متى تعود عدن .. أم الدنيا ؟! ! 

بقلم/عبدالجبار ثابت الشهابي

لايمكن تحقيق النجاح المرجو في أعمال النظافة والتحسين، ونشر قيم الجمال، وتكريسها في الواقع؛ ما لم نصل جميعا، ومع بعضنا البعض إلى مستوى الإدراك، والشعور التام بالمسؤولية تجاه مدينتنا، وتجاه بيئتنا، وتجاه ضرورة الحفاظ على صحتنا، وصحة الجيل القادم باعتباره ثمرة جهودنا، وزهرة تعب الأيام والسنين، ونبض حياتنا المتحرك في تفاصيل المستقبل، الذي نأمل أن يكون مشرقا.
وكم هو رائع وجميل أن نجد الجهات المختصة، وغير المختصة؛ في المحافظة، والمديريات، والمدن، والأحياء تنهض بواجبها الاجتماعي كشركاء فاعلين، وإيجابيين؛ لجعل العاصمة السياسية المؤقتة عدن زهرة المدن كلها، وابتسامة الشاطئ، وأيقونة الجمال، وعنوان النظافة، وأسوة حسنة لمدينة حضارية، كانت في يوم من الأيام أم الدنيا، وملهم الشعر، ومشعل الفكر، ومنبع الرقي، وملاذ التسامح، والإخاء ؟!.
ويكفي أن قيادة صندوق النظافة والتحسين بالعاصمة السياسية المؤقتة عدن ممثلة بالأخ المهندس قائد راشد أنعم، المدير العام التنفيذي للصندوق؛ قد ظلت على الدوام المسارعة للإشادة بكل المبادرات الإيجابية، وصانعة الكثير منها، وذلك لتكريس سلوك الإيجابية، باعتبار النظافة والتحسين واجبا اجتماعيا لازما، ومهمة لا تتم إلا بإرادة ومساهمة الكل .
وفي هذا الإطار؛ كم كانت رائعة مبادرة إدارة الأمن مؤخرا بمنع تعاطي القات، ومنع عبث السيارات في بعض المتنفسات بمديريتي خور مكسر، والشيخ عثمان، التي قام الصندوق بإعادة تنظيفها وصيانتها وتشجيرها وترتيبها لاستقبال المواطنين، وتمكينهم من التنزه، وقضاء الأوقات الممتعة في هذه المتنفسات، التي أنشأتها الدولة من أجل راحتهم، وما تلا ذلك من إشادة إدارة الصندوق بهذا العمل الرائع، ومطالبتها بمزيد من هذه المبادرات، ومن جميع الجهات الفاعلة في المحافظة، ومن المجتمع ككل .
لكن، ومع ذلك، فالجميل -كما يقال – لا يكتمل، والمؤسف أن يأتي هذ النقص من جهات مختصة، وهو ما حصل مؤخرا، وقبل أيام قليلة، وذلك عندما قامت هذه الجهات برفع الرمل، والأتربة التي كانت تستخدم في أثناء الحرب مع الانقلابيين الحوفاشيين، وما تلاها من حماية أمن العاصمة عدن من عبث البعض كمتارس في الشوارع والأحياء، ومنافذ المدن، حيث تم التخلص من تلك الركامات في الشواطئ، والمتنفسات التي كان الصندوق قد أعاد تأهيلها للمتنزهين قبل فترة وجيزة !! ..
إن سلوكا كهذا ..لا يعبر فقط عن قصر في النظر، ولا يعبر فقط عن الاستخفاف بجهود النظافة والتحسين، وبالطاقات والأموال التي صرفت، بل ويعبر كذلك عن استهتار الأشخاص الفاعلين بحق عدن كمدينة حضارية عريقة، وبحق المجتمع والبيئة، وكل الأهداف النبيلة التي يسعى الصندوق، ومعه كل الجهات، والأشخاص المبادرين لتحقيقها، وتكريسها كمنجزات مشرفة لكل مواطن يمني يقيم في هذه المدينة.
بقي ان نسأل قبل هذا وبعده : حتى متى ستظل عدن تتحمل عبث الأفعال الهمجية، المسيئة ؟! ألا يكفيها ما تلقيه الصحراء على كواهلها من الرمل والغبار ؟! ! ألا يكفيها هذا الدمار والخراب المتلاحق لصراعات القحل والمحل، وأطياف السراب ؟! متى سيكف الجهل عن أذاه ؟ ومتى تعود عدن كما كانت .. أم الدنيا ؟!.
You might also like
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com