لأجل الوصول لاستقرار أمني في عدن
بقلم/علي الأحمدي
عند خروجي من عدن وفي نقطة دوفس على مشارف زنجبار رأيت عسكرياً في أواخر الأربعينات واقفاً باستقامة لابساً هندامه العسكري بشكل متميز والرشاش معلق بطريقة احترافية فخلته للوهلة الأولى عسكري اماراتي خاصة وله لحية محددة ويرتدي عمامة عسكرية.
وقفت في النقطة وحييته وصافحته وقلت له : هل تصدق لم ألتق بعسكري واحد يعطي انطباع أنه عسكري حقيقي الا أنت _ مع تقديري لكل المتواجدين في نقاط الأمن_ فقال ربنا يعين. سألته تبع أي لواء قال الحزام الأمني فقلت له من أين : قال من العُمري قلت له أنا متأكد أنك عسكري سابق. ابتسم وقال نعم قبل الحرب كنت عسكري في محافظة تعز. الفرد الذي فتش سيارتي في نفس النقطة كان شاب صغير حافي القدمين يلبس سروال رياضة وجرم أسود!!
الحال في كثير من النقاط في عدن لايختلف في كل التنوعات والتشكيلات العسكرية والأمنية المختلفة حيث يغلب وجود الشباب صغار السن ويغيب وجود أصحاب الخبرة سواء من العسكريين الجنوبيين ماقبل 94 او ماقبل 2015.
لا يمكن نسيان ماحصل في مدينة عدن في أواخر 2015 وبداية 2016 من موجة الاغتيالات والتفجيرات المروعة التي عاشت المدينة بسببها رعباً غير مسبوق و راح ضحيتها محافظ المحافظة وعدد من القيادات في الأمن و المقاومة وعلماء الدين ورموز اجتماعية. كما لا ينكر الا جاحد ماحصل من تحسن أمني بفضل ملئ الفراغ ونشر النقاط العسكرية في مختلف المناطق من قبل قوات الحزام الأمني وإدارة أمن عدن المدعومتان من قبل دولة الإمارات الشقيقة.
ولكن رغم هذا التحسن لم تصل المدينة بعد لحالة الإستقرار الأمني بسبب عدم وجود البناء الأمني الرسمي الذي يجعل من أجهزة الأمن مرتبطة ببعضها وتخضع لسلطة الدولة ولا يوجد تعارض بينها بما يحقق الانسجام الذي ينزع فتيل التوتر وتسير من خلال توفره عجلة التنمية الخدمية في المدينة بسلاسة.
لا تزال مشاهد الأطقم المنتشرة دون هويةٍ واضحة موجودة كما لايزال المتجولون بأسلحتهم وبلبس مدني لاتخطأهم العين بل يمرون بأمان بجوار نقاط التفتيش المنتشرة وكأن لاهم للنقاط الا البحث عن متفجرات فقط !.
الانقسام السياسي الذي يؤثر على القوات المتواجدة بات حاضراً بقوة لدرجة منع أجهزة الأمن وزير الصحة ووزير آخر من الدخول للميناء بل ومنع تعليق أي لوحات تشير للحكومة ورعايتها لاستلام الباخرة ومنع التصوير بوجود علم الدولة المانحة التي قدمت مستشفيين ميدانيين حسب ما أكد لي مسئول حضر هذا الموقف.
السبيل الوحيد لتحقيق المزيد من التقدم في الجانب الخدمي والحفاظ على ماتم هو بوجود انسجام وتوحيد لمختلف القوات المتواجدة وجعلها تحت قيادة واحدة تستطيع إدارة المشهد الأمني وتعيد تفعيل مختلف الأجهزة الأمنية بحضور حقيقي للقيادات الأمنية الجنوبية ماقبل 94 و 2015 فهناك الكثير منهم ممن يستطيعون ترشيد حماس الشباب واضفاء لمسات تعطي اطمئنان كالذي لمسته في نقطة دوفس.