القضية الجنوبية بين مطرقة الشرعية وسندان المجلس الأنتقالي
كتب / عقيد/ محسن ناجي مسعد
الجدل الذي أحتدم خلال الأيام الماضية حول مشاركة الجنوبيين في اللقاء الذي جمعهم بممثلي الأحزاب والتنظيمات السياسية اليمنية وبرعاية من الحكومة الأمريكية صاحبة الدعوة لعقد مثل هذا اللقاء لا أظنه يستحق كل هذا النعيق وكل ذلك الصراخ خاصة إذا ما أخذنا بالأعتبار بأن هناك ما هو أخطر على القضية الجنوبية من تلك المشاركة الجنوبية ويتمثل ذلك الخطر في الشراكة التي أقامها المجلس الانتقالي مع الشرعية مما يؤكد بأن حضور الجنوبيين ذلك اللقاء الذي ضم الأحزاب اليمنية لا يخرج أبدا عن سياق تلك الشراكة المتعددة الأوجه التي أقامها المجلس الانتقالي مع الشرعية التي تدير كافة تلك الفعاليات والنشاطات السياسية والحزبية والاقتصادية وغيرها من النشاطات التي تسهم في تعزيز وترسيخ أقدامها في الساحة الجنوبية التي تجري على قدم وساق وما إنعقاد مثل هذا اللقاء المزعوم الا تأكيد على أن الجنوب وعاصمته عدن قد أضحت مسرح لكافة النشاطات السياسية والحزبية والحكومية التابعة للجمهورية اليمنية… فالعاصمة الجنوبية عدن هي التي أحتضنت اللقاء المزعوم الذي جمع كافة الأحزاب والتنظيمات والمكونات الشمالية تحت سقف واحد وفي ظل حماية جنوبية والتي من دونها لما كانت تجراءات تلك الأحزاب والتنظيمات الشمالية على عقد اجتماعها المزعوم في العاصمة الجنوبية عدن التي أضحت مستباحة للقوى السياسية والحزبية الشمالية التي تسرح وتمرح في الجنوب وتتأمر على قضيته العادلة نهارا جهارا دون أي رادع ودون أن تجد من يقول لها كفاكم عبث وكفاكم تأمر على هذه البلد التي لا تطيق وجودكم ولا تقبل أن تقيموا فيها أي نشاط لكم أكان سياسي أو غيره من الأنشطة التي تعتبر تعدي صريح وواضح على سيادة وكرامة الوطن الجنوبي الذي لفظكم ولفظ وجودكم فوق ترابه منذو سنوات طويلة بغض النظر عن طبيعة القضايا التي تم تداولها أو طرحها على طاولت اللقاء الحزبي والتنظيمي الذي شارك فيه بعض الجنوبيين الذين ليس بالضرورة أن يكونوا يمثلون القضية الجنوبية خاصة وأن مثل هذه اللقاء قد تقرر فيه بأن يتحاور الحاضرين حول مسألة توحيد صفوف الشماليين حتى يستطيعوا مواجهة مليشيات الحوثي ويضعوا حد التغولها على الشرعية وعلى باقي القوى السياسية الحزبية الشمالية التي ترى بأن خيار الحسم العسكري مع الحوثيين قد فات أوانه ولم يتبقى لهم في هذه الحالة الا الدخول في تفاهمات مع تلك المليشيات والتي عن طريقها فقط يمكن تجاوز خلافاتهم القائمة حاليا بينهم عبر عملية تفاوضية يتم من خلالها التفاوض حول مسألة تقريب وجهات النظر بينهم والتوصل إلى حلول سياسية وعسكرية وأمنية والتي من شأنها أن تؤدي إلى وضع نهاية حقيقة لحالة الحرب المشتعلة في اليمن والتي ماتزال لم تضع أوزارها بعد حتى يومنا هذا بحسب مجريات الواقع الذي نعيشه اليوم حتى يتفرغ الجميع لمواجهة ما هو أهم من الخلافات التي لا زالت قائمة بين الطرفين مليشيات الحوثي من جهة والشرعية وباقي والأحزاب والتنظيمات والمكونات الشمالية من جهة اخرى … ومن هنا وإتساقا مع ما سبق ذكره نستطيع الجزم بأن كافة المعطيات السياسية والعسكرية والأمنية تؤكد وبوضوح شديد بأن الأحزاب اليمنية ومعها الشرعية لا تستطيع أن تقنعنا كجنوبيين بأنها تبذل كل ما في وسعها من