يتجه الموقف الدولي إلى تشديد حصاره على تنظيم الإخوان، مع تولي الرئيس الأمريكي دونالد ترامب رئاسة الولايات المتحدة، وذلك بالتوازي مع الموقف العربي، الذي لفظ هذا التنظيم مبكراً واعتبره تنظيماً إرهابياً، وفيما كان، ولايزال الموقف العربي صلباً من هذا التنظيم، كان الموقف الدولي المنطقة الرخوة، أو الحاضنة البديلة، على ضوء توظيف عدد من دول الغرب لهذا التنظيم ضد مصر وغيرها من الدول العربية، في إطار الضغوط السياسية والأمنية لتحقيق مصالحها.
أكد ترامب في خطاب التنصيب، الجمعة الماضي، بوضوح أن الولايات المتحدة ستعمل على مواجهة «الإرهاب الإسلامي»، كما أكد المعنى نفسه في لقائه السبت مع المسؤولين في وكالة الاستخبارات الأمريكية، ما يعني أنه ماض في تنفيذ ما أعلنه خلال حملته الانتخابية، وأنه سيأخذ نهجاً مغايراً لما دأب عليه أسلافه، على هذا الصعيد، حيث سعوا إلى توظيف الإرهاب ضد الدول العربية والإسلامية، فانفلت من عقاله ليضرب الغرب بلا هوادة، ومن ثم فإن هذا الإرهاب الوظيفي مرشح للاختفاء، وفق الاستراتيجية الأمريكية الجديدة.
يساعد على ذلك أيضاً طبيعة التوجهات الأمريكية المقبلة داخلياً، في المنطقة والعالم، والتي أعلن عنها ترامب مراراً، خلال الحملة الانتخابية، فعلى المستوى الداخلي، فإن قضية الإرهاب هي المشترك الأهم في علاقته مع المؤسسات الأمنية الأمريكية المتوترة، وفي مقدمتها وكالة الاستخبارات، خاصة بعد إعلانه التقارب مع روسيا، ومن هنا يمكن أيضاً فهم توجهات بعض أعضاء الكونغرس لإعداد تشريع يعتبر الإخوان، جماعة إرهابية. وعلى الصعيد الخارجي، فإن أجندة ترامب الاقتصادية، هي التي ستحرك سياساته الخارجية، وليس هناك ما هو أقدر على تكوين تحالف عالمي، من الإرهاب.
ويساعد على هذا التوجه الجديد أن العديد من القوى الكبرى، ومنها روسيا والصين تعتبران جماعة الإخوان تنظيماً إرهابياً، ومن ثم فإن ذلك يساعد على التقارب الأمني بين واشنطن، وهاتين العاصمتين، مما يقود إلى إمكانية تحالف دولي على هذا الصعيد، معززاً بتحالف إقليمي تلعب فيه مصر وعدد من الدول العربية، دوراً مهماً على هذا الصعيد، وهو ما يضع تنظيم الإخوان، في بؤرة الضربات الدولية المتوقعة، ليس فقط انطلاقاً من التصنيف العربي، فكل من مصر والإمارات والسعودية تعتبر الإخوان تنظيماً إرهابياً، ولكن أيضاً انطلاقاً من تقارب الغرب مع الرؤية المصرية خاصة، والعربية عموماً، في تعريف الإرهاب والتنظيمات الإرهابية، والتصدي لها.لذا فمن المتوقع أن يتعرض تنظيم الإخوان لملاحقات دولية، ليس فقط على صعيد الدول، وإنما مجلس الأمن الدولي والمؤسسات الأمنية العالمية.
ومن المتوقع أن تساند الولايات المتحدة خصوصاً مواقف الدول العربية على هذا الصعيد، لتشمل ما يتم اتخاذه من إجراءات عربية ضد تنظيم الإخوان، وغيره من التنظيمات الإسلامية، ومنها أيضاً تنظيم الجماعة الإسلامية والجهاد المصريين، والمصنفين فعلياً تنظيمين إرهابيين في الولايات المتحدة، وعدد من دول الغرب، وهذا ما سينطبق أيضاً على تنظيم «أنصار بيت المقدس»، الموجود في سيناء، مما يقوي موقف مصر والدول العربية.
وتظل نقطة الضعف في هذا التوجه الجيد متمثلة في الموقف البريطاني، الحريص تاريخياً، على توظيف تنظيم الإخوان ضد مصر والعالم العربي، إلا أن هامش المناورة البريطانية على هذا الصعيد، سيتعرض للتقليص.