أزمة كهرباء عدن.. لملس يكاشف والحكومة تتحمل المسؤولية
المشهد الجنوبي الأول _ متابعات
تعدُّد الأزمات المعيشية التي تضرب الجنوب، فإنّ معضلة الكهرباء تعتبر أحد أبشع الأزمات التي يعاني منها الجنوبيون من فترة ليست بالقصيرة في إطار حرب خدمات ضارية مثّلت تهديدات وجودية لقضية شعب الجنوب.
الكهرباء تحل على الجنوبيين في العاصمة عدن ضيفًا لا يمكث كثيرًا من الوقت، فغياب الخدمة يجبر المواطنين على مغادرة منازلهم أغلب الوقت، سواء ليلًا أو نهارًا، وذلك في ظل الموجات شديدة الحرارة التي تتسم بها حالات الطقس في الفترة الحالية.
لو أن الأمر يتوقف عند حد تحمل طقس حار قد يكون مقبولًا على صعوبته، لكن ما الحال عندما يجد المرضى وكبار السن خطر الوفاة من جرّاء التيار الكهربائي في العاصمة، لا سيّما أنّ الكهرباء تغيب لنحو 20 ساعة كاملة عن منازل المواطنين.
آثار انهيار منظومة الكهرباء، كإحدى صور معاناة الجنوبيين، كانت واضحة في العديد من المواقف المؤثرة في الجنوب، فمواقع التواصل الاجتماعي عجت بصورٍ قاسية منها أطفال وقد غطا الطفح الجلدي أجسادهم بسبب موجات الطقس الحارة، ومشاهد أخرى لمواطنين اختاروا النوم في عنان الشوارع بحثًا عن نسمة هواء في أجواء عدن، وبين هذه المشاهد وتلك فمن المؤكد أن ما خفي كان أعظم أو بتعبير أدق أشد قسوة وألما.
بحسب الإحصاءات الرسمية، وفي ظل أزمة تشغيل حادة، فإنّ قدرة إنتاج الطاقة الكهربائية في العاصمة عدن تتراوح فيما بين 220 و240 كيلو وات، بما فيها محطات توليد الطاقة المستأجرة البالغ قدرتها 100 ميجا وات، وذلك في وقت تبلغ فيه الأحمال المطلوبة 600 ميجا وات، في دليل واضح على حجم التردي الذي أصاب منظومة الكهرباء في العاصمة.
يقول وزير الدولة، محافظ العاصمة عدن أحمد حامد لملس إنّ مشكلة كهرباء عدن مشتركة من الكل، وأضاف – في تصريحات من منطلق المسؤولية: “أكدت مسبقًا أننا مستعدون لمحاسبة المقصرين ابتداء من شخص المحافظ مرورًا بأي مقصر ونحن اليوم نجتمع اليوم ليس للتبرير ولا للتطبيل بل للعمل معا لايجاد الحلول والضغط على الجهات المعنية لتحمل مسؤولياتها فالأمر لن يترك للفوضى والتلقائية”.
تصريح الوزير لملس، جاء خلال اجتماعه اليوم بعددٍ من الشخصيات الاجتماعية ومنظمات المجتمع المدني في مبنى ديوان السلطة المحلية.
الاجتماع ناقش مختلف الأسباب والقضايا التي أدّت إلى استمرار مشكلة الكهرباء منها الربط العشوائي المستشري في عدن، إضافة إلى تسييس ملف الكهرباء وإدخاله ضمن الصراع السياسي .
وتطرق الاجتماع إلى ضرورة أن تقوم السلطة المحلية ومؤسسة الكهرباء بواجبهم في ما يتعلق بالشبكة والفلاتر ومختلف المهام التي يجب عليهم العمل بها وعلى الحكومة ومجلس القيادة الرئاسي القيام بواجبه تجاه كهرباء
لملس شدّد كذلك على وجوب الحكومة توفير الديزل بصورة عاجلة من قبل الحكومة مهما كانت التكلفة، وقال: “هذه مسؤوليتهم لمواجهة الصيف الحالي”، واصفًا بأن الحل الاستراتيجي الذي يجب العمل به في الشتاء هو الخروج من مولدات الديزل والطاقة المستأجرة.
وأوضح أنّ السلطة المحلية وضعت ذلك أمام الحكومة في وقت مبكر جدًا، مشدّدًا – مرارًا وتكرارًا – على ضرورة سرعة تنفيذ العديد من الحلول التي وضعت أمام الحكومة منذ بداية تولي إدارة العاصمة.
لملس صرّح كذلك بأنّ الكهرباء ثقب أسود، وتابع: “خلال عام 2021 صرفت السلطة المحلية تسعة مليار ريال للكهرباء وذلك من أجل توفير ديزل وللصيانة وشراء الفلاتر وقدمت مشروع للحكومة والوزارة من أجل أعمال الصيانة في نوفمبر 2021 وللأسف لم نلمس جدية من قبلهم في مواجهة الصيف”.
تصريحات الوزير لملمس تضمنت مكاشفة حول طبيعة أزمة انقطاع الكهرباء في العاصمة عدن، ورصدًا للجهود والتحركات التي تم إجراؤها على مدار الفترات الماضية، والتي قوبلت بزيادة ملحوظة في حجم الاستهداف في إطار حرب الخدمات القاسية بما زاد من الأعباء على المواطنين.
لعل الإهمال الأكبر الذي ضاعف من الأزمة هو أنّ محطات التوليد ظلّت مهترئة لفترة طويلة، ولم تُجرَ لها أي أعمال صيانة كما كان مفترضًا على مدار الفترات الماضية، وهو ما ضاعف من الأعباء على المواطنين بشكل كبير.
المسؤولية الأكبر هنا تقع على عاتق الحكومة التي تبقى مُطالبة باتخاذ الإجراءات اللازمة بهدف تحسين الخدمة للمواطنين، وسط تحذيرات متواصلة من قِبل جنوبيين بخطورة ربط الملف الخدمي بالملف السياسي نظرًا لانعكاسات ذلك على الملف الخدمي بشكل مباشر.
هذا التراخي جعل أصابع الاتهام تُوجّه سريعا إلى حربا عمدية يتعرض لها الجنوب وتحديدا العاصمة عدن تقوم على تغييب الخدمات بشكل كامل، بما في ذلك في العاصمة عدن التي تعتبر إحدى أكثر مناطق الجنوب التي دفعت ثمن تلك الحرب المروعة.