أجل إلحاق الهزيمة السياسية والعسكرية بالحوثيين الذين باتوا قوب قوسين أو أدنى من الدخول في تفاوض مع الشرعية وباقي الأحزاب والقوى السياسية والحزبية الشمالية التي تعمل وإلى جانبها الشرعية على إنجاح عملية الوساطة التي تقودها المملكة العربية السعودية وسلطنة عمان من أجل إحلال السلام في اليمن عبر عملية عملية تصالحية بين الحوثيين من جهة والشرعية وباقي التنظيمات والأحزاب السياسية وغيرها من المكونات الشمالية المنضوية تحت لواء الشرعية التي ترى ضرورة إنها حالة الإنقسام القائمة بينهم وبين الحوثيين عن طريق تقديم المزيد من التنازلات لبعضهم البعض حتى يتمكنوا في نهاية المطاف من التفرغ التام وهم موحدين حوثيين وشرعية وأحزاب ومكونات عسكرية يمنية لمواجهة خطر انفصال الجنوب عن الشمال والوقوف صفا واحدا ضد المشروع الجنوبي المتمثل بقيام الدولة الجنوبية التي يشكل قيامها بحسب عقيدتهم وقناعتهم الراسخة تهديد وجودي لدولة الجمهورية اليمنية ولكل القوى السياسية والحزبية والدينية والقبلية والشرعية الشمالية التي تقع عليهم جميعا ودون استثناء مسؤولية القيام بكل ما يلزم وبكل ما من شأنه أن يؤدي إلى وأد القضية الجنوبية ودفنها وعدم السماح للجنوبيين بتحقيق ما يتطلعوا إليه وما يطمحوا إلى تحقيقه رغما عن إرادة الدولة اليمنية التي لن تقبل بأي حال من الأحوال أن يفرض عليها الجنوبيين ما تعتبره خروج عن الإجماع الوطني والمساس بالوحدة اليمنية وبكافة الثوابت الوطنية الغير قابله للمساومة بغض النظر عن عدالة القضية الجنوبية التي يقر الشماليين بأن هناك إمكانية لحل مثل هذه القضية ولكن ضمن رؤيتهم وتصورهم الخاص للحل الذي ينبغي أن تستحقه القضية الجنوبية والذي لا يخرج أبدا عن سياق واطار اليمن الواحد وفي ظل دولة الجمهورية اليمنية …
ينبغي أن يكون معلوم لدينا بأن مشاركة الجنوبيين في مثل ذلك اللقاء التشاوري الحزبي اليمني كان يمثل استجابة حقيقية لعملية الشراكة القائمة بين المجلس الأنتقالي والشرعية التي شملت الكثير من المجالات والميادين السياسية والعسكرية والأمنية والأعلامية والاقتصادية وحتى التنكيل بالجنوبيين تدخل أيضا ضمن سياق هذا الشراكة القائمة بين تلك الأطراف وهي الشراكة التي قامة على حساب القضية الجنوبية وعلى حساب نضالات وتضحيات ودماء الجنوبيين خاصة إذا ما أدركنا تمام الإدراك بأن العدو والخصم رقم واحد للقضية الجنوبيةهي :- الشرعية + الأحزاب والتنظيمات والمكونات السياسية والعسكرية والقبلية اليمنية والتي جميعها ودون استثناء تكن العداء الصارخ للقضية الجنوبية وللشعب الجنوبي الذي مازال وحتى يومنا هذا غارق في المعاناة التي تقف خلفها الشرعية ونظامها السياسي والأحزاب والتنظيمات الداعمة لسياستها العبثية التي تطبقها على الشعب الجنوبي منذو عقود مضت وهي جميعها أي الشرعية وباقي الأحزاب التنظيمات السياسية اليمنية لا تربطها من قريب أو بعيد أي علاقة أو صلة بالقضية الجنوبية التي ليس لها موقع من إعراب تلك القوى السياسية والحزبية اليمنية التي عرف عنها بأنها وعلى الدوام على خصومة تاريخية مع قضية شعب الجنوب كما إنها لا تعترف بحق الجنوبيين في قيام دولتهم وحقهم في الحرية والأستقلال كما أن هذه القوى الحزبية والسياسية والدينية اليمنية تعمل بقضها وقضيضها على إجهاض المشروع السياسي الجنوبي