الإقتصاد و الناس ورمضان
د. حسين الملعسي
يعاني اقتصاد البلاد في السنة العاشرة من الحرب من فشل تام في الانتاج وتوقف الصادرات وانهيار المالية العامة للدولة وانهيار العملة وارتفاع حاد في التضخم والاسعار حيث اثرت تلك الازمات على الناس بشدة حيث انتشرت البطالة على نطاق واسع وتحول اكثر من 85٪ من السكان الى فقراء وانتشار المجاعة وسوء التغذية وشلل الخدمات العامة.
هذا وقد ادت الازمة الاقتصادية الحادة الى عدم انتظام دفع الرواتب وضعف القدرة الشرائية للدخول وعدم قدرة الناس على تلبية حاجاتهم المعيشة في مستوى اقل من متطلبات الحياة البسيطة للبقاء على قيد الحياة.
مع قدوم شهر رمضان 1445 ه تزداد متطلبات الأسرة ومعه تزداد الهموم والمعاناة والعجز بسبب ارتفاع الاسعار بشدة وغياب الرقابة على الاسعار وعلى جودة السلع وبالتالي فإن حاجات شهر رمضان تشكل عبئ اضافي على الناس في ظروف الحرب والأزمات الاقتصادية والاجتماعية والإنسانية.
يترافق حلول شهر رمضان هذا العام مع تزايد حدة الازمات السابقة وحلول ازمات جديدة عاصفة واهمها المواجهات في البحر الاحمر واثارها المدمرة على الاقتصاد والناس مما ادى الى تصاعد مؤشرات الفقر والبطالة والحرمان وغياب طقوس رمضان المعتادة واختفاء اغلب مظاهر الاحتفاء والتجهيزات المعتادة لاستقبال هذا الشهر وعيد الفطر المبارك عند اغلب الناس.
ان معاناة الناس قاسية بسبب الازمة الاقتصادية ويمكن ايضاح ذلك من خلال مكونات واسعار السلة الغذائية التي يمكن وصفها بأنها سلة غذائية لحفظ الحياة من الموت والتي تكفي اسرة مكونة من سبعة أشخاص لمدة شهر وهي حسب المواد والاسعار بالريال (75 كجم من الدقيق الأبيض (63000) و10 كجم من الفاصوليا الحمراء (30000) و8 لترات من زيت الطبخ النباتي (16000) و2.5 كجم من السكر (3800) وكجم من الملح المضاف إليه اليود (400) وبسعر اجمالي للسلع المكونة للسلة الغذائية 113200 ريال حسب اسعار شهر رمضان.
وعند مقارنة الاجور النافذة بتكاليف السلة الغذائية المتواضعة لوحظ ان اجمالي مرتبات الفئات الوظيفية من وكيل وزارة حتى رئيس الدولة تغطي قيمة السلة الغذائية وزيادة في حين ان رواتب بقية فئات المرتبات اقل من قيمة السلة وهي الفئات من وكيل وزارة مساعد براتب اجمالي (112367) ريال حتى أدنى درجة وظيفية وهي الفئة السادسة براتب اجمالي (40790) ريال وهكذا لبقية الفئات اقل من وكيل وزارة مساعد. اما بالنسبة لأغلب الناس الذين يعانون من البطالة والعسكريين والمتقاعدين فان مأساتهم عميقة وحادة للغاية.
ان هذه الارقام تسلط الضوء بوضوح على ازمة العلاقة بين الاقتصاد والناس ورمضان والعيد حيث لا يستطيع الناس تلبية أدنى متطلبات الحياة اليومية في ابسط صورها ما بالك بمتطلبات رمضان والعيد وعليه فان الحياة بائسة بشكل مخيف ومفزع للغاية.
واخيرا يمكن القول ان مسؤولية الحكومة هي القيام بإصلاحات اقتصادية وسياسية شاملة للوصول الى تفاهمات اقتصادية بإشراف دولي للحد من الازمة الاقتصادية بما فيها استئناف تصدير النفط وحل مشاكل المالية العامة ووقف تدهور سعر الصرف والرقابة على الاسعار وزيادة الاجور تدريجيا وانتظام دفعها والاعتماد على الذات في تجاوز الازمات الاقتصادية والاجتماعية والمعيشية دون تأخير.
د. حسين الملعسي
رئيس تحرير مجلة الرابطة الاقنصادية