الازمة والحرب تفرض سياسة تمييزية مؤقتة نحو اليمنيين

بقلم/دمحمد علي السقاف

ليس هذا خطاب يحاكي سياسة الرئيس الامريكي ترامب وإنما واقع وظروف الأزمة والحرب والتحديات الجسيمة التي تواجه الجنوب بوجود أكثر من ثلث سكانه استوطنوا الجنوب منذ قيام دولة الوحدة ناهيك ماتمثله هجرة عشرات الآلاف الي الجنوب من دول القرن الأفريقى.
كيف يمكن التعامل مع تصاعد أعداد شهداء الجنوب من المدنيين بفعل العمليات الارهابية المنحصرة تحديدا في الاراضي الجنوبية دون غيرها في إلمحافظات الاخري ومن القادة العسكريين والجنود  في معارك تحرير اليمن في تعز و صعدة والمخا والحديدة بينما تحرير عدن ومناطق اخري في الجنوب لم يستشهد في تحريرها آخوة من اليمن الشمالي ( باستثناء الجنوبيين من أوصول شمالية   ) ؟؟ وسقوط شهداء من قوات التحالف من الاماراتيين والسعوديين في عمليات التحرير فاقت عددآً من اعداد اليمنيين !! كيف يمكن تفسير زج الجنوبيين في معارك خارج نطاق اراضيهم في حين جزءاً من اراضيهم لا تزال تحت سيطرة القوات غير الجنوبية في مناطق من شبوة وحضرموت ؟؟
اولا – متطلبات اوضاع حالة الحرب
في جميع حالات الدول التي تعيش حالات حرب داخلية ( كالحروب الاهلية – في الحرب الامريكية بين الشمال والجنوب في عام ١٨٦١ ) او في الحروب ذات الطابع الدولي عندما اتخذت الدول إجراءات إستثنائية  واعلنت بعضها حالة طوارئ كما حدث في الولايات المتحدة الامريكية في الحرب العالمية الثانية بعزل الامريكيين من اصول يابانية بعد هجوم بيرل هاربور عندما ضربت اليابان الاسطول الامريكي وبعد  أحداث ١١سبتمبر ٢٠٠١ بإتخاذ الإدارة الأمريكية إجرآءات تميزية ازاء الامريكين المسلمين والان ما يحدث في إطار سياسة ترامب إزاء الدول السبع بمنع دخول اراضيها مؤقتاً مواطني تلك الدول بمن فيهم حاملي الجنسية الأمريكية
  والنزوح الكبير من اللاجئين الي دول الاتحاد الأوروبي بسبب تداعيات الحرب السورية مما دعي بعض الدول الي فرض قيود علي إتفاق  شنجن الذي يسمح بالحركة دون قيود بين دول الاتحاد الاوروبي الموقعة علي الاتفاقية ناهيك علي اعلان حالة الطوارئ في فرنسا وتمديدها بعد احداث باريس الارهابية … الخ ذلك من الاحداث التي الزمت الدول لحماية امنها الوطني الي تبني قوانين وإجراءات استثنائية
ثانيا – زعزعة امن الجنوب والحاجة الي اتخاذ إجراءات إستثنائية
اذا كانت النماذج التي ذكرناها في الديمقراطيات المتقدمة غلبت دواعي الأمن والاستقرار في بلادها اتخذت إجراءات
 مؤقتة وإستثنائية علي حساب مفاهيم دولة القانون وخلافا لقيمها الديمقراطية في المساواة بين المواطنين فلماذا لدولة كاليمن التي تعتبر من الديمقراطيات الناشئة كما تصنف نفسها برغم عدم صحة ذلك لماذا لا تتخذ السلطة الشرعية والسلطات المحلية إجراءات مقيدة لمفهوم المواطنة المتساوية وحرية التوطين والحركة والتنقل بحرية بين الجنوب والشمال ما الذي يمنع ذلك ؟؟ وخاصة وجوب إتخاذ قرارات صارمة نحو الخلايا النائمة والمعشعشة في اراضي الجنوب
١- مفهومنا للخلايا النائمة
مفهومنا للخلايا النائمة وهو تعبير مجاز لا يقتصر علي الافراد وانما يشمل أيضا الشخصيات الأعتبارية ( المعنوية ) كالأحزاب السياسية والجمعيات ومنظمات المجتمع المدني والجمعيات الخيرية والقوات المسلحة المرابطة في الاراضي الجنوبية بقياداتها غير الجنوبية  يجب تصنيفها جميعاً دون استثناء كخلايا نائمة تشكل خطراً علي أمن واستقرار الجنوب والسلم الاجتماعي والوطني يمكن في اي وقت تفعيلها وإستغلالها من قبل اعداء الجنوب