وحرمان الجنوبيين من حقهم في قيام دولتهم المستقلة بأي ثمن كان دون إظهار أي مرونة سياسية تجاه قضية شعب الجنوب أو إبداء الأسباب المنطقية والواقعية التي تجعلهم وعلى طول الخط يرفضون بصورة قاطعة الإستجابة للأطروحات السياسية التي يقدمها الجنوبيين على كافة المنابر السياسية والأعلامية المحلية والدولية والاقليمية حول مسألة عدالة قضيتهم وما تعرضوا له على مدى العقود الثلاثة الماضية من قهر وظلم تنكيل وتعسف واستبداد وأستعباد على يد نظام صنعاء الذي ارتكب الكبائر بحق الجنوبيين وعاث في أرضهم فسادا وخرابا دون أي رادع أخلاقي أو سياسي أو قانوني يستطيع ردع ذلك النظام العابث الذي داس على كرامة الجنوبيين و على أدميتهم وحرمهم من كافة حقوقهم الأدمية المشروعة التي أهدرها ذلك النظام العابث الذي مارس كل صنوف القتل والتشريد والإبادة الجماعية بحق الجنوبيين الذين حرمهم نظام صنعاء من أبسط مقومات الحياة الضرورية التي يمكن أن يحصل عليها الناس في أي بقعة من هذه البسيطة بقصد إخضاعهم وترويضهم لكافة مشاريعه السياسية التي أراد أن يقيمها في الجنوب بعد احتلاله للجنوب في حرب صيف ١٩٩٤م التي مكنته من السيطرة على كامل التراب الجنوبي كما مكنته تلك الحرب الملعونة من القيام بنهب الثروات الجنوبية عن طريق إعادة تقاسمها بين الوجهات السياسية والعسكرية والقبلية والدينية اليمنية التي أعتبرت بأن الجنوب ومن عليه يعد غنيمة حرب بعد الفتوى التي أصدرها جهابذة الإخوان المسلمين الذين أفتوا وبكل وقاحة وتجرد من إنسانيتهم وأدميتهم التي باعوها في سوق النخاسة بأن الجنوب يعد دار كفر بمعنى أن دار الكفر تقوم عليه أحكام تختلف عن الأحكام التي تقوم على دار السلم في الحروب وأن هذه الفتوى تمنحهم الحق الإلهي في السيطرة الكاملة على كافة مقدرات الجنوب وثرواته الوطنية التي وضعت بصورة تلقائية تحت تصرف جهابذة الفساد من سياسيين وعسكريين ومشائخ القبائل ورجال الدين وغيرهم من رجال العصابات في اليمن الذين هبوا على الجنوب من كل حدب وصوب لم يترددوا قط من تسخير الدين لخدمة أغراضهم الدنيئة التي فرضة على الجنوب وأهل الجنوب الذين كانوا ضحية لهؤلاء العابثين الذين لم يكتفوا فقط بنهب وسرقة الثروات الوطنية الجنوبية التي أستباحوها فعلا بل بلغ بهم الأمر حد قيامهم بالاستيلاء مع سبق الأصرار والترصد وعن طريق القوة القهرية على ممتلكات وعقارات وأراضي المواطنيين ونزع الملكية عنهم وتحويلها لصالح الشماليين الذين قام النظام الحاكم باستقدامهم إلى الجنوب وعمل على إعادة توطينهم في الجنوب ومنحهم كافة الأمتيازات الإدارية والوظيفية التي مكنتهم من السيطرة شبه الكاملة على كل ما له صلة أو علاقة بحياة المواطنيين الجنوبيين الذين تم تجريدهم من كافة حقوقهم السياسية والقانونية والاقتصادية والأجتماعية والمتعلقة بإدارة شؤون حياتهم اليومية التي تم تجريدهم منها لصالح الشماليين الذين تكبروا وتجبروا و تدخلوا في كل شاردة وواردة تتصل بحياة المواطن الجنوبي الذي تحول الى غريب في وطنه ولا يستطيع أن يقطع حتى بعشاء يومه أو يحمي نفسه وعرضه وأرضه من عبث العابثين الذين لم يردعهم رادع طالما كانوا مازالوا يحتمون بأدوات القمع التي تمتلكها السلطة والتي وظفتها لخدمة هؤلاء الرعاع وأشباه الرجال الذين تجردوا من كافة الصفات الأنسانية والأخلاقية ..
