ما أغضب العرب في “مؤتمر ميونخ” ….السعودية حليفة لإسرائيل بشكل علني
Share
المشهد الجنوبي الأول/متابعات
اعتلى وزيرُ الدفاع الإسرائيلي “أفيغدور ليبرمان” منصَّةَ القاعة التي استضافت مؤتمر ميونخ للأمن بألمانيا وألقى كلمة، بينما كان وزير الخارجية السعودي عادل الجبير في الصفوف الأولى يستمع لكلمة ليبرمان وينتظر دوره للحديث.
من على المنصة المؤتمر تحدث وزيرُ الدفاع الإسرائيلي ليبرمان، وكأنه وزيرٌ سعوديٌّ، تحدث باسم النظام السعودي، وعبّر عن مخاوف النظام السعودي، ودعا بطريقته لحماية آل سعود، وهناك كان الجبير يصفّقُ لهذا الحرص الإسرائيلي على نظام بلاده، ويجهّزُ نفسَه للوقوف على المنصة ليُعلِنَ بشكل مباشر موافقتَه على كُلّ ما جاء في كلمة الوزير الإسرائيلي.
خلال المؤتمر، وكما نقلت وكالة رويترز، قال ليبرمان حرفياً: “إيران تهدفُ إلى زعزعة الاستقرار في كُلّ دولة في الشرق الأَوْسَط… وَوِجهتُها الرئيسية في نهاية الأمر هي السعودية”.
ليبرمان دعا أَيْضاً ما وصفها بالدول العربية “السُّنيّة” إلى حوار مع إسرائيل لمواجهة المتطرفين.
أضاف ليبرمان حرفياً: “إذا سألتني، ما هو أهم حدث في الشرق الأَوْسَط؟ أجيب أنه يتمثل في إدراك بعض الدول العربية السُّنية وللمرة الأولى منذ 1948 أن الخطرَ الأكبرَ المحدق بها يكمن في إيران لا في إسرائيل”.
إلى هنا قد يمكنُ اعتبارُ تصريحات ليبرمان بأنه تخُصُّ الدولة الصهيونية وليس من الضروري مهما قال إن ينطبقَ الأمر على السعودية والدول العربية الأخرى التي كان يقصدُها، لكن ليبرمان أراد أن تكونَ صالة المؤتمر شاهدةً على متغيّرٍ جديدٍ في المعادلة، ودعا وزيرُ الخارجية السعودي بالاسم للتعليق على كلامه.
هل فعلاً يرى الجبير أن إسرائيلَ ليست خطراً، ويوافق على ما طرحه وزير الدفاع الإسرائيلي؟
ليبرمان أضاف قائلاً: “آمل في الاطلاع على موقف وزير الخارجية السعودي عادل الجبير تجاه ذلك؛ لأني أُعتقد أن الانقسام الحقيقي ليس بين اليهود والمسلمين، وإنما بين أطراف معتدلة تواجه أخرى راديكالية”.
لم يخيِّبْ الجبيرُ آمالَ وزير الدفاع الإسرائيلي، فالأمر لم يحدث صدفةً، بل نتيجة المحادثات السرية لإنشاء تحالف إسرائيلي-عربي، بحسب “وول ستريت جورنال” والذي ترعاه الولايات المتحدة.
صعد الجبير إلى منصة المؤتمر، وهناك أعطى موافقته على كُلّ ما جاء في حديث ليبرمان.
وبحسب وكالة رويترز أَيْضاً “رفض وزير الخارجية السعودي عادل الجبير دعوات إيرانية للحوار قائلاً إن طهران هي الراعي الرئيسي للإرهاب في العالم وقوة مزعزعة للاستقرار في الشرق الأَوْسَط وتريد “تدميرنا”.
يتابع الجبير بحسب رويترز قائلاً: “تبقى إيران الراعيَ الرئيسيَّ المنفردَ للإرهاب في العالم… هي مُصرّةٌ على قلب النظام في الشرق الأَوْسَط… إلى أن وما لم تغيّر إيران سلوكها سيكونُ من الصعب جداً التعاون مع دولة مثل هذه”.
ولكن من أين سيبدأ هذا التحالف العلني الإسرائيلي السعودي؟ الإجابة يتولى الجبير الإدلاء بها، وهو لم يغيّر الواقع سوى أنه أعلن عنه، فهذا النوعُ من التحالف سيكونُ على المسرحَين القائمَين أصلاً، وهما في اليمن وسوريا.
ويقول الجبير “إيران تدعم حكومة الرئيس السوري بشار الأسد وتمول الانفصاليين الحوثيين في اليمن وجماعات العنف في أنحاء المنطقة”.
ليس مهماً تفنيدُ ادعاءات الجبير حول دعم إيران لأنصار الله، فمن يطلق ادعاءاته من جانب وزير الدفاع الإسرائيلي الذي يمثّل دولة اغتصبت الأراضي العربية وقتلت وشردت الملايين من الفلسطينيين، لن يكون محل ثقة الشعوب العربية ليتم تفنيد ادعاءاته، ولكن الجبير اختصر الطرق وحدد اليمن وسوريا منطلقاً لتحالفه مع إسرائيل.
التحالف العلني بين إسرائيل والسعودية لم يكن وليد الصدفة، بل إنه تتويج لسياسة ترامب في البيت الأَبْيَض والذي يريد أن يحول إسرائيل صديقاً علنياً للسعودية ومن شابهها، ففي عهد ترامب لم يعد مسموحاً ولو الصمت الذي كان يمارسه النظامُ السعودي تجاه التطبيع الذي تقوم به أجهزتُه وشخصياتٌ سعودية مقربة منه ولقاءات الأمراء السعوديين مع الإسرائيليين.
كما أن قبولَ عادل الجبير بما جاء في كلمة ليبرمان لم يقتصر على إيران واليمن وسوريا، بل قبولٌ بقتل القضية الفلسطينية إلى الأبد، فالكشف عن تحالف إسرائيلي-سعودي أردني إمَارَاتي مصري، جاء عقب إعلان ترامب عما وصف بموت حل الدولتين في الأراضي المحتلة، كما ليبرمان تحدث في الكلمة التي ألقاها بمؤتمر ميونخ بحضور الجبير عن شكل جديد للحل وعرض فكرة “أن تصبح الاراضي الفلسطينية التي يقيم فيها مستوطنون يهود جزءا من دولة إسرائيل فيما تغدو القرى الإسرائيلية التي يقطنها عرب جزءاً من الدولة الفلسطينية المقبلة”. أما صعود الجبير للمنصة وموافقته على كلام ليبرمان فقد شمل كُلّ هذه الجزئيات.