وبناءاً علي ذلك يجب تقييد حريتها في الدخول الي الجنوب والاستقرار فيه والاشخاص المتواجدين الان في الجنوب فعلا يتطلب الامر حصرهم وتحديد اماكن إقامتهم بالاستعانة بعقال الحارات وان كان عقال الحارات في الاساس نظام موروث من الشمال لا يشكل جزءاً من النظام الإداري الذي كان سائداً في الجنوب شريطة ان يكون عقال الحارات آنفسهم جنوبيون وقد تدعوا الحاجة الي إستحداث منصب وزير للامن الوطني  خارج  اطار وزارة الداخلية
٢- تسريح صالح غالبية افراد المؤسستين العسكرية والامنية
بعد حرب صيف ١٩٩٤ التي استمرت نحو شهرين فقط قام نظام صالح بتسريح غالبية افراد المؤسستين العسكرية والامنية الجنوبية وما تبع ذلك من سياسة  ( خليك في البيت ) للكوادر المدنية الجنوبية وهي سياسة تمييزية بامتياز بين الجنوبيين والشماليين دون ان يحتج احد حينها ضد تلك الإجراءات  وتم وضع قائمةا ال١٦ المتهمين بالانفصال حصريا علي الجنوبيين فقط كما جرت محاولات لحل الحزب الاشتراكي بعد الحرب مباشرة
فإذا كان صالح في غضون شهرين من حرب ١٩٩٤ اتخذ تلك الإجراءات التمييزية بين مواطني الجنوب مقارنة ببقية مواطني اليمن الا يحق للجنوبيين معاملتهم بالمثل ونحن في العام الثاني من الحرب ؟ ام ان الجنوبيين يتخوفون من توجيه تهم الانفصال اليهم مما يجعلهم يمتنعون من اتخاذ القرارات نفسها ضد الشماليين ؟؟
للتذكير تاريخيا ان عملية تسهيل الانتقال والحركة لمواطني الدولتين حينها تم التوافق في صنعاء بتاريخ ١٧-١٩ نوفمبر ١٩٧٩بين وزيري داخلية الدولتين ممثلة من الجانب اليمني بالمقدم محمد حمود خميس  ومن الجنوب العقيد علي شائع هادي ووقعت الاتفاقية بين الوزيرين بتاريخ ١٢ يونيو ١٩٨٠ اقرا فيها بالنسبة للمواطنين الشماليين تقديم البطاقة الشخصية عند الاطراف المراد العبور فيها أو اليها أو الموانئ الجوية ..ويكتفي بالنسبة للمواطنين الجنوبيين تقديم تصريح صادر من الجهات المختصة في الجنوب عليه صورة شخصية  ٠ المادة ١
السؤال المطروح هل بالامكان  مع وجود إتفاقية الوحدة بين الدولتين  إعادة تفعيل ما كان سائدا في العلاقة بين الدولتين الي ماكانت عليه قبل الوحدة ؟؟ من ناحية قانونية وفق قواعد القانون الدولي لا يجوز ذلك بالرغم انتهاء الوحدة عمليا بين الدولتين  وفق القانون الدولي ولكن ليس هنا المكان المناسب للحديث عن ذلك
والسؤال الاخر المرتبط بالتساؤل الاول وماذا عن الإجراءات التمييزية التي اتخذتها الديمقراطيات المتقدمة التي تمت الاشارة اليها وكذلك القرارات التي اتخذها صالح بنهاية حرب١٩٩٤ ؟ مما يجعل النقاش مفتوح حول هذه النقاط
في الخلاصة
—————
اتذكر في عهد نظام صالح جرت نقاشات بيني وبين قيادات من حزب الاصلاح حول بعض مواقفهم التي رأيت فيها انها مخالفة للقانون والدستور وكانت تبريرات مواقفهم بالقول انها مبنية وفق القاعدة الفقهية القائلة بان الضرورات تبيح  المحظورات
ونحن الان استناداً لنفس القاعدة الفقهية والي الإجراءات التي اتخذتها عددا من الديمقراطية المتقدمة علي السلطة الشرعية وعلي السلطات المحلية معاً او بشكل إنفرادي ان تقوم باتخاذ إجراءات استثنائية وبصفة مؤقتة تعالج حالات الخلايا النائمة و وتقييد حركة الدخول الي اراضي الجنوب والتعاطي مع مشكلة اللاجئين القادمين من دول القرن الافريقي لان كل ذلك يمس أمن واستقرار الجنوب ومن خلاله أمن الخليج والامن القومي العربي علي ان لايشكل مثل هذا التوجه الي صدام مفتوح مع رمز الشرعية ممثلة بالرئيس هادي ومع ثنائي التحالف العربي ممثلاً بالسعودية ودولة الإمارات العربية
بريطانيا في ٢٦ فبراير ٢٠١٧

 

You might also like
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com