أن موقفنا من الشرعية كنظام إحتلال لا ينبغي أن يتغير تحت أي مبرر كان كما ينبغي أيضا أن تتوحد نظرتنا ويتوحد موقفنا تجاه الشرعية من جهة والحوثيين من جهة الأخرى فلا يمكن تحت أي ظرف كان وتحت أي حسابات سياسية كانت بأن يكون أيا منهم الشرعية + الحوثيين حليف لنا والأخر عدو بأعتبار ان كلاهما بغض النظر عن موقف التحالف العربي منهما أعداء للقضية الجنوبية وكلاهما يشكلان خطر على حاضر ومستقبل القضية الجنوبية من منطلق كونهم يقفان على أرضية سياسية واحدة ويتخذان موقفا موحد تجاه القضية الجنوبية ويكنان العداء الصارخ للمشروع السياسي الجنوبي والمتمثل بقيام الدولة الجنوبية وكلاهما الشرعية والحوثيين وباقي المكونات الحزبية والتنظيمية والقبلية والعسكرية والأمنية الشمالية يتخذون موقفا عدائيا واحدا من القضية الجنوبية فالكل مجمع على عدم الأعتراف بحق الجنوبيين في قيام دولتهم ولديهم الأستعداد التام للدخول في حرب جديدة ضد الجنوبيين على غرار حرب ٩٤م من أجل إسقاط مشروعهم السياسي والمتمثل في قيام دولتهم المستقلة التي أضحى قيامها مطلب كل جنوبي وجنوبية ولا مجال للتراجع عن تحقيق هذا الخيار الذي بات من الأمور التي ينظر لها الجنوبيين بنوع من التقديس ولا مجال بأي حال من الأحوال التخلي عن مثل هذا الحلم العظيم الذي يسكن في قلوب ووجدان وضمير الجنوبيين الذين تشكلت لديهم قناعات وأستعداد لا حدود له لتقديم المزيد من التضحيات مهما بلغ حجمها في سبيل تحقيق هذا الحلم الذي يحتل مكانة كبيرة في نفوسهم وباتوا على أمل كبير بأن المجلس الأنتقالي لن يخذل القضية الجنوبية وإنه سوف يعيد النظر في كافة حساباته السياسية التي ترتب عليها دخوله في تلك الشراكة التي لم يحقق الجنوب من وراءها أي مكاسب سياسية ولم تفيد القضية الجنوبية بقدر من أضعفتها وقللت من فرص نجاحها وأبعدتها عن طريق الحل على الأقل في المدى المنظور خصوصا وأن دول الإقليم ودول التحالف العربي منشغلين بمسألة إنهاء الحرب في اليمن وبقضية إصلاح ذات البين بين الشرعية ومليشيات الحوثي دون أن تضع مسألة حل القضية الجنوبية على جدول هذه التحركات الإقليمية والعربية والدولية التي تستهدف فقط إنها الحرب في اليمن والعمل على إنخراط أطراف الصراع العسكري في العملية السلمية دون أي ذكر للقضية الجنوبية رغم مشاركة الجنوبيين في الحرب ضد مليشيات الحوثي إلا أن تلك المشاركة لم تشفع لهم ولم تمنح قضيتهم الحق في أن تكون ضمن أجندات الحل الشامل للأزمة اليمنية بما فيها القضية الجنوبية التي وكما يتضح من سير الأحداث والتطورات التي شهدتها الساحة اليمنية والجنوبية خلال السنوات الماضية بأن شراكة المجلس الانتقالي مع الشرعية قد لعبت دورا كبيرا في إبعاد القضية الجنوبية بشكل قد يكون مؤقت وقد يطول أو يقصر عن خارطة الطريق لحل الأزمة اليمنية التي يتبناها المجتمع الدولي وتمسك بخيوطها الأمم المتحدة عبر مبعوثها الدولي الذي قام ويقوم بجولة مكوكية في المنطقة بغرض جمع الفرقاء اليمنيين وجلوسهم على طاولة واحدة بحثا عن الحلول السياسية التي تنهي الحرب في اليمن وتضع الجميع أيضا أمام مسؤولية مواصلة مفاوضتهم التي تفضي إلى وضع حلول لكافة المسائل العالقة بما فيها قضية السلطة وكيفية تقاسمها بين أطراف الصراع الذين تنحصر خلافاتهم فقط حول عملية السلطة ومن الذي له الحق في حكم اليمن … القضية الجنوبية هي الغائب الوحيد عن طاولة