نهاية تحالف الشرعية والحراك الجنوبي
بقلم/د.عيدروس النقيب
من المعروف أنه وبعد هروب الرئيس عبدربه منصور هادي في مطلع 2015م ووصوله إلى عدن قد جرى وبصورة غير معلنة إقامة تحالف بين الرئيس وشرعيته المتهاوية وبين أنصار القضية الجنوبية الذين اصطلح على تسميتهم بـ”الحرك الجنوبي” وربما كان الحراك الجنوبي هو المبادر لهذا التحالف باحتضان الرئيس والترحيب به والدفاع عنه بعد إيقاف استهدافه كخصم للجنوب والجنوبيين، والتركيز على مواجهة الخطر الأكبر الذي كان يحدق بالجنوب وهو الغزو الثاني الذي لم يتأخر كثيرا.
وقد جاءت مواجهة هذا الغزو لتجسد هذا التحالف بل لإعفاء الرئيس هادي نهائيا من مواجهة القوى الانقلابية وتولي المهمة كاملة من قبل المقاومة الجنوبية التي انخرط فيها مئات الآلاف من المقاومين الشباب، ولا يمكن هنا إغفال الدور الحاسم للتحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة في نصرة مقاومة الجنوبيين للغزو الثاني وإلحاق الهزيمة بالقوى الانقلابية ودحر قواتها إلى ما وراء حدود العام 1990م بعد تحرير معظم المحافظات التي تعرضت للغزو الثاني.
لكن بتعيين اللواء عيدروس الزبيدي ود ناصر الخبجي والأستاذ فضل الجعدي واللواء شلال علي شائع وواللواء أحمد بن بريك واللواء فرج البحسني والعميد عادل الحالمي وغيرهم من قادة الثورة الجنوبية في مناصبهم تحول هذا التحالف إلى ما يشبه الاتفاق بين قوى الثورة الجنوبية وبين الرئيس عبدربه منصور هادي ولا شك أنه قد فرض قيودا كبيرة على الحراك الجنوبي مثلما يفترض أنه طرح التزامات على الرئيس هادي.
لكن تحالف الشرعية لا يقتصر على هذين الطرفين، فهناك إلى جانب الرئيس هادي وقوى الثورة الجنوبية قوى أخرى تقربت من الرئيس بعد أن كانت أعلنت الحرب عليه قبل استيلا التحالف الانقلابي على صنعاء وذهب بعضهم للبحث عن صفقة مع الحوثيين الذين كانت عيونهم تنظر إلى أبعد من تلك الصفقات الأقل ربحا بل كانوا بسويفهم قادرين على الاستغناء عن ما يستيعون التوصل إليه بصوت التحالف أو سوط التهديد.
كان من الطبيعي أن يصل هذا التحالف إلى نهاية، وأقصد به تحالف الرئيس مع الثورة الجنوبية، لأنه تحالف لا يجمع بين طرفيه إلا مواجهة الانقلاب والانقلابيين، فالرئيس رغم انتمائه الجنوبي ورغم إقراره مرارا بعدالة القضية الجنوبية بل وحتى شكواه لمن جلسوا معه بأنه يرغب في تلبية مطالب الجنوبيين لكنه محاصر بمراكز القوى، رغم كل هذا لا يجد نفسه بين الجنوبيين وليس له مصلحة مع قوى الثورة الجنوبية، بل وليست له مصلحة في الجنوب كليا إلا تلك التي حصل عليها بفضل وقوفه في صف تحالف 1994م، وبالتالي فقد كان لا بد أن يفضَّ التحالف مع الحراك الجنوبي من طرف واحد ويعود إلى حلفائه الأصليين في العام 1994م.
إن فضَّ الرئيس هادي للتحالف مع الجنوبيين يعفي الحراك الجنوبي من أي التزامات تجاه الرئيس وشرعيته وبالتالي لم يعد أمام القوى السياسية الجنوبية إلا أن تعود إلى خيارها السابق وتكسير القيود التي فرضها عليها التحالف مع الرئيس.
إنني أرى أن الخيار الملح في هذه اللحظة المصيرية هو الشروع في تشكيل التحالف الوطني الجنوبي الذي دعى إليه الأخ عيدروس الزبيدي في مطلع العام 2016م ومن غير شك فإن الأخ عيدروس بسمعته ومبادرته ومكانته لا بد أن يتولى التهيئة والإعداد لهذا التحالف على وجه السرعة، وسيتولى التحالف صياغة برنامجه السياسي ورؤيته لمسار الثورة الجنوبية وأهدافها الآنية والمستقبلية، وتحديد القواسم المشتركة بين المتحالفين تحت مظلته، وأنبه هنا إلى أن التحالف ليس ملزماً باستحضار كل الأطياف السياسية فهناك أطراف قد لا توافق على تلك القواسم المشتركة التي ينشدها التحالف فمن حقها أن تبقى صديقة خارج التحالف، ولا ننسى أن مخابرات النظام ستصنع على عجل مكوناتها وربما تكوف قد قد صنعتها وستكلفها برفض هذا التحالف ولنتذكر كيف تمت صناعة ياسين مكاوي ومن لف لفه وهؤلاء لا ينبغي أن يقفوا عائقا أمام تطلعات الجنوبيين في بناء دولتهم..
العودة للشارع هي خيار إجباري والتحالف الوطني الجنوبي العريض هو الطريق الأمثل والأمن لبلوغ الغاية النهائية للثورة الجنوبية.
لن أتحدث عن المحافظ الجديد الأستاذ عبد العزيز المفلحي الذي أعرف نزاهته ووطنيته، والذي قبل أن يضع نفسه في مواجهة الجنوبيين، وهو ما قد أتناوله في موضع آخر، لكنني أدعوه إلى أن يعلن أنه مع القضايا التي يناضل من أجلها الجنوبيون، والتي أعلن قبله اللواء عيدروس الزبيدي التمسك بها، وأنه سيناضل من أجلها وحينها سيجد كل الدعم والاحترام من الشارع الجنوبي وإن كنت أخشى عليه من حرب مع الفاسدين النافذين حلفاء 1994م الذين عملوا بكل الوسائل لإحراق عيدروس وعندما فشلوا وعندما لم يستجب لطلباتهم أبعدوه عن هذا المركز التافه، وأتمنى أن لا يقبل الأخ عبد العزيز أن يمرر لهؤلاء ما يتمنون لأنه بذلك سيحرق نفسه وسيجد نفسه في مواجهة الشعب الجنوبي.