حينما تستقبل حضرموت الوافدين إليها من أبنائها وزوارها بعبارة الرعب ” احذر من المرور بهذا الطريق أو ذاك نظراً لوجود تقطعات فيه وقد تتعرض للسلب والنهب ممتلكاتك وتتعرض حياتك للخطر “
فعبارة الرعب هذه ليست مكتوبة على الطرقات فعلاً ولكنها تتداول على كل لسان وتصل لمسامع القادمون لحضرموت وتثير الرهبة في قلوبهم ليعيدوا حساباتهم في مقصدهم للزيارة مترددين هل يقصدون حضرموت أو يغيروا وجهتهم ، ومن ما يثير الحيرة فعلاً حينما يطلق ذلك التحذير من نقطة عسكرية تتبع قوات الحليلي وبلكنة شمالية قائلين: ابسر هاناك تقطعات انتبه لنفسك !!
ومن هنا يبلغ إرعاب القادم لحضرموت قمته ويتسأل : إذا كان هذا التحذير قد صدر من نقطة عسكرية فمن هم المتقطعين هولاء وما حجم قوتهم التي صارت رعباً حتى على العسكر ؟
يقول لي كوان يو مؤسس وباني نهضة سنغافورة ” حينما يسير اللصوص في الطرقات آمنين فهناك سببين رئيسيين إما النظام لص كبير ، أو الشعب غبي أكبر ”
ما يفترضه لي كوان ويتوقعه يستدعي البحث والمتابعة لتحديد مكامن الخلل هل النظام لص كبير أم الشعب غبي أكبر ؟
فرضية النظام لص كبير:
من التحذير الذي أطلقه العسكر في النقطة يتضح جلياً بأن هناك خلل في النظام ولكن هل فعلاً النظام لص ؟
للقادمون من السعودية عبر منفذ الوديعة حكايات وروايات عدة تكشف لصوصية النظام فعلى سبيل المثال لا الحصر يقول شقيقي ما أن وصلنا منفذ الوديعة من الجانب اليمني حتى تعرضنا لأول عملية لصوصية وهو وضع مبلغ عشرة ريالات سعودي او اكثر داخل كل جواز للحصول على تأشيرة الدخول لليمن ، كما يتم الزام من يدخل بالمركبة لليمن بدفع مبلغ مائتين ريال سعودي بحجة التأمين الوهمي ، فتخرج من المنفذ باتجاه اليمن وقد تم سرقتك من قبل عسكر وموظفي الحكومة ، وتستمر هذه السرقة في النقاط العسكرية الممتدة على طول الطريق إما تدفع للنقطة وتسير دون تفتيش أو يتم عرقلتك لساعات في النقاط العسكرية ، تلك النقاط تختفي في مواقع يقال إن بها تقطعات وتعود تلك النقاط العسكرية بعد ذلك من جديد .. ومن هنا نكتشف صوابية طرح لي كوان بأن النظام لص كبير فعلاً .
ودعونا نواصل وضع الفرضية الثانية للي كوان ونبحث فيها لعلنا في حضرموت نحقق معجزة جديدة ونطالب لي كوان بتعديل فرضياته .
الشعب غبي أكبر:
كما هو معلوم بأن حضرموت وارضها تحت النفوذ القبلي ، فمتى يظهر ذلك النفوذ ومتى يختفي ؟
من الملاحظ إن تلك التقطعات تقع في مناطق ضمن سلطة قبائل المنطقة فلماذا يسمحون بتلك الأعمال الغير أخلاقية تقع في مناطقهم دون أن يحركوا ساكناً فهل لقبائل المنطقة أيدي في تلك الجرائم وهم من يسندون تلك التقطعات ؟
أعتقد الكل سينفي تلك التهمة عن القبيلة او عن الحضارم كونها أعمال غير مشرفة وليست من القيم والأخلاق الحضرمية مطلقاً ، والسؤال الذي نضعه لماذا لا يتصدى القبائل في المنطقة لمثل هذه الأعمال ويرفعون الأذى عن الطريق ؟
ومن سيبرر ذلك الصمت بإن هذا من واجبات الدولة نتفق معه في ذلك تماماً ، ولكن هل ستصمت قبائل المنطقة إن أرادت الدولة أو فاعل خير إنشاء طريق في مناطق نفوذهم أم إنهم سيطالبون بتعويضات ومبالغ مالية ؟ ناهيك إن ارادت شركة إتصالات وضع أعمدة تقوية او شركات تنقيب عن النفط العمل بمناطق القبيلة لوجدت المعارك البطولية في منعها بحجج مختلفة ؟ فلماذا لا يتم تسخير إمكانيات القبيلة التي تظهر حيناً وتختفي حيناً أخرى لمواجهة ذلك التقطع ومنع حدوثة في مناطق نفوذهم ؟
فالمسئولية هنا جماعية في استمرار هذا الحال وتطور مثل هذه الأفعال المشينة فالمجتمع الحضرمي بأسره ينبذ أعمال التقطع ويلفظ القائمين عليه أي كان شكلهم او لونهم أو منطقتهم .. دماء تُسفك ، وأموال تُسلب من قبل عصابات صغيرة ومجتمع صامت لم يحرك ساكناً لتصبح أرضه مرتعاً للصوص بلباس عسكري وبلباس مدني فهل وصف شعب غبي أكبر يناسب التوصيف لحالة المجتمع الحضرمي إزاء تلك الأعمال المشينة ، أم إن هناك توصيف أدق وابلغ عند القارئ العزيز ، لذلك نترك التوصيف لكم… .
نسأل الله أن يطهر حضرموت من اللصوص ويُبصر الاغبياء لطريق الحق ويؤمن أرواح وممتلكات القادمين لحضرموت.
عبدالله الحضرمي