هل تنهي وفاة المتقاعد القباطي مأساة تكدس كبار السن أمام مكاتب البريد بعدن ؟
المشهد الجنوبي الأول| تقارير
لأشهر طويلة اصبح مشهد تكدس النساء و الرجال من العجزة وكبار السن مشهدا مألوفا ومنظرا فقد مع تكرار حدوثه تاثيره في قلوب العامة والساسة على حد سواء .
جاءت الحرب وانقضت ، ورحلت الحكومة ثم عادت ، والمشهد ذاته لم يتغير .. تكدس مستمر لالاف الموظفين امام مراكز البريد منتظرين اوراق نقدية فقدت قيمتها مع تدهور العملة وغلاء الاسعار ، تطبعت الحياة في جل مؤسسات الدولة إلا مراكز البريد ظلت عصية على تنظيم وضعها وعذرها الدائم غياب السيولة النقدية .
ورغم حصول الحكومة على مليارات الريالات المطبوعة في روسيا وبالتالي انجلاء ازمة السيولة إلا ان هناك اخفاقا في الالتزام بصرف رواتب المتقاعدين الذين استمر حالهم على ماهو عليه ، طوابير طويلة امام مراكز البريد في انتظار راتب يمنح صاحبه شيء من كرامته المستنزفة بسبب حاجته وكثرة ديونه .
حدث مأساوي وقرار للتحقيق في المعلوم
سادت حالة من الاستياء العارم منصات التواصل الاجتماعي في العاصمة عدن، إثر وفاة متقاعد مُسن، بجانب أحد مكاتب البريد العام أثناء انتظاره لصرف راتبه الشهري.
وتم التعرف على المتوفى “عبد الله عثمان القباطي” من خلال بطاقة استلام الراتب التي وجدت في جيب قميصه.
وبحسب مصادر طبية: “لم يتمكن المتوفى – الذي فارق الحياة بجانب مكتب بريد مديرية خور مكسر – من تحمل أعباء الانتظار والازدحام الكبير في مكاتب البريد، وتحمل جهد المجيء اليومي للسؤال عن مرتبه، وذلك لكبر سنه وأمراض الشيخوخة التي تلازمه”.
وإزاء ذلك، أصدر مساء السبت رئيس الوزراء الدكتور “أحمد عبيد بن دغر” قرارًا يقضي بتشكيل لجنة تحقيق في وفاة المتقاعد “عبد الله القباطي”.
وتشكلت اللجنة برئاسة وكيل أول محافظة عدن “أحمد سالمين”، وعضوية كل من مدير أمن العاصمة عدن أو من يمثله، ووكيل نيابة عدن، ومديري عموم الشؤون القانونية والمالية والبريد والخدمة المدنية والتأمينات في محافظة عدن.
وجاء في قرار تشكيل لجنة التحقيق، إلزام اللجنة بتقديم تقريرها إلى رئيس الوزراء في مدة أقصاها أسبوع من تاريخ صدور القرار.
ضحية تحرك المشاعر الراكدة
ضجت ليلة امس صفحات التواصل الاجتماعي لتعبر عن جزعها اللحظي من وفاة المسن العدني القباطي الذي انتهت حياته وهو في زحمة الانتظار لراتب لن يوفر لإسرته ولو جزءا يسيرا من احتياجاتها .
الحادثة التي وقعت امام بريد خور مكسر و حركت شيء من انسانية البعض دفعت برئيس الحكومة للتوجيه بتشكيل لجنة تحقيق لمعرفة حيثياته وفاته في قرار لاقى انتقاد باعتبار ان وفاته نتيجة واضحة للاخفاق في ايفاء الحكومة بالتزاماتها تجاه هذه الفئة الذي قدمت الكثير للوطن طوال حياتها لينتهي بها الحال في طوابير مهينة امام مراكز البريد .
يقول الناشط عبدالكريم البرحي بأسى بالغ ” لا تأسفوا على موت المسن فهو الآن في راحة ، الأسف الحقيقي ابدوه على ضمائركم التي ماتت .”
ويضيف مستنكرا : حينما مات هذا المسن عرفتم الإنسانية !! .. أريدأن أخبركم أن إنسانيتكم هذه مجرد عواطف عابرة تتبخر مع مرور الوقت .. اين كانت الإنسانية والقلوب الرحيمة حينما كان هذا المسن يتعذب حيا اما وقد مات فشكر الله سعيكم فالموت بالنسبة له راحة من هذا الجحيم الذي يعيشه فالله أرحم به منا .
من جهته يوجه لإعلامي صالح العطري توبيخا قاسيا للعاملين بالحقل الصحفي بعدن مستغربا من التعاطف المفاجئ الذي ظهر على الجميع بعد وفاه المتقاعد القباطي امام بريد خور مكسر .
يقول العطري : من فترة ونحن نتحدث عن معاناة الناس في عدن ولكن للاسف الاعلاميين بالمحافظة مشغوليين بامور اخرى.
ويتساءل العطري .. كم هو العدد المطلوب من الناس الذي يجب ان يموتون في عدن حتى يتحدث اعلاميو الجنوب عن معاناتهم .
انتقادات واسعة
تلقف المتابعون وقادة الرأي العام القرار الحكومي بتشكيل لجنة تحقيق في وقاة المتقاعد عبدالله القباطي بردود فعل مستغربة رغم الأسى الذي خلفته واقعة الوفاة .
المحامي والقيادي الجنوبي يحيى غالب الشعيبي بارك الخطوة بحفاوة ساخرة مقترحا على الحكومة ابقاء اللجنة بانعقاد دائم حتى بعد الانتهاء من التحقيق بوفاة القباطي والدافع لذلك هو نظر اللجنة بالحالات المماثلة التي ستستمر.
الناشط الثوري بحركة 16 فبراير وليد ملهي وصف قرار الحكومة بإنه مجرد حقنة مخدرة للضحك على الشعب بالكلام المعسول حتي لا يثور عليها داعياً الحكومة للتوقف عن الاستهتار بعقول المواطنين
وقال الأكاديمي الجنوبي والمحاضر بجامعة عدن الدكتور حسين العاقل انه كان يفترض على الحكومة صرف رواتب المظلومين بدلا من اتخاذ قرار تشكيل اللجنة الذي وصفة بالمهزلة .
حلول عاجلة للأزمة
من جهته اكد الصحفي ياسر اليافعي على ضرورة الإسراع بانهاء معاناة المواطنين في البريد و خصوصاً مع توفر السيولة.
واشار اليافعي الذي يدير موقع وصحيفة يافع نيور الى أن التلاعب بحقوق الاباء والامهات من الرعيل الأول عار على الحكومة والسلطة المحلية وكل الاحرار وان المتاجرة بحقوق المتقاعدين لتحقيق مكاسب مادية لبعض ضعيفي الانفس يجب ان يتوقف ويقدم كل من يقوم بذلك للمحاكمة وفصلة من العمل .
واكد على ان حادثة شهيد الراتب القباطي لن تكون الاخيرة وليست الاولى فالمهانة احيانا اصعب من الموت ايضاً .
ودعا اليافعي الى تشكيل لجان رقابة على مكاتب البريد باشراف السلطة المحلية باعتبارها تتحمل جزء من المسؤولية، بالاضافة الى ايجاد الية سلسلة وسهلة لتوزيع الرواتب على الناس وفق جداول معينة بدون طوابير وعناء .