حضرموت تدخل فصلًا جديدًا من الغضب الجنوبي العارم
المشهد الجنوبي الأول _ حضرموت
دخلت الموجة الاحتجاجية، في محافظة حضرموت، فصلًا جديدًا من الغضب الجنوبي العارم، ضد الأعباء المعيشية واسعة النطاق التي خلّفها إرث طويل من إهمال الشرعية.
ففي مديرية القطن، خرج عشرات المحتجين اليوم الخميس، في مظاهرة غاضبة، استكمالًا لأسبوع حاشد من الفعاليات الغاضبة؛ تنديدًا بالظروف المعيشية التي تحاصر المواطنون هناك، وذلك في إطار حرب الخدمات التي تشنها الشرعية منذ فترة ليست بالقصيرة.
ونشر نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي، صورًا ومقاطع فيديو أظهرت تجمعات غاضبة، هتفوا للمطالبة بتحسين أوضاعهم المعيشية، وإزاحة النفوذ الإخواني من مناطقهم لما خلّفه ذلك من أعباء معيشية مهولة.
وثار المتظاهرون غضبًا على الانقطاع المتواصل للكهرباء، في ظل غياب أي محاولات لإنهاء معاناتهم، واتهموا سلطات الشرعية بأنها تتمادى في صناعة الأعباء على الجنوبيين، مقابل التوسع أيضًا في نهب ثرواته والسيطرة على مؤسساته.
كما احتج المتظاهرون، على ارتفاع أسعار الخدمات المقدمة إليهم، إلى جانب ارتفاع أسعار السلع الغذائية، وهو وضع يتأزم أكثر بالنظر إلى الانهيار الحاد للعملة، بما ألقى بظلاله على كل الأوضاع المعيشية.
في المقابل، أشهرت مليشيا الشرعية سلاح القمع في وجه الاحتجاجات، وسعت لإخمادها بإطلاق الرصاص على المتظاهرين في أكثر من منطقة بمحافظة حضرموت، بينها إطلاق النار على محتجين في مديرية شبام أمس الأربعاء.
بالتزامن مع الأوضاع الملتهبة، أصدرت السلطة المحلية في محافظة حضرموت، اليوم الخميس، قرارًا بتعطيل الدراسة لمدة أسبوع بدءًا من الأحد المقبل.
لم تذكر السلطة المحلية تفسيرًا أو توضح سببًا لهذا القرار، إلا أنه لا يمكن فصله بأي حال من الأحوال عن التطورات التي تشهدها المحافظة، بما يشير إلى أن الأوضاع تسير نحو مزيد من عدم الاستقرار، بالنظر إلى حجم الغضب في الشارع.
حضرموت، الغنية بالنفط، يعاني مواطنوها من أزمة اقتصادية توصف بالخانقة، وهي أزمة بات من المؤكد أن صناعتها أمر متعمد من قبل الشرعية الإخوانية.
ولا يبدو أن هناك سببًا مقنعًا يبرر ما تعيشه حضرموت من أزمات، فالمحافظة عُرفت تاريخيًّا بأنها الأكثر إنتاجًا للنفط، لكن هذا الإنتاج تراجع كثيرًا في الوقت الحالي، كما أن عوائد الإنتاج لم تنعكس على تحسين أحوال المواطنين.
ويضع محللون أكثر من سبب يدفع مليشيا الشرعية، للتوسّع في صناعة الأعباء على الجنوبيين، جزءٌ منها يتعلق بالأوضاع الأمنية، إذ يتم الزج بعناصر مثيرة للشغب تعمل على صناعة حالة من الفوضى الأمنية العارمة.
يُستدل على ذلك بأن الأيام القليلة التي سبقت الاحتجاجات، شهدت خطوة مريبة من قِبل الشرعية، تمثّلت في رفع أسعار المشتقات النفطية، في بيئة معيشية لم تكن لتتحمل مزيدًا من الضربات المعيشية.
أعقب هذا القرار، تفاقم واسع النطاق في حالة الغضب الجنوبي، تجلّت واضحة في الاحتجاجات التي ملأت الشوارع، لكن الملاحظ أن عناصر مثيرة للعنف تم دسها لإثارة القلاقل الأمنية بشكل كبير.
لا ينفصل هذا المشهد، مع المجريات العسكرية على جبهات أخرى، فقد أتاحت مليشيا الشرعية جسرًا أمام مليشيا الحوثي للتمدد صوب محافظتي شبوة وأبين، ضمن موجة الاستهداف المتواصل ضد الجنوب وشعبه.
الواقع المتأزم استدعى تدخلًا من قِبل القيادة الجنوبية، إذ وجّه الرئيس القائد عيدروس الزُبيدي رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي، التحية للمحتجين، وأكد لهم أهمية أن تقترن احتجاجاتهم السلمية بسلوك حضاري يجسد قيم ومبادئ واخلاقيات شعب الجنوب وثورته التي عرفها العالم كأول ثورة سلمية في الوطن العربي.
في الوقت نفسه، حذّر الزُبيدي من مغبة تجيير مثل هذه الفعاليات المشروعة لأهداف غير وطنية أو لتصفية حسابات سياسية، أو افتعال الفوضى والتخريب وتدمير الممتلكات العامة والخاصة.
رسالة الرئيس الزُبيدي للمحافظة على سلميتها المظاهرات نابع من أهمية هذا المسار، كونه يُشكل وسيلة ضغط قوية ومؤثرة، بما يقود إلى إحداث حلحلة نوعية في أوضاع الجنوبيين المعيشية في الفترة المقبلة.
كما طالب الرئيس الزُبيدي، رجال الأمن بحماية وتأمين هذه الاحتجاجات وحماية المصالح العامة والخاصة وعدم التهاون مع العناصر المندسة الساعية إلى إخراج هذه الاحتجاجات المشروعة عن مسارها السلمي وحرف مطالبها، مشددا على أهمية التعامل القانوني الحازم مع مثل هذه العناصر.