اليمن وحوارات جدة: لا أحد مع الحل المستدام ، لا أحد مع الحرب الشاملة.
خالد سلمان
اليمن ليس رمانة الميزان في العلاقات السعودية الإمريكية ، وهو بالنسبة للإمريكان ليس قضية قائمة بذاتها ، اليمن جزء ملحق بمجموعة إهداف تسعى زيارة بايدن للسعودية تحقيقها مستخدماً كل الوسائل المتاحة بما فيها قضية الحرب في اليمن.
على السعودية أن تستجيب أولاً للمطالب التي يحملها بايدن في حقيبته:
وقف توسيع العلاقات مع الصين وروسيا ،أمن الطاقة من منظور إمريكي إستراتيجي ، إدماج إسرائيل في السوق العربية والتطبيع معها ، الإنخراط بحلف عسكري موجه ضد إيران رأس حربته تل أبيب.
حيال ذلك تبدي السعودية حالة من الإستعداد والمراوحة في آن معاً:
الإستعداد لجهة تطبيع العلاقات وأن غير الرسمية مع إسرائيل، وهذا ماتم اليوم بإعلان فتح أجواء الطيران المدني بين البلدين.
والمراوحة بإعادة جردة حساب الربح والخسارة، من مناصبة العداء لروسيا، وتقليص نشاطها التبادلي معها (السعودية ضاعفت بعد الحرب الأوكرانية، إستيراد الغاز الروسي إستعداداً للصيف ،لتشغيل المحطات الكهربائية إلى ضعفين كنموذج)، وعدم الذهاب بعيداً في حجم العلاقات مع الصين.
أما القضية التي تؤرق السياسة السعودية، هو إرتفاع منسوب الضغط الإمريكي على المملكة، للإندماج بحلف عسكري شرق أوسطي يستهدف إيران ، ومثل هكذا إنحياز سعودي يعقد ورطتها في اليمن ،ويعطل جهود الإنفتاح على طهران عبر جولات التفاوض، ويجعل الرياض على رأس قائمة الأعداء المستهدفين إيرانياً ، من اليمن وحتى الحدود المشتركة مع العراق وكذا من منصات سورية ناهيك عن إستهداف مصالحها عبر الممرات المائية .
بالعودة إلى المتاح الذي يحمله بايدن بشأن اليمن، لاشيء جديد خارج سياق الهدنة وإطالة عمرها بثالثة ورابعة ، مع ضبط عدادات الدعم العسكري الإمريكي ، بالعتاد وصفقات السلاح والمجهود الإستخباري ،بمواقف المملكة من الملفات الدولية محط إهتمام البيت الأبيض وقضايا الطاقة.
واشنطن بإبقاء الباب مشرعاً مع الحوثي ، تدرك جيداً أنه قناة إستنزاف وإقلاق للسعودية يجب الحفاظ عليها ، وأن البوابة الجنوبية خاصرة السياسة العسكرية الأمنية الرخوة ، وأن إستنزاف التنازلات السعودية لصالح الإستراتيجية الإمريكية ،يتم عبر هذه النافذة المربحة إمريكية المكلفة سعودياً.
حضور العليمي لجدة لا يعني بالضرورة إن إنقلاباً منتظراً ،وتوازنات جديدة ومقاربات مختلفة ستحدث في إجتماعات بايدن، هو حضور علاقات عامة وإضفاء قدراً من الشرعية اليمنية الفائضة عن الحاجة، على ما سيُتخذ من قرارات صورية حيال مستقبل الصراع في اليمن ، تدور في مجملها بإبقاء الوضع على ماهو عليه، تتساوى فيه فرص ممكنات الهدنة الهشة مع إنفراطها لتعطيل جهود الخروج السعودي الآمن من حرب اليمن.
إمريكا ليست مع حل سياسي للحرب في اليمن ،على الرغم من النزف الإخلاقي الذي تسببه المعاناة الإنسانية للمدنيين، ج لما يُعرف بالقيم الإمريكية، ومع ذلك أمام القيم تبقى السياسات والمصالح العليا أولى واهم من منظومة الإخلاق ، والحرب في اليمن والحوثي هما حاجة إمريكية ،لتطويع وضبط تململات السعودية، وإعادة توجيه ما شذ من تحالفاتها ، إلى دائرة إرتباط مصيري تاريخي لا فكاك منه مع إمريكا.
بخلاصة واحدة حول الموقف الإمريكي من ملف حرب اليمن وحوارات جدة :
لا أحد من صانعي السياسيات الأمنية الأمريكية ، مع الحل الشامل المستدام ، ولا أحد مع التصعيد الشامل المنفلت غير المنضبط سياسياً ، وإبقاء كل شيء رهن حلحلة الملفات الأُخرى، مِن نووي إيران وحتى الصين وروسيا وأمن الطاقة