المؤامرة الناعمة… تفتيت الوطن على نار هادئة..انظروا
صلاح السقلدي
الرئيس رشاد العليمي عادَ إلى عدن قادما من محافظة المهرة للقاء المبعوث الأممي، في وقت وصل فيه فريق عسكري سعودي الى عدن- هذا الأخير تلف تشكيلته ومهمته الغموض التام -ولكنه (العليمي) سيغادرها ثانية بقناعته الى الرياض تحت زوبعة مكررة: (طردوني)، فهو لم يعد يطيق العيش في مدينة يرى فيها نسخة من جهنم، ولم تعد تصلح لمقامه السامي بعد أن أنجز لتوه المهمة المُكلّف بها في المهرة ،سنعرج عليها باقتضاب.
فثمة أمور تنضج على نار هادئة يشرف على نضجها الشيف السعودي الكبير ومساعدوه من شيفات الغرب أما (الجرسون ) فهو محلي ..تبدأ لنا بعض ما طفح من الوليمة من روائح ما يلي:
– في الجنوب تتمحور الطبخة (المؤامرة الناعمة) حول مشروع تفتيت الجنوب الى كانتونات باسم الحكم المحلي لكل محافظة ومنطقة وقبيلة بعد أن استعصى على الرياض والأتباع المحليين تمرير مشروع الأقلمة سيء الصيت الذي نسجت خيوطه على المنوال البريطاني والأمريكي بفندق موفنبيك في صنعاء عام ٢٠١٣م بعد ارتطامه بصخور جبل شمسان العصي وإفشاله .
-في الشمال وتحت غبار كثيف ونقع خيول العرب والعجم اسمه الوساطة العمانية تتسلل السعودية تحته خلسة لتكمل الشق الآخر من الطبخة الدسمة: تقايض الرياض صنعاء بعدة ملفات تضمن لها صنعاء أمرين رئيسين:
ضمان أمنها على حدها الجنوبي (المرتعش) وضمان مصالحها الاقتصادية والاستمرار بالتغلغل بمفاصل وثنايا المجتمع والقبائل وعبر أطفال الأنابيب الياسية التي خصبتها والكيانات الاخرى لتعيد وترسخ قبضتها العتيقة (التي كانت قد ارتخت بالسنوات الماضية ) كثمرة لعاصفتها الحزمية في حضرموت والمهرة وسقطرة وفي كل أرجاء حديقتها الخلقية بحسب تعبير أحد البلهاء مقابل نيل الحوثيون شروطهم.. والجنوب هو مخزون التعويضات ومستودع بدل فاقد ” البقرة الحلوب: او هكذا يخطط شياطين الحرب والحطب.لكن لن يمروا.
تبقى الإمارات مشدوهة التفكير حائرة البال بما يجري ،وعائقا بينهما اي بين السعودية والحوثيين ترفض ان تكون جمل يعصر للغير وحقل وبيدر خالٍ من اية سنبلة، بينما وبيدها الكثير من أوراق اللعبة بالجنوب في بعض أنحاء الجنوب وتحديدا في حضرموت وسقطرى الى تمكنت الرياض من تقليل حضورها العسكري هناك قبل ازاحتها كليا من محافظة المهرة بإيعاز بريطاني وتخوفات عمانية ، كما ويبقا لها اي الامارات حضورا مؤثرا في باب المندب الاستراتيجي وبجزيرته الاستراتيجية بعد أن وطأت قدمها هناك من فوق حصان طارق بن صالح .فالامارات شأنها شأن السعودية تتلمس مصالحها وتجمع وتحصي سنابل الحقل وحبوب البيدر.
ولكن عند الجدار الأخير وامام كل ما يحدث في أرضنا من عبث وتقاسم وتقسيم بل وتفتيا فما تزال الرصاصة في جيوبنا و يلمع الرعب في أيدينا لنداوي به رأس كل من يشكو الصداعا.
فأمام كل هذه الضباع والسباع وأطماعها يقف الجنوب ممثلا بالمجلس الانتقالي الجنوبي وكل القوى الجنوبية والشخصيات الفاعلة بالداخل والخارج جدار صد منيفا منيعا يستحيل النط من فوقه او شطبه من فوق خارطة سياسية وعسكرية واقتصادية واجتماعية جديدة تشكلت تباعا ليس منذ قرابة تسع سنوات حرب فحسب بل منذ أكثر من ربع قرن مضى ،كان هو اي الجنوب من رسم معظم تضاريس هذه الخارطة وخضب شوارعها وجبالها وسهولها وسهوبها بلون الارجوان.
ثقوا أنهم لن يبسطوا الخُوان ليأكلوا عليه لحومنا و يرتشفون فوقه دمائنا ما بقي فينا أثر نبض..وسنصون العشب الأخضر فوق قبور شهدائنا وأسلافنا. لا جُزرة تغرينا ولا عصا تثنينا.
القلم ينفث ألم.