رسالة إلى “المجلس الانتقالي الجنوبي”

أمجد خشافة

منذ أيام لم يعد هناك حديث عن شركة يو أنها “حوثية” أو تمارس التجسس على الاتصالات وغيرها مما كنا نقرأه خلال الشهر الماضي!
صار الحديث الآن هو كم ستدفع هذه الشركة لهذا الطرف أو ذاك من أجل استئناف عودة خدمتها إلى عدن، فلقد طلب أحد القيادات في المجلس عشرة مليون دولار، وفي وقت سابق طالب مليار ريال يمني، وما بين هاذين الرقمين يظهر الابتزاز الواضح الذي تتعرض له الشركة.
أحد أسباب اهتمامنا بالقضية، ما كشفه مصدر في عدن ذو إطلاع، أن الشركة أمام الحكومة تعتبر قانونية وهناك خلاف بسيط يمكن تسويته رغم قوة موقف الشركة المستندة إلى نصوص القانون ولهذا الحكومة تضغط، لكن ليس لدرجة الاغلاق لمعرفتها المسبقة أن الاغلاق إجراء غير قانوني، ولهذا نُشر مؤخراً وبعد زيارة وزير الاتصالات نجيب العوج إلى سلطنة عمان أن الحكومة لا تمانع من عودة الشبكة للعمل في عدن.
المشكلة أن الاغلاق كان في عدن وهي العاصمة (المؤقتة) وأن الجهة التي أوقفت الشبكة- كما أصبح واضحاً- هو المجلس الانتقالي الذي له مشروع وطموح سياسي مستقبلي، وبالتأكيد أن إغلاق الشركة أو ابتزازها لا يخدم ذلك المشروع لا من قريب ولا من بعيد، على العكس بل يسيء إليه ويؤثر على سمعته محلياً وإقليمياً.
وعلى ما يبدو أن هناك من يدفع الانتقالي أو قيادات فيه لمثل هذه الاعمال، كون المتضرر الأول منها هو المواطن نفسه، فهل يضع الانتقالي اعتباراً لعشرات الآلاف من المشتركين من أبناء المدينة الذين تضرروا من الاغلاق؟
فاذا كان المجلس لا يضع أي اعتبار لحضوره وسمعته فعليه أن يحافظ على الأقل على حضوره الشعبي لدى ممن يقدم نفسه باسمهم على أنه حامل لقضيتهم وحريص على خدمتهم.
القضية ليست بسيطة فمعظم زملائنا الصحفيين يستخدمون (73) ومعظم أبناء عدن كذلك وفي يوم وليلة تتوقف هواتف عشرات الالاف من المواطنين الذين لهم مصالح وارتباطات وأعمال لها علاقة بنشاطهم عبر الهاتف.. فهل يُقدر ذلك من يقف خلف إغلاق الشبكة، وما هو البديل؟
هذا هو السؤال الذي لم نجد إجابة عليه منذ اليوم الأول للمشكلة.
إغلاق الشبكة بهذه الطريقة عمل غير مسؤول كما اتضح أنه عمل غير قانوني، وكذلك يؤكد لا مبالاة الانتقالي في استغلال خصومه لهذا العمل من أجل التشهير به. كذلك يؤكد هذا العمل عدم حرص الانتقالي على علاقاته الداخلية والخارجية فهذه الشركة تمتلكها “الزمرد العمانية” بنسبة 97% كما تؤكده الوثائق، والجانب العماني من خلال تحركاته لا يهتم بالعلاقة مع جهة دون أخرى والا لما استمر سفير الحكومة الشرعية في مسقط حتى اليوم وجرى توقيع تفاهمات لمشاريع مشتركة في الاتصالات تحديداً.
الانتقالي يغامر بسمعته ويراهن بشكل خاطئ على سياسات لا تخدمه خاصة وقد عزز حضوره من خلال الاندماج بالسلطة الرسمية ومع ذلك يتعامل خارج الدولة.
الأساس الذي يتعامل به الانتقالي مع هذه القضية ليس القانون ولا الجانب الإنساني باعتبار الاتصالات خدمة لكل الناس بل على أساس واحد فقط هو المصلحة الشخصية لبعض قياداته التي يمكن أن تقوم بتشغيل برج من أبراج #شركة_يو في عدن في أي لحظة وتغلقه متى تشاء فهل هذا تصرف حكيم ومسؤول؟

وإذا كان الانتقالي لا يضع أي اعتبار لا لعلاقاته الخارجية ولا لسمعته في الداخل فهل يضع اعتبار لأبناء عدن فالكثير ممن نتواصل بهم لا تزال ارقامهم مغلقة وهذا يدل على انهم بانتظار عودة الخدمة فهل يدرك الانتقالي حجم المشكلة؟

في الأخير هذه مشكلة لها بعد خدمي انساني فهناك مئات الآلاف من المتضررين في عدن من إغلاق فروع الشركة، وإذا كنا نتضامن مع شخص أو اشخاص تعرضوا لظلم في الشمال أو في الجنوب، فالأولى أن نتضامن مع أبناء عدن الذين لا ذنب لهم سوى أنهم كانوا مواطنين يستحقون الاحترام لدى سلطات لا تدرك أن استخدام مصالحهم الحياتية للضغط والابتزاز، وهذا آخر ما يمكن أن تفكر به أي سلطة أو حتى مليشيا لأنها عندما تفعل ذلك تكون قد كتبت على نفسها النهاية.

You might also like
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com