سجل اللواء عيدروس الزبيدي محافظ عدن حضورا” بارزا” في وسائل الإعلام وشبكات التواصل الاجتماع وعلى وجه الخصوص الجنوبية منها فمنذ الوهلة الأولى لتعينيه اهتمت بأخباره وسائل الإعلام المحلية والعربية اهتماما كبيرا عكس حجم وزن الرجل ومكانته محليا” وإقليميا”.
ومن خلال متابعة وسائل الإعلام الجنوبية المختلفة يكتشف السياسي الحصيف والقارئ اللبيب بأن هذه الكتابات توزعت إلى ثلاث أنواع سأطلق عليها مسميات تتناسب مع خطاب أصحابها ومحتوى ما يكتب كل نوع منها.
1- هديل الحمام
أصحاب هذا النوع من الكتابات يرون بان عاصفة الحزم حدث تاريخي وان الأوضاع بعدها تختلف عن الأوضاع قبلها و أن المقاومة الجنوبية نقلت الجنوب إلى مربع جديد ‘ وكذلك الحال كان الانتصار هو الآخر نقلة متقدمة وجاء تولي الزبيدي زمام الأمور كمحافظ لعدن لينقل الجنوب إلى مربع أكثر تقدما”.
وأصحاب هذه القناعة عبروا عن ترحيبهم بتعيين اللواء عيدروس الزبيدي على رأس السلطة المحلية في محافظة عدن بلغة الحمام التي تعبر عن ارتياحها بهديلها الجميل وحركتها النشطة ‘ واعتبرو هذا خطوة على الطريق الصحيح تمهد لاستعادة دولة الجنوب ويرون بأنه يجب الاستفادة منها في إعادة بناء مؤسسات دولة الجنوب وتعمير بنيته التحتية ولذا تجدهم يعبرون عن رضاهم بأداء الزبيدي ويشيدون بما حققه من نجاحات في الملف الأمني وبعض الملفات الأخرى مقدرين صعوبة الأوضاع التي خلفتها حرب غزو الجنوب الثانية ومدركين حجم التركة التي ورثتها عدن خلال 22 عاما” والمثقلة بالفساد وثقافة السلب والنهب ويرى أصحاب هذا التوجه بأنه لابد من تكاتف كل الجهود لمساندة الزبيدي لأن نجاحه في إدارة عدن وجعلها مدينة آمنة ومستقرة وجعل المدنية طابعها والعمل المؤسسي ركيزتها والنظام والقانون حاكماها ‘وجعلها مدينة خالية من الإرهاب والفساد هو نجاح لمشروع الدولة الذي يتغنى به الجنوبيين ليلا نهارا ‘ومن هذا المنطلق فهم حريصون على نجاح إدارة المناطق المحررة لكي نقدم للمجتمع الدولي الإقليمي نموذجا مختلفا عن ما كان عليه قبل التحرير ونقنعهم بأننا نستحق أن نكون دولة مستقلة ذات سيادة وعليهم مساندة حقنا في استعادتها.
2- صياح الديوك
أصحاب هذا النوع من الكتابات أظهروا حنقهم من تعيين اللواء عيدروس الزبيدي بطريقة لغة الديوك حيث اعتبر أصحاب هذا التوجه قبول الزبيدي لمنصب محافظ عدن هو تخلي عن القضية وخيانة لدماء الشهداء وأنهم قبلوا تطبيع الأوضاع مع الاحتلال بهدف الحصول على مكاسب شخصية. ولذا تجدهم يصرخون وبأصوات مرتفعة ويكثرون من النواح والخشية من ضياع الاسستقلال غير مدركين للواقع ولا مستوعبين للمتغيرات ولا يقدرون خطورة المرحلة التي يمر بها الجنوب بما تحمله من تعقيدات وتداخلات واستقطابات فهم يرفعون شعارات ولا يعملون من أجلها ولذا فهم أشبه بالديوك التي تصيح لتذكرنا بمواقيت الفروض وهي لا تصلي ناهيك أنها تصيح وهي بين أكوام القمامة والقاذورات.
نعيق الغراب
اعتقد أصحاب هذا النوع من الخطاب الإعلامي بأن تعيين الزبيدي سيوفر لهم فرصة حقيقية للوصول إلى بعض المواقع القيادية في مؤسسات وأجهزة الدولة لكي يعوضوا حالة الحرمان التي عانوها منذ حرب 94 لذا فهم رأوا بأن وجود الزبيدي على رأس هرم السلطة في عدن سيمكنهم من الحصول على العديد من المنافع والمكاسب الشخصية وأصحاب هذا الاتجاه منقسمين إلى صنفين :
الصنف الأول رحب بتعيين الزبيدي وتقرب منه وحاول أن يظهر بمظهر الناصح والحريص وأسرف في التنظير على أمل أن يحصلوا على نصيب من كعكة الجنوب فهم يعتبرون المنصب غنيمة جاءت لهم على طبق من ذهب ويجب استغلالها إلا أنهم سرعان ما غيروا رأيهم بعد أن وجدوا بأن الزبيدي لم يلتفت إليهم.
