ماذا بعد انسحاب تنظيم القاعدة من حضرموت؟
بقلم/ ابراهيم اليافعي
بعد معارك لم تدم طويلاً بين القوات الأمنية وتنظيم القاعدة، بمشاركة طيران التحالف في محافظة حضرموت؛ تمكنت هذه القوات من بسط سيطرتها على هذه المحافظة، بينما خسر التنظيم مناطق سيطرته وانسحب منها، بعد أكثر من عام على بسط سيطرته على حضرموت الساحل.
ولو نظرنا إلى مسيرة تنظيم القاعدة فإنه دائما لا يهمه التمسك بالأرض التي يسيطر عليها بقدر ما يهمه أن يضع نموذجا ثم يذهب – مستغلا بذلك الظروف التي تمر بها البلاد والفراغ الأمني – فالتنظيم عنده بقاء النموذج الذي يراه أنه قدمه للناس، والحفاظ على أفراده، وبقاء فكرته التي يؤمن بها ويدعو إليها؛ هي أهم عنده من التمسك بالأرض.
السؤال هنا: انسحاب القاعدة من محافظة حضرموت هل انتهت القصة؟ أم ستعود القاعدة إلى حرب العصابات ومهاجمة المعسكرات واستهداف ضباط الأجهزة الأمنية كما هو الحال في الانسحاب السابق من أبين وشبوة في 2012؟.
بعد عدة أيام من انسحاب القاعدة من أبين 2012 وجهت أكبر ضربة للقوات المسلحة حيث استهدفت اللواء ” سالم قطن” قائد معركة ” السيوف الذهبية ” والتي تمكنت فيها قوات الجيش من دحر القاعدة من هذه المحافظة. ثم شهدت مرحلة ما بعد الانسحاب أصعب وأهم مراحل الصراع بين القاعدة والأجهزة الأمنية حيث تمكنت القاعدة ما بين عامي 2013 و 2014 من قتل أكثر من 170 ضابطاً من ضباط الجيش والأجهزة الأمنية ” الأمن السياسي والأمن القومي”، عدا ما شهدته هذه المرحلة من قيام القاعدة بشن الهجمات والعمليات المتواصلة التي طالت المقرات والمناطق العسكرية؛ حيث شهدت هاتين السنتين قيام القاعدة باستهداف ثكنات الجيش في عدة محافظات – التي كان للمناطق الجنوبية والشرقية النصيب الأكبر من هذه الهجمات – حيث كان من أهمها استهداف الثكنات العسكرية والأمنية في جول الريدة، وعين بامعبد، بمحافظة شبوة، والمنطقة العسكرية الثانية في حضرموت، واللواء 111 في منطقة أحور بأبين، ومقر وزارة الدفاع في صنعاء، ومقر إدارة أمن عدن، والمنطقة العسكرية الرابعة في عدن – أيضاً – وأغلب هذه العمليات عنون لها التنظيم بعناوين أصدرتها ” مؤسسة الملاحم” الذراع الإعلامي للقاعدة في جزيرة العرب، عبر سلسلة أطلق عليها “ردع العدوان ” بأجزائه الثاني والثالث والرابع والخامس، كذلك هو الحال بعد انسحابه من مدينة رداع في نهاية 2012، بعد سيطرته عليها؛ حيث شهدت الفترة اللاحقة كثير من مسرح العمليات التي شنها التنظيم ضد القوات الأمنية وقوات الجيش في محافظة البيضاء، حيث كان من أهمها قيامه في نهاية 2014 بإسقاط عاصمة المحافظة – مدينة البيضاء – واستهدف من خلالها مقر إدارة الأمن ومقر القوات الخاصة ومقر الأمن السياسي في مدينة البيضاء.. هذه العمليات وغيرها كانت أعنف مرحلة شهدتها ساحة الصراع بين الدولة اليمنية وبين تنظيم القاعدة، فهل بانسحاب القاعدة هذه المرة من حضرموت سنشهد مرحلة وسيناريو نفس ما بعد الانسحاب السابق في 2012؟.
هذا ما ستثبته المرحلة المقبلة، والتي من المرجح أن الأحداث ستعود من جديد، حيث سنشهد – ربما – عمليات كسابقتها، ستعيد للأذهان سلسلة عمليات ردع العدوان – السابق ذكرها – في استهداف أصعب وأحصن مناطق الدولة؛ مثل وزارة الدفاع، والمنطقة الرابعة، وغرف عمليات التحكم بالطائرات بدون طيارات، وعودة نغمة الاغتيالات من جديد، بعد مرحلة تزيد على العام، شهدت خلالها الساحة هدوء نسبياً بين القاعدة والدولة – بسبب انشغال الجميع بالحرب على قوات الحوثي وصالح.
الجدير بالذكر أن الوضع الذي تعانيه الدولة من ضعف وهشاشة في قواتها العسكرية وأجهزتها الأمنية وبالذات في هذه المرحلة، ستجعل هذه المعطيات وستتيح للقاعدة بشن حربها المفضلة ” حرب العصابات ” وحرب إنهاك خصومها وإرباكهم واستنزافهم ، وهي الحرب التي يفضلها التنظيم وتتيح له استنزاف خصومه دون أن يتحمل كثيراً من أعباء وخسائر الحروب.