الانتقالي و احتجاجات عدن …مؤشر لعودته الى حضن الجنوب والتخلي عن الحكومة
المشهد الجنوبي الأول – تقرير
يبدو ان المجلس الانتقالي الجنوبي يسعى للإنضمام الى موجة الاحتجاجات الغاضبة التي تعم شوارع مدينة عدن والتي من المحتمل أن تتفاعل معها احتجاجات في مدن جنوبية أخرى بسبب ضم المجلس ا إلى قائمة المطالبين بالرحيل من قبل المحتجين.
غير أن الانتقالي يحاول تفادي الأمر بأسرع وقت ممكن، والأكثر من ذلك يحاول المجلس استغلال هذه الاحتجاجات وتحويلها لفرصة تسمح له باستعادة ما خسره سابقاً من الحاضنة الشعبية الجنوبية بسبب مواقفه السيئة تجاه القضية الفلسطينية واعترافه بالكيان الإسرائيلي واستعداده التطبيع مع الكيان تباعاً لما فعلته دولة الإمارات.
تصريحات قيادات الانتقالي وعلى رأسهم نائب رئيس المجلس هاني بن بريك الذي لوح بشكل غير مباشر بأنهم سيقفون لجانب شعب الجنوب ضد من وصفهم بالأشرار المديرين للفوضى في عدن وجعلها غير مستقرة، في إشارة لحكومة هادي، وقوله بأنهم يحاولون تهدئة الوضع وأنهم في الأخير سيصغون لكلمة الشارع الجنوبي وأن الخيارات له في النهاية، حسب ما فُهم من آخر تغريداته اليوم الثلاثاء، جاءت هذه التصريحات كمقدمات لتوجيه الغضب الشعبي في الجنوب ضد الإصلاح والرئيس هادي اللذين لم يفعلوا شيئاً للجنوب منذ أن عادت حكومة معين عبدالملك إلى قصر معاشيق بعدن.
وتتوالى التصريحات من قيادات الانتقالي لترتفع نبرتها وحدتها تدريجياً حيث قال القيادي بالمجلس حسين لقور إن “فرض حكومة أمر واقع أصبح خياراً بعد الأزمات التي يشهدها الجنوب”.
وفي اتهام واضح لحكومة هادي وحزب الإصلاح بالوقوف خلف انهيار الأوضاع في عدن والمدن الجنوبية وتجويع شعب الجنوب، قال لقور إن حكومة هادي كانت تثير الأزمات بالأمس من منفاها بالخارج وأنها اليوم تفعل الشيء ذاته من داخل عدن، مضيفاً إن الوضع لا يحتمل السكوت وعلى الانتقالي عدم التهاون مهدداً بالقول “سيصبح فرض أمر واقع جديد وطرد هذه الحكومة الفاشلة خياراً” في إشارة إلى اتجاه الانتقالي نحو طرد حكومة هادي وإعلان حلها من قبل الانتقالي رغم مشاركته فيها وإعادة العمل بموجب قرار الإدارة الذاتية الذي ألغي بموجب اتفاق الرياض الموقع بين هادي والانتقالي في الرياض.
ويرى مراقبون إن أمام الانتقالي فرصة ثمينة لإعادة تموضعه واستعادة المكاسب التي خسرها سابقاً تحت ضغط القبول باتفاق الرياض، إذ أن من الممكن جداً أن تتحول الاحتجاجات في عدن والمدن الجنوبية إلى شرارة البداية لإعلان الانتقالي الانسحاب من حكومة هادي، ومن ثم إعادة نشر الانتقالي قواته في المناطق التي انسحب منها في أبين بل والدفع بمقاتليه الاحتياطيين إلى شبوة التي ستكون فيها المعركة سهلة أكثر من أي وقت مضى خاصة مع انشغال مليشيات الإصلاح بالمعارك في أبين ضد الحوثيين والتي ذهب التنظيم الإخواني لاستخدام أبناء الجنوب كوقوداً لحربه ضد خصومه الحوثيين في الشمال.
ولعل الخسارة التي سيتعرض لها الانتقالي جراء استغلاله فرصة الاحتجاجات الشعبية الغاضبة من حكومة هادي لن تكون كبيرة بالنظر إلى ما سيحققه الانتقالي من مكاسب آنية واستراتيجية، فالانتقالي لن يجدها خسارة أن يفقد بعضاً من الوزارات التي لم يستفد منها شيئاً لا على المستوى السياسي ولا على المستوى الاقتصادي، في حين سيكون انسحابه من الحكومة (الشكلية) دليل إثبات للشارع الجنوبي بأن الانتقالي بريء من الوضع الاقتصادي والمعيشي المتردي الذي يعيشه الجنوبيون وذلك قد يكسبه شيئاً من الشعبية التي خسرها سابقاً بسبب مواقفه تجاه التطبيع الخليجي مع إسرائيل وسكوته على مساعي الوجود الإسرائيلي الاستخباري في جزيرة سقطرى، بالإضافة إلى شعبيته التي تناقصت بسبب قبوله المحاصصة في حكومة كانت إلى الأمس القريب ألد أعداء وخصوم أبناء الجنوب منذ تسعينيات القرن الماضي وحتى اليوم.
أما بالنسبة للفائدة التي سيكسبها الانتقالي على المدى الطويل وهي فائدة استراتيجية إن صح التعبير، فتتمثل في أن فرض الانتقالي سلطة أمر واقع وتفعيل الإدارة الذاتية من جديد بالتزامن مع استعادة الانتقالي السيطرة على الجغرافيا الجنوبية بما في ذلك شبوة أو على الأقل أجزاءً منها، سيدفع بالتحالف السعودي الإماراتي إلى إعادة صياغة اتفاق جديد بين هادي والانتقالي وحينها ستكون حصة الانتقالي من المشاركة في الحكومة قد تغيرت بفعل تغير الحقائق على الأرض بعد توسيع الانتقالي لمكاسبه المجتمعية والجغرافية والعسكرية وهذه الأخيرة هي التي ستفرض مكان وموقع وحجم الانتقالي في أي مفاوضات قادمة أو تسوية سياسية مع هادي.