الصنف الثاني ظل صامتا” معتقدا بأن ادوره النضالي في الحراك السلمي سيدفع الآخرين إلى البحث عنه وأن المنصب سيأتيه إلى البيت كاستحقاق نضالي إلا أن هذا لم يحدث ومع مضي الوقت وجدوا أنفسهم خارج الفوتبات ووجدوا بأن من كانو يعتقدون أنهم أقل دورا نضاليا” منهم قد تجاوزوهم وتم ترتيب أوضاعهم وأصبح لهم شأن ومكانة بين أوساط الناس.
لم يجد أصحاب هذا الإتجاه أي خيار أمامهم غير التعبير عن رأيهم بلغة الغراب ولذا تسمع نعيقهم وهم يتحدثون عن إخفاقات الزبيدي وعدم سماعه لنصائحهم و أنهم توقعوا له الفشل كونه لم يعتمد على الكفاءات والقدرات ولم يستفد من الخبرات المتراكمة لديهم وهؤلاء جندو ا أنفسهم لاصطياد الأخطاء وتهويلها وخطورتها وضررها على الجنوب وأن من قبلوا بالمناصب وقعوا بالفخ وأن تواجدهم شكلي لا يقدم ولا يؤخر ووصل بهم الأمر إلى درجإنهة التقليل من الانتصار ويتجاهلون ما تحقق من تحسن للأوضاع في الجنوب عن ما كان عليه قبل الانتصار وعلى وجه الخصوص التحرر من هيمنة الشمال .
بعد أن تحدثنا عن القناعات المختلفة في الشارع الجنوبي أود هنا ان أتحدث بشكل مختلف لأجيب على السؤال الذي. وضعته وهو :
لماذا يحظى الزبيدي بقبول جماهيري ؟!!
سأجيب على هذا السؤال بعيدا” عن هديل الحمام وبعيدا” عن صياح الديوك وعن نعيق الغراب وخلافا” للشاكرين والشاكين سأتحدث بلغة الهدهد وأطرح جملة من الحقائق لا يختلف عليها ولا ينكرها أحد وهذه الحقائق هي :
1- عيدروس الزبيدي لم يكن من القيادات التي صنعها الحراك أو صنعتها المقاومة بل هو من صناع الحراك ومن صناع المقاومة حيث قاد حركة تقرير المصير (حتم ) التي أعلنت عن وجودها في مايو 21 مايو 98 م واستمرت حتى عام 2001م وتبنت الكفاح المسلح حينها وكانت تقوم بمهاجمة معسكرات الاحتلال وتنفذ عمليات اغتيال لضباطه كما حرص على أن يكون ل(حتم) جناح سياسي ودفع بتشكيل اللجان الشعبية التي قادت احتجاجات سلمية في عدد من محافظات الجنوب وبذلك يكون قد جمع بين العمل السلمي والمسلح .
2- حكم بالإعدام مع عدد من رفاقه في الحركة وظل ملاحقا” في جبال الضالع وشعابها لم يسقط ولم ينكسر تحمل المعاناة وقاوم كل العروض والمغريات دون أن يشكو أو يمن على أحد
3- كان يعمل بصمت بعيدا” عن الإعلام وبعيدا” عن منصات الخطابة ولم يبحث عن شهرة كاذبة ولا عن مجد زائف.
4- وقف على مسافة واحدة من المكونات ومثل شوكة الميزان برفضه الإنتماء إلى أي مكون من مكونات الحراك التي تناسلت وتناثرت بشكل مخيف .
5- لم يكن طرفا”في الخلافات والتباينات التي شهدتها ساحة الحراك ولذا لم يكن لمفردات التخوين والإقصاء مكانا” في سلوكه النضالي.
6-في الوقت الذي كان فيه من يسمون أنفسهم قيادات للحراك يتصارعون على رئاسة اللجان التحضيرية ويحشدون قواهم لعقد مؤتمر لهذا المكون أو ذاك لكي يفصلوه على مقاسهم كان يجهز الكتائب والسرايا ويدربها ويعدها لتحرير الوطن ويفتح المعسكرات لاستقبال الشباب من كل محافظات الجنوب وأثبتت حرب غزو الجنوب الثانية صحة وصواب خياره حيث كانت الكتائب والسرايا التي جهد واجتهد في تجهيزها جاهزة لتحقيق النصر وحققت هدفها وجنت ثمار ذلك نصرا” مبينا
7- واخيرا” وهذا هو الأهم أن عيدروس الزبيدي جاء إلى منصب المحافظ من جبهات ومتاريس القتال حيث تصد الصفوف الاولى للمقاتلين ولم ياتي من فنادق خمسة نجوم.