المفاوضات التي ستجرى لاحقا بين الشرعية والحوثيين وهي الطاولة التي سيجتمع حولها الأطراف الشمالية المعنية بحل الأزمة اليمنية دون حضور جنوبي بحسب كافة المعطيات السياسية وأن حدث وحضر الجنوبيين فأن حضورهم لن يكون مستقلا بذاته بحسب تصور بعض الجنوبيين المغلوط بقدر ما سيكون ضمن وفد الشرعية التي تتصدر المشهد والتي لها القول الفصل في كل شاردة وواردة تتعلق بالمفاوضات مع الحوثيين أما دور الجنوبيين في هذه المفاوضات فسيكون ( شاهد ما شافش حاجة )
وإنطلاقا من كل هذه الحيثيات فأنه يتوجب على المجلس الأنتقالي يراجع كافة حساباته السياسية وأن يعيد النظر في العلاقة التي أقامها مع نظام الاحتلال الذي عاث بأرضنا فسادا وخرابا ونكل ولا زال ينكل بالجنوبيين الذين بات من حقهم اليوم أن يطالبوا المجلس الانتقالي بالعودة إلى صفوف الجماهير وعدم التخلي عن أدبيات وقيم ومبادئ الثورة الجنوبية التي كتبت حروفها بدماء الشهداء الذين سقطوا دفاعا عن حرية وكرامة الجنوب وشعب الجنوب التي تمتهن اليوم بفعل تواطؤ المجلس الأنتقالي مع الشرعية لصالح ديمومة وبقاء الأحتلال الذي حظي خلال السنوات الماضية بدعم صريح وواضح من جانب المجلس الأنتقالي الذي أختار طريق السلطة ورمى بالقضية الجنوبية خلف كرسي السلطة …
ينبغي أن لا تقلقنا مسألة مشاركة الجنوبيين في اللقاء التشاوري للأحزاب اليمنية ولا نجعل منها قضية كونها تأتي ضمن سياق عملية الشراكة التي أقامها المجلس الأنتقالي مع منظومة الأحتلال التي تعمل اليوم وبكل جلاء على إعادة ترتيب أوراقها السياسية والعسكرية والأمنية في المحافظات الجنوبية التي أضحت السيطرة عليها الهم الأكبر الذي يؤرق الشرعية التي لا تبالي بمسألة هزيمة الحوثيين التي باتت من الماضي بعد أن أدرك الشماليين بأن التضحية بالحوثيين سيترتب عليها خروج الجنوب من معادلة الوحدة التي يعمل الجميع على بقائها وحمايتها من السقوط عن طريق ترسيخ أقدام نظام الشرعية في الجنوب وعدم السماح للمجلس الانتقالي في التمدد في باقي المحافظات الجنوبية التي لم يعد الأنتقالي قادر على التأثير عليها بنفس الوتيرة السابقة التي كانت قائمة بعد أحداث أغسطس ٢٠١٩م ..
ليس أمام المجلس الأنتقالي من خيار في ظل ظروفنا الراهنة وقبل فوت الأوان الا أن يستجيب فورا للإرادة الجنوبية المنادية بفض الشراكة مع نظام الاحتلال وأن لا ينصت كثيرا لطابور الموظفين الجنوبيين الذين يدافعون وبأستماته عن هذه الشراكة العرجاء التي جنوا من وراءها مكاسب لا تعد ولا تحصى سياسية ومادية كبيرة أملت عليهم الوقوف خلف هذه الشراكة التي أستفادت منها شريحة واسعة من قيادات المجلس الأنتقالي التي تقف اليوم في الصفوف الأولى دفاعا عن بقاء هذه الشراكة التي ألحقت أضرار جسيمة بالقضية الجنوبية التي تراجع حظها في الأنتصار والتي أنخرط فيها المجلس الأنتقالي وهي الشراكة التي تحتم عليه اليوم أما اتباع الإرادة الشعبية الجنوبية والتمسك بالثوابت الوطنية الجنوبية وإعادة الاعتبار لادبيات وقيم ومبادئ الثورة الجنوبية التي تم تجاوزها في يوم من الأيام والقفز عليها وعدم الاكتراث لكافة مضامينها التي رسمت خارطة طريق العملية السياسية والنضالية الجنوبية التي كان ينبغي على المجلس الأنتقالي أن يسير على هداها وأن لا يسمح لنفسه بالإنخراط في عملية الشراكة مع المحتل في حكم الجنوب دون النظر إلى التبعات والعواقب والمخاطر