هل يمتلك الانتقالي قرار الانسحاب ومواجهة التحدي؟
ماجد الداعري
اعلان المجلس الإنتقالي الجنوبي عن رفضه المتصاعد لتصريحات الرئيس رشاد العليمي التي أدلى بها لصحيفة الشرق الاوسط حول تأجيل أي حديث أو نقاش على حل القضية الجنوبية العادلة، إلى ما بعد استعادة الدولة اليمنية والجلوس على طاولة الحوار وليس العنف، يحمل إشارات إلى تصاعد خلافات فرقاء الشرعية، انعكاسا لاتساع فجوة تباينات المواقف السعودية والإماراتية باليمن ووصولها إلى مرحلة إنفجار وشيك بين معسكريهما المتمثلين بشرعية مجلس القيادة الرئاسي والمجلس الإنتقالي الجنوبي، بعد تعثر اي تفاهمات بين العليمي ونوابه بمجلس القيادة بفعل تضارب الأولويات بين الرياض وأبوظبي في اليمن،
حيث تسارع الرياض باسم الشرعية اليمنية المتمثلة بمجلس العليمي وحلفاؤه من القوى اليمنية، إلى تقديم تنازلات مهينة تلو التنازلات لاسترضاء مليشيات الحوثي وإستجدئها السلام المذل وتمديد الهدنة، على حساب كل أولويات مشاورات الرياض والمرجعيات الوطنية والسيادية والقرارات الدولية، في حين يرفض الشريك الجنوبي هذه السياسة الانبطاحية ويرى فيها الإنتقالي الجنوبي، ومن خلفه أبوظبي، أن تلك الهرولة الإنتحارية نحو تسليم اليمن على طبق من الخديعة والخذلان لمليشيا طهران، ينتاقض مع كل أولويات اتفاق ومشاورات الرياض وأسس الشراكة الوطنية وأهداف وأجندات مجلس القيادة الرئاسي وحكومة الشرعية..
وبالمقابل يرى العليمي ومن خلفه، إن رفض الإنتقالي لتصريحاته المثيرة للجدل، يعد انقلابا منه، لما قد سبق ووافق عليه عند قبوله بالمشاركة بمشاورات الرياض التي قامت فكرتها الأساسية على أولوية توحيد جهود وقوى وإمكانيات، كافة أطراف الشرعية لمواجهة الانقلاب الحوثي سلما أو حربا، قبل الالتفات لما دون ذلك من قضايا أولويات لتلك الشراكة المكللة بضمانات إقليمية بإيجاد حل سياسي عادل للقضية الجنوبية،وفق كل الخيارات الجنوبية المطروحة.
وبالتالي فإن اي موافقات ضمنية للانتقالي ورئيسه على أولوية استعادة صنعاء وتحريرها وبقية المناطق المحتلة من المليشيات الحوثية، كانت موافقات مرهونة بجدية بقية أطراف الشرعية على الذهاب نحو ذلك، بعد أن أصبح الحسم العسكري هو الخيار الوحيد المتبقي مع تلك المليشيات، وليس استرضائها ومحاولة اللعب وتفجير معارك جانبية وزرع الخلافات داخل أطراف الشرعية المتصدعة، سواء بإتخاذ خطوات مستفزة وتشكيلات عسكرية موازية إن لم تكن معادية للطرف الجنوبي الذي يرى فيها اليوم، محاولة سعودية لزرعها كبؤر لصراع جنوبي جنوبي مقبل على أرضه، بهدف التسهيل لبقية الأطراف في تنفيذ مهمة التسليم الكامل للبلاد للحوثي، اتقاء لشر صواريخه ومسيراته،وبدلا من تنفيذ أولوية توحيد كافة الجهود والقوى والإمكانيات لمواجهة مليشياته وهزيمتها، كأولى الخيارات، بعد استنفاذ كل الرهانات والوساطات الإقليمية والجهود الأممية والدولية لإقناعه بالجنوح للسلام الشراكة، وفق ما نص عليه إعلان نقل السلطة من الرئيس هادي إلى مجلس القيادة الرئاسي الذي يراه الإنتقالي اليوم كعدو متربص بالجنوب بعد تحوله إلى أداة خطر تتسع لضرب قضيته الجنوبية من داخل الجنوب، بعد عجزه عن لملمة شتاته أو القيام بأي من أهداف تشكيله،نتيجة استفحال فشله على كل الأصعدة الوطنية والإقتصادية والعسكرية وهو ما يمنح الشريك الجنوبي، شرعية الفكاك منه والتخلص من وجوده على أرضه، بوصفه خطرا يتزايد يوما بعد يوم ويحاول التمدد على حسابه وتوسيع مخاطره المراد لها الانتشار كورم سرطاني داخل جنوبه المحرر بقوافل من دماء خيرة رجاله شبابه وقواته ومقاومته الجنوبية، وذلك بعد تراجع العليمي وأطراف شرعيته وداعميها الإقليميين عن مخرجات مشاورات الرياض وتنكرهم المبكر للشريك الجنوبي وقضيته واشتراطاته الموثقة بادراج حلها في إطار خاص لأي مفاوضات لوقف الحرب باليمن.
