المياه المعبّأة: احتيال القرن
المشهد الجنوبي الاول|منوعات
تزداد ظاهرة شراء المياه المعبّأة، للاعتقاد أنّها أفضل وأنقى من مياه الحنفية أو الصنبور المجّانية، التي بات الكثير من الناس يتخوّفون منها. ويدفع هؤلاء لشراء المياه، التي تقارب تكلفتها السنوية 100 بليون دولار أميركي.
وكتب موقع “بيزنس إنسايدر المملكة المتحدة”، عن الدعاية أو المفهوم الخاطئ للمياه المعبّأة، التي تتطابق مواصفاتها تقريباً من حيث جودة التغذية مع مياه الحنفية. ولفت إلى أنّ الغالبية العظمى من الأميركيين، يؤمنون بذلك، لكن قد يكون ذلك خاطئاً في بعض الحالات، وقد تكون مياه الحنفية أكثر أماناً لأنّه يتمّ اختبارها بشكل متكرّر.
وأشار إلى وجود استثناءات ترتبط بالمكان الذي يعيش فيه الناس، فالأشخاص الذين يقيمون بالقرب من الآبار الخاصّة لا يحظون بالاختبارات الصارمة ذاتها التي يحصل عليها أولئك الذين يشربون المياه من المصادر العامّة، ولا يتم فحصها بشكل صحيح، وهو ما حدث أخيراً في مدينة فلينت بولاية ميشيغان.
وعدّد الموقع، أسباباً كثيرة لوقف شراء المياه المعبّأة، التي بدأ بيعها في بوسطن في ستينيات القرن التاسع عشر، في أول حالة موثقة حين قامت شركة تدعى “جاكسون سبا”، بتعبئتها وبيعها لدواعي العلاج.
ويشرب الناس في جميع أنحاء العالم، ما يقرب من 10 في المائة زيادة من المياه المعبّأة في زجاجات سنوياً، لكن يبقى الأميركيون الأكثر استهلاكاً لها. ويشربون في اليوم الواحد 12.8 بليون غالون أو 39 غالون للشخص الواحد من المياه المعبّأة.
بدوره قال مايكل بيلاس، رئيس مجلس إدارة شركة تسويق المشروبات، في بيان صدر أخيراً، إنّ الأميركيين شربوا كميات من المياه المعبّأة في زجاجات خلال العام الماضي أكثر ممّا استهلكوا مشروبات الصودا، وإنّ المياه المعبّأة أعادت تشكيل سوق المشروبات بشكل فعّال.
وأشار موقع “بيزنس إنسايدر” إلى أنّ هذه المياه ليست رخيصة، وبتكلفة متوسطها 1.22 دولار للغالون الواحد، أي أنّنا ننفق 300 مرّة أكثر على المياه المعبّأة في زجاجات مما كنّا ننفقه للشرب من مياه الحنفية. ويشير بعض المحلّلين إلى أنّ الأرقام قد تكون أكثر من ذلك، لأنّ معظم المبيعات هي زجاجات فردية.
وتؤكّد البحوث، وفق الموقع، أنّ تقريراً حديثاً وجد أنّ ما يقرب من نصف زجاجات المياه المعبّأة مأخوذ من مياه الحنفية. وفي عام 2007، غيّرت شركة بيبسي (أكوافينا) ونستله (بيور لايف) تسمياتها لتعكس بدقة أكبر هذه الحقيقة.
وعادة يتم اختبار مياه الحنفية للجودة والتلوث بشكل متكرّر أكثر من المياه المعبّأة في زجاجات. وتعتبر وكالة حماية البيئة المسؤولة عن إجراء تلك الاختبارات. بيد أنّ هذه الوكالة تحذّر، من أنّ نوعية مياه الحنفية الخاصة بكل مكان، قد تختلف إلى حد كبير وفق المنطقة التي نعيش فيها.
إلى ذلك، تشير البحوث إلى أنّ مياه العديد من الآبار غير صالحة للشرب، ووجد تقرير عام 2011، أنّ 13 في المائة من الآبار الخاصة التي اختبرها الجيولوجيون تحتوي على عنصر واحد على الأقل من الزرنيخ أو اليورانيوم بكثافة تتجاوز التوجيهات الوطنية.
وقد يعود هذا الإقبال الكبير على شراء المياه المعبّأة في زجاجات، إلى تزايد المخاوف بشأن نقاء ماء الصنبور. ووجد استطلاع أجرته مؤسّسة غالوب أخيراً، أنّ 63 في المائة من الأميركيين يشعرون بالقلق إزاء التلوّث الكبير في مياه الشرب، وهي النسبة الأعلى منذ عام 2001. أمّا في ما يتعلّق بمسألة مذاق المياه، قد يعجز معظمنا عن التمييز بينهما. وكشفت دراسة استقصائية أجريت حديثاً بهذا الشأن على طلاب جامعة بوسطن، أنّ اختبار الطعم الثالث للمياه فقط حدّد عينة مياه الحنفية بشكل صحيح.