ماذا تريد حكومتنا بعد هذا؟
عبد الجبار ثابت الشهابي
لنكن صريحين، صادقين، واضحين.. لا أحد يريد سلطة الحوثة، ليس لسبب واحد، ولكن لأسباب هي أكثر من وجيهة، وأولاها تجاوزهم إرادة الشعب، وانقلابهم على الشرعية، ودستور الدولة الاتحادية، الذي أقره المؤتمرون في ختام مؤتمر الحوار الوطني الشامل.
لكن، مع ذلك الناس، وهنا أقصد التجار المستوردين لايمكن أن يعملوا، ويتعاملوا مع ميناء عدن، وغيره من موانئ المحافظات المحررة لأجل سواد عيون الشرعية التي ربما يقر معظم الشعب بولائه لها.
أما سبب هذا فيعود لمقتضيات منطقية، مثل: واحد+واحد=2، فكيف بالله عليكم يتعامل مستثمر مع ميناء يفرض عليه رفعا في قيمة الدولار الجمركي قدره 100٪، اي 500ريال للدولار، وفي مقابله ميناء ٱخر يقول له: تعال.. لا رفع عندنا.. لاتدفع سوى 250 ریالا للدولار؟!
من هنا لاشك سيسقط مبدأ الولاء والبراء، ليحل مكانه مبدأ المصلحة..
نقول، وياللأسف: لقد فهم الحوثة- في ظل الحرب السياسية، والعسكرية، والاقتصادية، والمالية- كيف يديرون اللعبة بإتقان محترف، فيما ظلت حكومة الشرعية الموقرة عاجزة عن قراءة المسألة بعقلانية، مع ما قدم لها من النصح، وما قدم لها من اعتراضات وجيهة، وناصحة، من اكثر من طرف، ومنها الغرفة التجارية في العاصمة المؤقتة عدن.
ولا عجب بعد هذا، ذلك أن تركيبة الحكومة قد بنيت على الدوام بعيدا عن معيار الكفاءات، والتخصص، والمهنية، واعتمدت على معيار تقاسم الكعكة، والتوافق الذي لم يضع للوطن، ولا لمصلحة المواطن أدنى اعتبار، ليس في هذه الحكومة فحسب، بل في كل الحكومات السابقة؛ التي ظلت فاشلة على الدوام، وبامتياز مقرف أيضا، وظل المواطن معها محتملا، صابرا، متحملا كل أعباء الفشل، ومن ذلك؛ فلتان الحال مع تجار العملات، الذين تٱمروا مع الحوثي لسحب العملة الأصلية من أسواق المحافظات المحررة، مما اضطر حكومات الفشل المتلاحقة لتعويم العملة، وإصدار طبعات، وطبعات جديدة منها، كلها بدون تغطية، ليواصل الصيارفة المتنفذون في الأصل عمليات التلاعب لمصلحة الحوثة، دون حسيب، ولا رقيب، ولا عصا توقظ من توسوس له نفسه، على الاقل؛ اسوة بما يفعل الحوثة لحماية ما في أيديهم من العملات، من عبث العابثين، وتلاعب المتلاعبين.
ونذكر في هذا الشأن؛ واقعة واحدة عندما رفع احد الصيارفة ريالا واحدا على سعر الدولار، وكيف تمت معاقبته ميدانيا، رميا بالرصاص حتى الموت.
قد يقول قائل: هذه قسوة، ومخالفة لتشريعات حقوق الإنسان، لكن كان هذا ضروريا من وجهة نظرهم، على الأقل، لحماية حقوق وحياة الملايين من البشر، وفي ظروف الحرب، فبقي ريالهم كما كان تقريبا، ومازال ريالنا مهدداً بمزيد من السقوط والتهاوي، كاليتيم في موائد اللئام.
هذه الحال اليوم مع المستوردين، والذين يختارون ميناء الحديدة على ميناء عدن؛ ومعارضة الحكومة لمسلكهم لاتمثل جديداً، بل استمراراً لمسلك التردي، والجور، فالحكومة تعمل لتغطية الفشل الذي هي الأساس فيه؛ بأن تقوم برفع قيمة الدولار الجمركي بحجج واهية، وضمانات اوهى بحماية المواطن ومعيشته، الذي لم تصدق معه يوماً في وعد من مواعيدها العرقوبية، وٱخرها العلاوات السنوية، والتسويات التي لم تأت حتى الٱن، فيما لعب الحوثي كرته؛ محققاً اهدافاً مزقت أشباك حكومتنا المريضة، المتهالكة، مثلما يحقق يومياً اهدافه على أكثر من صعيد وياللأسف، مع ما يفرض عليه من العقوبات الدولية.
كل ذلك يحصل وحكومتنا تتمتع بالاعتراف الدولي، والتأييد الأممي، والدعم العربي، والإسلامي، فماذا تريد حكومتنا بعد هذا..؟! هل من الضروري أن ينقرض سكان هذه البلاد، لتبدأ هي بالنهوض بحال البلد على أكتاف الأشباح، ورفات الموتى في مدافن البطون التي قضت جوعاً، وهواناً، في عهد حكومة ظالمة، لم ترحم، ولم تترك للرحمة أن تنزل من سبيل.