سعوديا الحوثي لم يعد عدواً: الإنتقالي ومعاشيق وقوات “اليمن السعيد”
خالد سلمان
تعالوا نترك إنحيازاتنا السياسية الجهوية جانباً، ونفكر بحياد المراقب للوضع من خارج الصورة لا من خلف متراس مواقفه المسبقة.
ماذا تغير في النظرة السعودية لمشهدية الصراع في اليمن، وهي من كانت رأس حربته، في الصفحة الأولى من كل صفحات صراعاته وتقلباته الدامية؟
ما حدث أن السعودية بعد سنوات ثمان من الحرب، أعادت توصيفها للعداوة وترتيب مفاهيمها لكيفية إدارة الملف اليمني، خارج ساحات الحرب ومن خلف طاولة المفاوضات ولا شيء آخر خارج المفاوضات.
الإنقلاب لدى صانع السياسة السعودي لم يعد إنقلاباً، والحوثي ليس خطراً يهدد الأمن القومي، إذا مانضجت تفاهمات أمنية محددة مع إيران، أما الحلفاء المحليين من الشرعية إلى الإنتقالي لم يعد أياً منهم خيارها الوحيد، وإن كان ورقة لعب لتحصيل أكبر قدر من المكاسب وأقل قدر من خسائر الإنسحاب.
وبالقياس إلى خطابها السابق المتشنج، والراهن الأكثر خفوتًا وتصالحاً مع واقع جديد حجر الزاوية فيه الحوثي ، وبربط التحركات الإقليمية الدولية من المحادثات الإيرانية السعودية، والموقف الإمريكي ولقاءاته بوفد الحوثي ، وحتى إستعداد بريطانيا لصياغة قرار جديد ينسف قرار ٢٢١٦ ، مجموعة تلك النقلات توصلنا إلى إستنتاج واحد، أن الحوثي يمكن تدجين عدوانيته وإدماجه في دورة السياسة والمصالح ، ويمكن أن تتغير وظيفته من حربة معادية إلى بندقية وشرطي حماية لتلك المصالح، على الرغم من خطابيته الثورجية الموجهة لداخله العقائدي وكتلته الصلبة.
السعودية وبشراكة واشنطن ولندن تعيد تركيب الأوزان السياسية المحلية وتحديداً الإنتقالي، من خلال محاصرة قوته العسكرية وخلق مكونات موازية لها بإسم “اليمن السعيد” ومحاولة سحب البساط تدريجياً من تحت أقدامه، بتدوير المهام الحساسة ذات الطابع السيادي، من يد القوات الجنوبية إلى قواتها المخلّفة، سعودية التمويل والتجهيز ومرجعية القرار.
إناطة مهام تأمين القصر الرئاسي والحكومة لتلك القوات، هو خيار في منتهى الخطورة، لجهة محاولة إعادة ضبط القوة الجنوبية والحد من فعاليتها، وتذويبها في هيكلة وإنشاء كيانات عسكرية خارج سلطة الإنتقالي، إن لم تكن في عداء معه من تعارضها مع مشروعه السياسي وحتى إستدعاء محطات الصراع الماضوي المناطقي بدمويته العبثية المفرطة.
الجولات المكوكية للسفير الإمريكي، تجميد تصحيح مسار القوات المسلحة اليمنية ، تدريب قوات اليمن السعيد من قبل السعودية وجلبها بعتاد ثقيل إلى عدن ، وعدم الضغط لتفكيك المعسكرات غير الشرعية في تعز على تخوم الجنوب زيادة معاناة الجنود الجنوبيين معيشياً وتعطيل الخدمات في المناطق المحررة ، وإنتهاء بآخر النقلات المتبقية بإعلان مسميات سياسية، تنازع الإنتقالي التمثيل وتقدم نفسها بصفتها الجنوبية إلى مفاوضات الحل النهائي ، ما يعني إسقاط بند تقاسم الوفد بين الشرعية وإلإنتقالي وفق إتفاق الرياض، كل هذا يمضي نحو طي مرحلة الرهان على الحلفاء المحليين ،ووضعهم وتحديداً الأكثر راديكالية الإنتقالي أمام خيار الإلتحاق بعربة الحل وفق السقف المرسوم له سعودياً دولياً، أو التلويح بعد الإضعاف والحصار والعزل ، بالممثل البديل.
غياب رئيس مجلس القيادة ورفضه العودة لعدن، يحيلنا إلى إحتمالية أن يكون التشكيل الرئيس بجوهره وبتوازناته، المختلة ذات طابع إنقلابي هدفه الإطاحة بالإنتقالي، تمهيداً لتسوية طرفاها الرياض من جهة وإيران والحوثي من جهة ثانية، و ثمنها ضمان أمن السعودية وتمرير الملف النووي وفق المصالح الإيرانية، أما بقية الحلفاء المحليين مجرد ملحقات لا صناع حل.
*- خالد سلمان