التي تحيق بالقضية الجنوبية جراء هذه الشراكة التي عرضتها لانتكاسه حقيقية وأضحت تمثل خطر دائم على قضيتنا في حال ظل الانتقالي متمسكا ببقائها وهي الشراكة التي لا تختلف عن الوحدة التي دخلها الجنوبيين في ٢٢ مايو ٩٠م حتى يحافظ على المكاسب الخاصة السياسية والمادية التي جناها من وراء هذه الشراكة التي وبكل تأكيد ستلحق الضرر الكبير بمسيرة القضية الجنوبية التي سيتعثر حلها على المدى الطويل وسيدفع المجلس الأنتقالي ثمنا سياسيا قد لا يقوى على تحمله في حال ظلت الأمور تسير بنفس الطريقة والمنهجية والوتيرة التي تسير عليها اليوم قيادات المجلس الأنتقالي التي أثرت المضي قدما في شراكتها مع الشرعية وهي الشراكة التي أضحت محل شك وريبة من جانب الجنوبيين الذين يراقبون الوضع عن كثب ولديهم الكثير من التحفظات تجاه مثل هذه الشراكة التي أستنزفت الكثير من الرصيد النضالي الجنوبي وشوهة صورة العملية النضالية الجنوبية وأسأة إلى نضالات وتضحيات الشعب الجنوبي التي ما كان ينبغي أن يكافئها المجلس الأنتقالي في الدخول في شراكة مع المحتل الذي أستباح الأرض والعرض وعمد بصورة منهجية على قتل الجنوبيين والعبث بمقدرات وطنهم وتعريض حياة الجنوبيين للعديد من الأخطار من خلال اتباعه العديد من السياسات التي نالت من حرية وكرامة الإنسان الجنوبي وحطت من قدره وحرمته من الحصول على كافة حقوقه المشروعة في الحياة الكريمة التي حرم منها طوال العقود الماضية ثم نأتي في نهاية المطاف وبكل بساطة ودون النظر إلى كل تلك الأفعال الأجرامية التي اقترفها نظام الأحتلال بحق شعب بأكمله ونمد يدنا إلى يد هذا النظام الفاسق والفاسد وندخله معه في شراكة عقيمة لا يستفيد منها إلا قلة قليلة من البشر الذين راهنوا على مصالحهم أكثر من رهانهم على نجاح القضية الجنوبية …
لا يختلف إثنان على أن الشراكة التي أقامها المجلس الأنتقالي مع نظام الأحتلال قدشككت إلى حد كبير في مصداقيته وفي إخلاصه وولائه للقضية الجنوبية التي تتعرض اليوم للعديد من المخاطر والتحديات ومن ضمن تلك التحديات هي قضية الشراكة التي أقامها المجلس الانتقالي مع الشرعية وهي الشراكة التي أصابة القضية الجنوبية في مقتل وأعادتها إلى الوراء عشرات السنوات خاصة إذا ما أخذنا بعين الإعتبار بأن الشراكة التي أقامها المجلس الأنتقالي مع الشرعية تعد من الشراكات الفريدة من نوعها التي لم يعهد الناس مثيل لها من حيث كونها لم تقوم وفقا للمعايير والقواعد المتعارف عليها بين الناس سواء كانت سياسية أو اقتصادية أو مالية أو غيرها من الشراكات التي يشترط في قيامها اولا :- إعتراف الشركاء بحقوق بعضهم البعض وهذا مالم يتحقق في الشراكة التي أقامها المجلس الأنتقالي مع الشرعية التي لا تعترف بالمطلق بحق الجنوبيين في قيام دولتهم على عكس المجلس الأنتقالي الذي بشراكته تلك يعترف دون أي مواربة بنظام الجمهورية اليمنية ويعترف بشرعية ديمومة نظام الاحتلال في الجنوب في مقابل حصوله على نصيبه من كعكعة السلطة التي وكما يبدو بأن المجلس الأنتقالي وفقا لكافة المعطيات السياسية قد قايض القضية الجنوبية بمشاركته في السلطة التي أضحت اليوم الهم الأكبر للمجلس الأنتقالي الذي حاول أن يعمل على نوع من التوازن بين مسألة تشبثه بالسلطة ودفاعه عن القضية الجنوبية فمن جهة نراه متشبث بالسلطة التي تكن العداء الصارخ للقضية الجنوبية ولا تعترف بحق الجنوبيين في