الحل السياسي في اليمن مطلب دولي لكن اين القضية الجنوبية في ذلك

العربي -احمد الحسني

توالت، مؤخراً، المواقف الإقليمية والدولية المشددة على أن الحل لأزمة اليمن سياسي حصراً. بصراحة، قال وزير الخارجية السعودي، عادل الجبير، في كلمته التي ألقاها في الأمم المتحدة قبل أيام، «إننا نرى أنه لا سبيل لإنهاء هذه الأزمة إلا من خلال حل سياسي»، مضيفاً أن «الحل العسكري لن ينهي الأزمة في اليمن». بدوره، دعا وزير الشؤون الخارجية الإماراتي، أنور قرقاش، في كلمته بالمناسبة نفسها، إلى «تقديم حل سياسي شامل للأزمة اليمنية».
ويبدو الموقف الأمريكي متناغماً مع الموقفين السعودي والإماراتي. على الرغم من أن الرئيس اليمني، عبد ربه منصور هادي، تحدث، أكثر من مرة، عن تغيير في الموقف الأمريكي بعد صعود دونالد ترامب إلى الرئاسة، إلا أن السفير الأمريكي لدى اليمن، ماثيو تولر، أكد أن الإدارة الجديدة تلتزم بمبادرة السلام المقدمة من قبل وزير الخارجية السابق، جون كيري، والتي نصت بنودها على تنحية هادي بعد تسليم صلاحياته لنائب توافقي.
ويظهر أن الحل السياسي في اليمن بات مطلباً إقليمياً ودولياً، عبر عنه المبعوث الأممي إلى اليمن، إسماعيل ولد الشيخ أحمد، قبل أيام، بتأكيده «استحالة الحل العسكري في اليمن لإنهاء الإنقلاب، وضرورة دفع أطراف الأزمة إلى التشاور وطاولة المفاوضات، بما يفضي إلى وقف الحرب التي أدت إلى أسوأ كارثة إنسانية في العالم».
وبعد أكثر من عامين ونصف عام من الحرب في اليمن، جاءت المواقف الدولية والإقليمية أكثر ليونة، خصوصاً بعد فشل قوات «الشرعية» المدعومة من «التحالف العربي»، في السيطرة على المخا للوصول إلى الحديدة، أو كسر الجمود في الجبهات المحيطة بصنعاء، ومع التطور الملحوظ في القدرات الصاروخية لـ«أنصار الله» وحلفائها، والتي تحدث عنها هادي نفسه، قبل أيام، في مقابلته مع قناة «الحدث» السعودية، حيث أشار إلى «وصول صواريخ طويلة المدى» لمقاتلي «أنصار الله»، مؤكداً أن تلك الصواريخ «لم تكن لدى اليمن من قبل».
ويقود الحديث عن الحل السياسي في اليمن إلى استحضار المطالب التي ينادي بها الحراك الجنوبي، والمتركزة على فك الإرتباط عن الشمال واستعادة الدولة الجنوبية التي كانت قائمة قبل الوحدة. لكن مبادرات السلام المطروحة، من قبل من يُعتبر الحراك مصطفاً في خندقهم، ترتكز، في مجملها، على المرجعيات الثلاث المتمثلة في قرار مجلس الأمن 2216، والمبادرة الخليجية، ومخرجات الحوار الوطني، وهي المرجعيات التي لم تقدم حلاً مرضياً للجنوبيين، بل نصت على تقسيم الجنوب إلى إقليمين في إطار اليمن الإتحادي.
وعلى الرغم من دخول الحراك الجنوبي و«المقاومة الجنوبية» مع «التحالف العربي» في الحرب، إلا أن «التحالف» لم يقدم أي تطمينات للحراك تتعلق بحل القضية الجنوبية. على العكس من ذلك، صدرت مواقف معلنة تؤيد وحدة اليمن، وهو ما عبرت عنه افتتاحية صحيفة «الخليج» الإماراتية في مايو الماضي، في إشارتها إلى أن «الإمارات جددت موقفها الثابت والراسخ من وحدة اليمن وأمنه واستقراره».
موقف تعتبره بعض قيادات الحراك الجنوبي مؤشراً سلبياً تبعث به دول «التحالف» باتجاه الجنوب. في هذا الإطار، يقول القيادي في حركة «تاج الجنوب العربي»، الدكتور الخضر الجعري، في تصريح لـ«العربي»، إن «السياسة المعلنة لدول التحالف العربي عامة، والخليجية خاصة، تظهر تمسكهم الواضح بالمرجعيات الثلاث، وتوصيات مؤتمر الرياض، ولم يتطرق أي بيان في قمم مجلس التعاون الخلجي أو تصريح لوزراء خارجية المجلس أو حتى لمسؤول خليجي إلى اعترافهم بحق شعب الجنوب في تقرير مصيره واستعادة دولته».
ويضيف الجعري أن «كل هذه مؤشرات سلبية لا تلامس توقعات الجنوبيين التي راهنوا عليها، لجهة تفهم الخليجيين لعدالة قضيتهم». ويتابع: «ظن الجنوبيون أن التحالف سيكون عوناً لهم في إنجاز مشروعهم الوطني في إعلان استقلالهم الثاني، كمكافأة لصدقهم في القتال وتقديمهم تضحيات».
من جهته، يرى السفير الخضر مرمش، في حديث إلى «العربي»، أن «دول التحالف لا تملك القدرة على الخروج على المرجعيات الثلاث، وما تبني بعض التيارات، كالمجلس الإنتقالي، من قبل أي دولة من دول التحالف لا يعدو كونه نوعاً من أنواع الإحتواء والسيطرة على هذا التيار أو ذاك».
ويشير مرمش إلى أنه «بموجب المرجعيات الثلاث، الحل يؤكد على قيام دولة اتحادية بأقاليم بغض النظرعن عددها. هو حل واقعي في الوقت الراهن؛ بالنظر للحالة المعقدة للوضع في اليمن، والمتمثل باستحالة العودة إلى الدولة المركزية، وكذلك العودة إلى زمن التشطير الذي سيفضي في حالة الإصرار على أحدهما إلى حروب وصراعات كبيرة ومدمرة».
You might also like
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com