المعلمين بين صولجان التهديد والصمت الحكومي
ناصر التميمي
لأول مرة يحصل ذلك منذ سنوات طويلة أن يستجيب جميع المعلمين في محافظة حضرموت قاطبة ساحلا وواديا وهضبة وصحراء للإضراب الذي دعت له نقابات المعلمين بساحل ووادي حضرموت ،للمطالبة بإنتزاع حقوق المعلمين التي لم تمنح لهم ،في ظل ماتشهده البلاد من تدهور في الحياة المعيشية ،بسبب الفشل الحكومي المتراكم منذ عقود من الزمن جراء السياسة الرعناء التي تمارسها كثير من القوى والدول ضد شعب الجنوب الذي يتعرض اليوم لحرب التجويع التي تمارس ضد هذا الشعب المسالم الذي تنهب ترواته في وضح النهار ،وتدمر مؤسساته من خلال تطفيش الموظفين بتأخير الرواتب الضيئلة التي تمنح لهم والتي لا تساوي قيمة قطمة سكر في ظل الانهيار للعملة المحلية أمام العملات العالمية .
خلال السنوات الماضية تم الإعلان عن اضرابات للمعلمين لكنها لم تلقى استجابة قوية مثل الحاصل اليوم ،فإضراب اليوم ليس كالإضرابات السابقة ،لقد استجاب الجميع اليوم لهذه الدعوة وأغلقت أغلب المدارس في حضرموت قاطبة أبوابها وشلت الحركة التعليمية بشكل كامل،وهذا دليل على أن الكل قد وصل بهم الحال العوز إلى حافة الهاوية جراء الإرتفاع الجنوني للأسعار،أمام الفتات من الراتب الذي يمنح للمعلم ،وكيف سيقاوم المعلم شظف الحياة براتب هزيل لا يتعدى بضعة ريالات من العملة المحلية الهزيلة ،والتي لم يعد لها قيمة في وقنا الراهن .
قلتها من قبل وسأقولها مرة أخرى ،لا يمكن للمعلم أن يحصل على حقوقه في ظل هذه الحكومة الا بموقف واحد وقوي من قبل الجميع ،وهو اغلاق المدارس بشكل كامل للضغط على الحكومة بإطلاق سراح حقوق المعلمين ،وكما يقولون الحقوق تنتزع ولا توهب ،فما أقدم عليه المعلمين هو خطوة شجاعة وقوية سيكون لها صداها وستؤتي أؤكلها ،المطلوب من الجميع الصمود الصمود وعدم الانكسار ،ولا يلتفتوا للتهديدات التي تأتي من هنا او هناك ،فهي مجرد زوبعة في فنجان .
المعلمين لم يقدموا على هذه الخطوة المتمثلة في الإضراب الا بعد أن دخل شبح الجوع إلى بيوتهم وبات يلاحقهم في كل مكان حتى في صفوف المدارس كان يلاحقهم ،صبروا سنوات وهم ينادون الجهات المختصة بالقيام بدورها في اعطاء المعلم حقوقه، وعصبوا على بطونهم ،لكن لا حياة لمن تنادي وبعد أن سئم المعلمين من الوعود العرقوبية التي تطلقها الحكومة من وقت لآخر ورمت بمطالبهم في الهاوية ،فكان الطريق الوحيد أمامهم الا رفع العصا الغليظة في وجه هذه الحكومة التي عجزت عن وضع الحلول والمعالجات السريعة ،رغم أنها قادرة وبيدها الحل ،لكنها لا تريد ،كمن يقول الي مش عاجبه يشرب من البحر ،نصيحتي للمعلمين أن يستمروا في شد الحبل على هذه الحكومة العوجاء ،حتى تخضع لمطالبكم ولا تخضعوا لأي تهديدات ارموا بها جانبا ،واستمروا في إضرابكم واستمراركم يعني انتزاع حقوقكم تراجعكم هو نكبة لكم ولن تقوم لكم قائمة بعد ذلك ،اتركوا الخوف وارموا به بعيدا والنصر سيكون حليفكم بإذن الله .
صحيح هناك صمت من قبل السلطة المحلية والحكومة وهو غير مبرر ،ما على الحكومة التي تصم آذانها عن الجميع ، الا الاستجابة لنداءات المعلمين الذين يئسوا من الحياة ،والإلتفات لهم ومنحهم حقوقهم حتى تستمر العملية التعليمية وإنقاذهم من الحالة المزرية التي وصلوا إليها ،فالمعلمين واقعين بين صولجان التهديد وسندان الصمت الحكومي الغير مبرر ،متى سيأتي الفرح ؟