قيام دولتهم ومن جهة أخرى نرى بأن دفاعه عن القضية الجنوبية لم يتجاوز الجوانب النظرية والنواحي اللفظية التي اعتاد على ترديدها في خطابته السياسية التي تتكرر في مختلف المناسبات الوطنية حتى يبقي الجنوبيين على أمل بأن قضيتهم مصانة وأن قيام الدولة الجنوبية أمرا مفروغ منه عن طريق الضخ الإعلامي الذي تنقصه المصداقية وعن طريق الخطابات السياسية التي يحاول الانتقالي من خلالها أن يقلل من وقع شراكته مع الشرعية على القضية الجنوبية وهي الخطابات التي لم تستطيع أن تسد الفجوة القائمة بين ما يقوله الأنتقالي وبين ما يعتقده الناس تجاه هذه الشراكة التي لا توحي أبدا بأنها تصب في مصلحة القضية الجنوبية التي تراجع حظها في الحل ليس هذا فحسب بل إن الكثير من الجنوبيين يشعرون بالقلق الشديد تجاه تجاه كافة الخطوات التي اتخذها المجلس الانتقالي تجاه انخراطه بصورة مخيفة نحو السلطة التي أضحت تمثل الهم الأكبر له في ظل صمت مطبق من جانب الجنوبيين الذين مازالوا يترقبون وبحذر شديد الوضع الراهن من دون أن يصلوا إلى موقف حاسم تجاه هذه اللعبة الخطيرة التي دخلها المجلس الانتقالي وأدخل معها القضية الجنوبية التي ستدفع ثمنا باهظا عاجلا أم اجلا جراء عملية الشراكة التي أجترح مأثرها المجلس الأنتقالي الذي لا يسمع الا صوته ولا يقرأ الا ما يكتبه المقربين منه بغض النظر عن الأصوات الجنوبية المعارضة لمثل هذه الشراكة والتي هي الأخرى حريصة كل الحرص على نجاح المجلس الأنتقالي في تحمله مسؤولية إدارة ملف القضية الجنوبية وهذه الأصوات ترى ضرورة أن يقوم المجلس بمراجعة كافة أوراق ملف الشراكة مع الشرعية وأن يعيد النظر فيها خصوصا بعد ما تبين بما لا يدع مجالا للشك بأن إعادة النظر في هذه الشراكة قد بات من الماضي وبات الحديث عن مثل هذا الأمر غير مطروح على أجندات المجلس الانتقالي الذي لا يستطيع بأي حال من الأحوال فض شراكته مع الشرعية لأسباب كثيرة منها:- ليس بمقدور المجلس الأنتقالي التخلي عن هذه الشراكة نتيجة المكاسب المادية الكبيرة التي تحققت له بفضل هذه الشراكة والتي من دونها لا يستطيع المجلس الانتقالي أن يتحمل تبعات فض شراكته مع الشرعية التي تمثل بالنسبة له الدجاجة التي تبيض ذهبا .. ومن هذا المنطلق فأنه من الصعب على المجلس الأنتقالي فض الشراكة مع الشرعية حتى لو أدى ذلك إلى ضياع القضية الجنوبية التي تم فعلا مقايضتها بالسلطة وبالاموال الضخمة التي تتدفق على المجلس الانتقالي من دول التحالف العربي التي ربطة تقديم مثل هذا الدعم المادي السخي الذي يقدم للأنتقالي مقابل حفاظه على على عملية الشراكة التي أقامها مع الشرعية تحت رعاية دول التحالف العربي التي كان لها القول الفصل في هذا الأمر كما أن هناك طابور طويل من القيادات الجنوبية التي تقاطرت على المجلس الانتقالي من كافة المشارب السياسية الحزبية والتنظيمية تبحث لنفسها عن نصيب من الأموال التي تتدفق على المجلس الانتقالي وعن المزيد من المكاسب الخاصة والمزيد من المناصب والمزيد من الأموال والسيارات المصفحة والمزيد من شراء العقارات في الداخل والخارج التي ليس لها مكان من إعراب العملية النضالية السلمية التي أجترحها الجنوبيين طوال سنوات نضالهم الحقيقي الذي غابات عنها كل تلك الأمتيازات الكبيرة التي قدمها المجلس الأنتقالي مؤخرا والمتمثلة في شراء الذمم وتقديم الإكراميات الكبيرة ومنح المناصب الحكومية