من لندن الزبيدي يقر بالوحدة.. ومن حضرموت العليمي يثبتها
د. أنور الصوفي
المتابع للقاء القصير مع اللواء عيدروس الزبيدي من قناة الـبي بي سي عربية سيقرأ أن الزبيدي تنازل عن مطالبته بانفصال الجنوب، ورد الأمر إلى الشعب، ومن المعلوم أنه إذا تم استفتاء في المحافظات الجنوبية فسيكون التصويت لبقاء اليمن موحدًا، هذا إذا سلمنا بوقت يسمح بالتصويت على الاستفتاء، فمن المعلوم أن البلاد غير مستقرة ولن يكون الاستفتاء قريبًا.
القارئ لكلام اللواء عيدروس الزبيدي سيتضح له أن الزبيدي أراد التخلي عن القضية وانفصال الجنوب، وبطريقة ذكية، ولكنها واضحة لكل ذي لب، فالرجل علم صعوبة الانفصال، وعلم أن من استفاد من هذه النغمة قد انتهت متعتهم بالاستماع بهذه النغمة، وأوضحوا للزبيدي رأيهم، ولقنوه كيفية التملص من حمل القضية، وتحميلها لهذا الشعب الذي لم تعد لديه القدرة حتى بنطق ثورة ثورة يا جنوب، فلقد أصبح شعارهم أين الماء؟ أين الكهرباء؟ أين الوظائف؟ أين الراتب؟ أين الدولة؟ لهذا طالب الزبيدي باستفتاء الشعب على قضيته التي لم يعد يراها إلا سببًا في تجويعه، وفقره.
المتابع لارتباك الزبيدي يدل على أن الرجل يقول كلامًا مناقضًا لكل توجهاته السابقة، فمن المعلوم أن الاستفتاء ستكون نتائجه تثبيت الوحدة، وهذا هو الدرس الذي تعلمه الجميع، فالجنوب يحكمه الشماليون، ولن يرضوا باستفتاء إلا وقد أعدوا له العدة، أما الشمال فهو بأيدي أبنائه، وهذا تأكيد للوحدة، ولهذا لابد من التوقف عن الشعارات الرنانة.
يؤكد ما ذهبنا إليه تصريحات الرئيس الشمالي للجنوب الذي أعلن عن حكم ذاتي لحضرموت، بينما رفضه قبل أيام عن عدن، وهذا يدل على أن الرئيس جاء لتعميد الوحدة من حضرموت، وهكذا هم الجنوبيون يزأرون وعندما تمتلئ خزائنهم ينامون بجانبها في الخارج، وينسون القضية، ويضحكون على تلك الشعارات البلهاء التي كانوا يرددونها، وسلموا لي على الجنوب بكل مسمياته، دولة حضرموت، والجنوب العربي، وجمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية، والذي عاده يشتي انفصال الجنوب، وعاد به طافة يندرج في الشوارع، يقول معي من البداية ثورة ثورة يا جنوب، وبقية الشعارات المعروفة، وجهزوا للمتحمسين ساحة المنصورة، والله المستعان على من امتلأت خزائنهم في الخارج.
اليوم المواطن لا يريد إلا خدمات وراتب، أما الشعارات فقد ملها، وكره من يتشدق بها، فالمتشدقون بالشعارات عندما يلعلع الرصاص تراهم يولون هاربين ولم يعقبوا، والأمثلة كثيرة.