الملف الأسود لأراضي عدن المنهوبة
بقلم/عفيف السيد عبدالله
الأرض هي العنصر الأبرز في ثروة المجتمع. ويقول عالم الإقتصاد المعروف آدم سميث في كتابه ثروة الأمم ” أن الأرض هو المكون الأول والأساسي لثروة أي وطن أو شعب”. ونهب الأراضي من الجرائم الشنيعة التي تحرمها كل الأديان السماوية والأعراف الدولية لما فيها تعد سافر على الإنسانية.
وأبنا عدن مكون أصيل تمتد جذوره إلى آلاف السنين. وتاريخ مدينتهم موغل جدا في القدم عاشت فيه عدن طواله “مدينة ميناء في وجود مستقل يدير شئونها أبناؤها” بما فيها أراضي المدينة وممتلكاتها، وكانت ولم تزل ملكا لهم وحدهم، ولم تكن قابلة للتصرف لا من قبل الحكومات ولا الدول التي تعاقبت أحيانا عليها، ولا من قبل أي قوة أخرى. وأمر لم يكن يجرؤ أي مسؤول سابق على مجرد التفكير به. وإحترام الملكية العامة كانت هي القاعدة السائدة فيها مثلما هي في كل مجتمعات العالم.
وأشتهر الحزب الإشتراكي سيء الصيت، في زمن ما بعد خروج بريطانيا، بعدم إحترام الملكية الخاصة وسوء إدارة الملكية العامة. وفي الشهور القليلة من زمن حكمه، التي سبقت الوحدة بدأت تظهر على سطح الأحداث ظاهرة الإستيلاء على أراضي عدن. ومنذ ذلك الحين تعرضت أراضي عدن إلى إستيلاء ومصادرة ونهب متواصل أكثر بكثير مما يعبر عنه المسؤولين علنا. وغالبية عمليات نهب الأراضي تمت بتجاوزات خفية عديدة وبتوظيف النفوذ، وفي إطار الموالاة والمحاباة المناطقية والفساد والاستغلال. وبمساعدة مسئولين سابقين تربحوا نظير توزيع أراضي المدينة وحرمها، مجانا وأبخس الأثمان، وبطرق ملتويه، وإستغلال تشجيع الدولة للإستثمار، وهي مستمرة ومتواصلة إلى يومنا هذا. والإعتداء على الملكية العامة ومصالح وحقوق الآخرين تعد سرقة. ومن يسرق يُطعم أولاده سُحت. وسرقة الأراضي دون شك عملا إجراميا مفتعلا بحق أبناء عدن، ليس له تبرير. ولسوء حظهم نتج عنه وتبعه عمل إستيطاني، عبر هجرة وتملك احياء بكاملها، وإنتشار العشوائيات، غير متوافقة مع قيم الأخلاق والقيم الدينية. وبسببها صارت عدن خَرِبة ومُدَمَّرة وحالة إنسانية كارثية.
ولمواجهة هذه المشكلة، وإعادة سلطة أبناء عدن على أراضيهم ومدينتهم، وهو حق لا مراء فيه. يتطلب اتخاذ قرارات عليا واضحة ومباشرة لإسترداد هذه الأراضي، ومدعومة بإصرار قوي، مستندة على القاعدة القانونية السائدة في كل بلاد خلق الله، بأن ما بني على باطل فهو باطل. وتشكيل قوة عمل لتنفيذها. والأفكار التي يمكن أن تتضمنها القرارات هي أن تعاد إلى أصحابها كل أرض ملكية عامة كانت خاصة، وأوراق الملكية جرانت أو الليز وحدها هنا هي الدالة على التملك. وأن تسترجع كل ملكية خاصة كانت اصلا ملكية عامة. أي أن تعاد إلى أصلها ملكية عامة كل الأراضي التي صرفت قبل الوحدة مباشرة، او تعرضت بعد الوحدة على مدار عقود لتعديات وعمليات نهب، حتى تاريخ صدور القرارات. وإزالة كافة العشوائيات التي تتخلل المدينة، والتي تحيطها من جوانبها، وفي الجبال وضواحيها وشواطئها، بما فيها المباني في الأراضي الرطبة، والمباني الناتج عن فساد الذمم في الجهات المسئولة. وأن يعاد إلى أبناء عدن كل السكن الذي خلفه الإنجليز وراءه. واي مستفيد دفع ثمنا او بدلا يعاد له ما دفع.
ولا يتوقع أن يترتب عن تنفيذ هذه القرارات تكاليف كبيرة تتحملها الدولة. لآن معظم تلك التعديات داخل المدينة وخارجها تمت مجانا كما في حالة الأراضي التي توزعها المنطقة الحرة الزائفة، أو التي توزعها المحليات وهيئة الأراضي بأسعار بخسة وهينة. وكفانا وأياكم شرور الجشع والسَفَّه والشره والسُحت والسُعار، وكل ما يلتهم الأرض ويتسبب في عذابات الناس فوق الأرض.