في مختلف هيئات السلطة المختلفة وتقديم الهبات المالية الضخمة في مقابل تمجيد قيادات الانتقالي والإشادة بالبطولات التي أجترحها جهابذة المجلس خلال السنوات الماضية حتى ولو كان بالكذب فضلا عن منح السيارات الفارهة والمصفحة لطابور طويل من مريدي ومحبي المجلس الأنتقالي الذي لم يبخل على قياداته حيث تم منحهم رواتب مجزية لا يمكن الحصول عليها إلا في ظل الشرعية وفي ظل الدعم السخي الذي تقدمه دول التحالف العربي للمجلس الأنتقالي الذي كان عليه أن يلهث وراء مسألة الدخول في مثل هذه الشراكة التي لن يتجراء الأنتقالي على مبارحتها حتى تستمر عملية تدفق الأموال عليه وهي الأموال التي كانت ستتوقف تدفقاتها على المجلس في حال رفض القبول بالدخول في شراكة مع الشرعية التي كانت تلفظ أنفاسها الأخيرة لولا المجلس الانتقالي الذي أعاد لها الأمل بالحياة مرة أخرى من خلال قبوله المشاركة في السلطة التي كان الأنتقالي خير منقذا لها وخير من وفر لها الملاذ الأمن في الجنوب والذي لولاه لما كانت الشرعية اليوم تمارس سلطاتها ونفوذها من العاصمة الجنوبية عدن وتحت حماية جنوبية صرفة … طبعا هذا الموقف السياسي النبيل الذي اتخذه المجلس الأنتقالي الجنوبي تجاه الشرعية لم يأتي من فراغ بل هو نتاج الرغبة الدفينة والمتأصلة في نفوس قيادات الانتقالي في الوصول إلى السلطة التي تعني لها الكثير والكثير فمن خلالها أستطاعة تلك القيادات أن تحقق الكثير من المكاسب الشخصية ومن رغد الحياة التي لا تستطيع اليوم تلك القيادات بمختلف مستوياتها أن تتخلى عن كل تلك المكاسب الخاصة التي تدفقت عليهم والتي كانت بالنسبة لهم بمثابة حلم يستحيل عليهم بلوغه أو الوصول إلى هذه الحالة التي هم عليها اليوم والتي لم يحلموا بها في يوم الأيام خاصة إذا ما أخذنا بالأعتبار بأن غالبيتهم أن لم يكن جميعهم كانوا في الحضيض وكان الفقر لا يبارح حياتهم البائسة التي خرجت اليوم من نفق الفقر والجوع لتنتقل فجأة إلى حياة الترف والبذخ الذي ظهروا به خلال السنوات الماضية بغض النظر عن حياة البؤس والفقر التي يعاني منها شعبنا الجنوبي والتي لا تعنيهم بأي حال من الأحوال حيث ثبت بأن المجلس الأنتقالي أضحى اليوم يقف موقف المتفرج مما يجري من عبث في الجنوب بل ومن موقع المتسبب لكل تلك المعاناة التي أصابة الجنوبيين في مقتل عن طريق مشاركته في السلطة التي تعد المسؤولة الاولى عن كل تلك المعاناة التي يتجرع مرارتها الشعب الجنوبي الذي لم يجد من ينصفه وينتشله من هذه الحالة المزرية التي تزداد قسوتها يوما عن يوم وساعة بساعة دون وجود بصيص أمل يمكن الرهان عليه في إخراج الجنوبيين من هذا النفق المظلم الذي لا نهاية له خاصة إذا ما أستمر المجلس الأنتقالي على مواصلة السير على نفس النهج والتوجه السياسي الذي يسير عليه اليوم دون إجراء أي تعديل جوهري على ذلك النهج الذي يحتاج إلى المزيد من الفاعلية والديناميكية على مختلف الأصعدة السياسية والنضالية والاقتصادية والعسكرية والأمنية وبما يضمن عودة ألق القضية الجنوبية التي فقدت بريقها خلال السنوات الماضية وإنسداد أفق حلها نتيجة التطورات والأحداث التي شهدتها وتشهدها الساحة المحلية والإقليمية والعربية والدولية التي لم تصب في مصلحة قضيتنا التي تحتاج إلى المزيد من النضال والمزيد من العمل الدؤوب الذي يعيد لقضيتنا ألقها ومكانتها على الصعيد المحلي والإقليمي والدولي ..