أوطان الخونة .. غزة آخر مفاتيح العودة
ياسر الأعسم
كنت تلميذا في الابتدائية، عندما نظمت المدرسة معرض صورة في ذكرى مذبحة دير ياسين، والتي ارتكبتها عصابات الصهاينة.
– عشرات الصور توثق بشاعة المجزرة، وجثث الأطفال، والنساء، والعجزة ، تسبح بالدماء.
– زميلتي بالفصل اسمها (عودة)، ابنة شخصية دبلوماسية فلسطينية، ترافقنا، وترد ما حدث بنبرة مذبوحة.
– بالجدار الأخر ، صور طوابير المهجرين خلفهم ديارهم، وقد تركهم العالم للمجهول.
– توقف عند صورة لأمرأة من (حيفا)، تصرخ ملامحها بقهر، وحزن لم يمر على وجه بشر .
– تلف رأسها بوشاح، وعلى كتفها شيخا طاعن بالسن، وبيدها مفاتيح دارهم التي هجروا منه قسرا، وببندقية عصابات (الإرغون)، و (شتيرن) الصهيونية.
– كانت التجربة مؤلمة جدا، وكبيرة على طفولتي، وغرست جذور القضية الفلسطينية بأعماقي، وجعلتني إنسانا ثائرا.
– كرهت ضعفي ، وانفجرت في رأسي ثورة أسئلة.
– وسط كوخ خشبي نسكنه بلا أوراق ملكية، سألت أبي عن الهزيمة، وهو الذي أختار اسمي (ياسر)، تفاخرا برمز القضية الفلسطينية (ياسر عرفات).
– أثق بنخوته الحرة، ولكن كلماته لم تشف جرحي، وشعرت أنه يكتب رسالته على صفحتي البيضاء بقلم رصاص أو ربما يقذفني البحر بدلا عن إسرا ئيل !.
– بعد خمسة عقود ، كنت على موعد آخر مع أمرأة (حيفا) نفسها، وهذه المرة في مادة صحافية استقصائية،وقد حفرت جبينها مخيمات الشتات، وتعتكف سنواتها الثمانون ظهرها، وكانت مازالت تحتفظ بالمفاتيح لأحفادها، وتأمرها الأماني بالعودة.
– زميلتي (عودة)، وقد أصبحت أسرة، و مازالت تعيش بعلم واسم وطن بلا أرض، وربما تحمل كرها وثيقة سفر كيانهم الغاشم !.
– أوطاننا يا (عودة)، وبعد إيلاف الأمة الهزيمة، أصبح يقودها الخونة.
– غزة ، ربما آخر مفايتح العودة .
– ياسر محمد الأعسم/ عدن 2023/10/13