ولذلك فإن تصعيد الانتقالي ضد العليمي وتلويح رئيس وفده التفاوضي الدكتور ناصر الخبجي بخيارات حاسمه قادمة تتجاوز الانسحاب من الشراكة بالمجلس الرئاسي وحكومة المناصفة، تطورات غير مسبوقة منذ تشكيل مجلس القيادة الرئاسي على حساب شرعية الرئيس هادي، قد تنذر بجولة صراع جديدة بين أطراف شرعية الشتات بعد أن وصل الانتقالي إلى قناعة بأن اي تغاض منه بعد اليوم عن واقع الحال بالجنوب، أو استمرار تقديم تنازلات لأي طرف بعد اليوم، إنما ستكون تمهيدية لإبتلاعه من قبل عدوين، سواء الشرعية المتآمرة ضده من حوله
أو العو الحوثي المتربصين به على حدوده الجنوبية، في الوقت الذي فشل فيه وكيل الشرعية في شراء ود الحوثي عبر مسقط رغم كل التنازلات التي يتهم إعلاميا بتقديمها له، خاصة بعد الرفع الجزئي لآلية الإجراءات التفتيشية والقيود الرقابية عليه بحرا وجوا وعلى حساب، مضاعفة الجوع وسياسة التجويع الممنهج للشعب الجنوبي وتجفيف موارده بتحويل النشاط التجاري إلى مناطق المليشيات التي تشن حربا اقتصادية لتجويعه وتركيعه.
ووفق كل هذه التناقضات والتطورات التي تكشف مستويات التباين والخلافات بين أبو ظبي الساعية، إلى خيارات الحزم والحسم مع الحوثي، والسعودية المتسامحة تفاوضيا معه والمكشرة عن أنيابها على الشريك والحليف الجنوبي، كلما ضاقت حلقة أمنياتها الجيواستراتيجية باليمن.
وبتقديري فان هذا الخلاف المحتدم تحت الرماد بين الطرفين، يشير إلى أن كل الخيارات مفتوحة اليوم أمام الإنتقالي للتعامل مع العليمي وحكومة شرعية الغدر المبكر بروح الشراكة معه. وأن عليه التفكير الجدي بما هو أكبر من قرار الإنسحاب من المجلس الرئاسي والشراكة في حكومة الشرعية المتصدعة من الداخل والمفلسة ماليا ووطنيا وسياسيا وعسكريا، وعلى كل الصعيد، سيما بعد أن وصلت بها وقاحة الفساد إلى بيع حقول نفطية جنوبية بشبوة وحضرموت، لتعويض خسائر نهبها المخجل لعوائد الإنتاج، عقب فشلها المتواصل في تصدير شحنات النفط المنتجة من حقول شبوه المسيلة الحضرمية، بفعل هجمات الحوثي التخريبية.
فهل حان موعد فض شراكة الإنتقالي.. أم أن القرار ليس بيديه؟
#ماجد_الداعري