخل بها جنوبي ايا كان. انبذل ارواحنا ونهين وطننا تبا لنا ان كنا كذلك فوطن لا تحميه لا تستحقه اما ان يكون جنوبا كما كان عزيزا حرا ابيا او انظروا اليه ينهش به العابثون ويدفنوا فيه ماضيكم ويجعلوكم مسخ لا لون ولا طعم ولا رائحة كما نحن عليه اليوم ركام من الفوضى العارمة  وعدم الانضباط في كل شيء.

 

You might also like
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com