تحقيق فرنسي يتهم شركة توتال بدفن كميات هائلة من المواد الكيميائية السامة في حضرموت
المشهد الجنوبي الأول _ متابعات
كشف تحقيق فرنسي جديد ان شركة توتال تقوم بضخ عشرات الآلاف من براميل المياة السامة قرب أحواض النفط في محافظة حضرموت مهددة البيئة المحيطة وخزانات النفط على وجه الخصوص.
وقال تقرير الصحفي ” كوينتين مولر المتخصص في شؤون شبه الجزيرة العربية والمنشور في صحيفة ماريان ” أن شركة النفط العملاقة توتال ضخت 87 ألف برميل من المياه السامة كل يوم، أي ما يعادل 14 مليون لتر، في بلوك 10 بحضرموت (قطاع 10 “حوض المسيلة النفطي”)، وبدلاً من وضع حل لمشكلة المياه السامة قامت توتال بإلقائها في أحواض محفورة في الأرض ومغطاة فقط بأغطية بلاستيكية.
وبحسب مصادر لشبكة بقش ” فإن الكميات التي قامت شركة توتال بإفراغها هي سائل يحتوي على إشعاعات نووية ومعادن ثقيلة والـBTEX (البنزين، التولوين، إيثيل بنزين، الزيلين)، والباريوم وهو مزيج كيميائي مسبب للسرطان ويحدِث مشاكل في العضلات والقلب.
وبدلاً من اختيار العلاج والقضاء على جميع المكونات الخطرة على صحة السكان الذين يعيشون حول حقول النفط، اختارت شركة توتال “أحواض التبخر” كما تعترف في إحدى إجاباتها على صحيفة ماريان، وهو حل أرخص بكثير ولكنه غير قانوني في اليمن وخارج المعايير الدولية تماماً.
ويشكل تبخر هذه المياه مخاطر صحية خطيرة لأن BTEX، وهو مادة مسرطنة للغاية، شديد التقلب أيضاً.
والمئات من هذه الأحواض يمكن ملاحظتها من مناظر الأقمار الصناعية، وقد سممت هواء المناطق المحيطة منذ قرابة 25 عاماً.
وفي ضوء تركيز أحواض التبخر والتعرض المستمر للسكان للخطر، كان من الضروري أن تدرس توتال معدلات تركيز الخليط الكيميائي في الهواء، والذي يسبب الإصابة بسرطان الدم.
ونقل التقرير عن مهندس نفط فرنسي قوله: “لا أستطيع أن أصدق أن ما تعرضونه لي هنا هو منشآت توتال”، وأضاف: “كنت سأراهن على شركة مارقة من دلتا النيجر، ربما فعلت توتال ذلك لأنه في اليمن لا توجد سيطرة، وكانوا يراهنون على حقيقة أن أحداً لن يذهب ويتفقد منشآتهم”.
وكشف مختص نفطي إنجليزي أنه شهِدَ انتشارَ المياه السامة على الأرض عبر رشاشات العشب، وقال: “اعتدت النزول إلى بلوك 10، وأتذكر أن مزرعة الرش الصغيرة الخاصة بهم كانت بعيدة عن الطريق إلى الغرب وربما على بُعد ميل شمال قاعدتهم المركزية، وقد استخدموها فقط عندما كان لديهم فائض من المياه المنتجة لأن بِرَك التبخر الخاصة بهم كانت زيتية جداً على السطح لدرجة أنها لم تتبخر بما فيه الكفاية”.
وخزنت توتال فائض المياه السامة في آبار النفط غير المربحة وبالتالي غير النشطة، ويتمثل الخطر في تلوث منسوب المياه الجوفية، في حضرموت التي تُعد أكبر مخزون للمياه الجوفية في شبه الجزيرة العربية وتشرب مياه ينابيعها في جميع أنحاء البلاد.
ومنذ أوائل عام 2000 وحتى عام 2012، تم تقديم العديد من التقارير المقلقة إلى محافظ حضرموت ورئيس الوزراء اليمني ووزارة النفط، ولكن خلال النظام السابق تحت حكم الرئيس علي عبدالله صالح، تم دفن كل شكوى بعناية.
ولم يتم اتخاذ أي إجراء حكومي لإجبار شركة “توتال” على تغيير ممارساتها الإجرامية. ولكن بين عامي 2013 و2014، قرر البرلمان اليمني فتح تحقيق كبير في التلوث الذي تمارسه شركات النفط الأجنبية.
دعوى قضائية ضد توتال
ورُفعت دعوى قضائية على شركة توتال أمام القضاء الفرنسي من قبل 120 يمنياً، وفقاً لمتابعات بقش.
واستدعت محاكم نانتير وباريس عملاق النفط في فبراير ومارس 2024، وتثبت تسريبات جديدة أن الشركة كانت على علم تام بممارساتها غير القانونية والخطيرة، وأن الحكومة اليمنية تعتزم أيضاً اتخاذ إجراءات قانونية ضدها.
وكانت صحيفة لوبس الفرنسية نشرت تحقيقاً في أبريل 2023، حول عمليات توتال التي خلفت تلوثاً واسعاً في اليمن، مستغلةً أعمالها في حضرموت منذ العام 1996، مما أدى إلى ارتفاع معدلات الإصابة بالسرطان وتلويث الأرض الزراعية واختفاء النحل والطيور.
وقال التقرير إن توتال متورطة في عمليات التلوث من خلال إلقاء ودفن مواد كيميائية سامة في المياه المحيطة بالمناطق التي تعمل فيها، ودفن ملايين اللترات من المياه السامة وانسكاب النفط وتلويث المياه الجوفية، الأمر الذي يؤثر على البيئة وصحة آلاف اليمنيين.
وعملت توتال (التي أنهت أعمالها في اليمن مع بدء الحرب عام 2015) في القطاع 10 الذي أدارته الشركة اليمنية التابعة لتوتال والمسماة Total E&P Yemen حتى عام 2015، وتتابعت سلسلة حوادث التلوث بسبب المنشآت القديمة الخارجة عن معايير السلامة والبيئة.