خبراء: عملية الحوثيين في محور نجران كشفت خللا بمنظومة الدفاع السعودية

المشهد الجنوبي الأول – صحافة

 

تسجل المملكة العربية السعودية فشلا جديدا في منظومتها الاستراتيجية الدفاعية، بعد إعلان جماعة الحوثي أسر أعداد كبيرة من الجنود السعوديين، بينهم ضباط على إثر هجوم شنته الجماعة  في محور نجران. بحسب خبراء.

ويعزز هذا الهجوم الذي وصفه الحوثي بـ”النوعي”، حالة الإخفاق الذي تراكمه السعودية في الدفاع عن سيادتها وسلامة أراضيها، فبعد هجوم “أرامكو” الذي مثل ضربة استراتيجية “خطيرة” عصفت بالمملكة، ووصل أثرها حد إحداث خلل في إمدادات النفط العالمية، يأتي هذا الهجوم الجديد ليطرح علامات استفهام كبيرة، عن أسباب فشل القوات السعودية في التصدي للهجوم الجديد في نجران، وهي القوات التي تنافس مثيلاتها في المنطقة من حيث الأعداد، والإمكانيات النوعية، والأسلحة المتطور، وأنظمة الرصد والمراقبة التي بحوزتها، إذ كيف يتمكن مقاتلون مسلحون بأسلحة خفيفة ومتوسطة، من أسر هذا العدد الكبير من الجنود؟ وكيف تمكنوا من قطع هذه مسافة كبيرة وصولا لمواقع للجيش السعودي، دون رصدهم، والتصدي لهم؟

وكان هجوم “أرامكو” الذي جرى في الرابع عشر من الشهر الجاري، كشف أن الدفاعات الجوية السعودية تعاني خللا كبيرا، كونها لم تتمكن من اعتراض الطائرات المسيرة التي أطلقها الحوثي نحو منشآتها الاستراتيجية.

وعلقت وزارة الدفاع الروسية على أداء المنظومة “الأمريكية الصنع” حينها بالقول: “إن منظومة الدفاع الجوية المنتشرة في أكثر من 88 موقعا في المملكة، ربما لا تفي بالغرض المعلن لها، ولديها كفاءة منخفضة في مكافحة الأهداف الجوية الصغيرة والصواريخ المجنحة، وغير قادرة على صد استخدام العدو لأسلحة الهجوم الجوي في حالة قتالية حقيقية”.

وتساءل مصدر في الدفاع الروسية قائلا: “كيف يمكن لمثل هذه المنظومة الأمريكية القوية للدفاع الجوي أن تخرقها عشرات الطائرات المسيرة والصواريخ المجنحة”.

وفي أحدث هجوم لها، أعلنت جماعة الحوثي تنفيذ عملية “نصر من الله” العسكرية الواسعة في محور نجران، وقالت إنها تمكنت من السيطرة على 3 ألوية عسكرية من قوات العدو بالكامل وفصيل للقوات السعودية وآلاف الأسرى واغتنام مئات الآليات والمدرعات.

وأوضح يحي سريع الناطق الرسمي باسم جماعة الحوثي، أن العملية “هي أكبر عملية استدراج لقوات العدو منذ بدء العدوان استمرت لأشهر عدة وشاركت وحدات متخصصة من قواتنا في إطار دعم وإسناد العملية في محور نجران وعلى رأسها القوة الصاروخية وسلاح الجو المسير والدفاع الجوي”.

وذكر أنه “بعد مرور 72 ساعة فقط من بدء العملية قامت قواتنا بإطباق الحصار على 3 ألوية من المخدوعين وفصيل كامل من الجيش السعودي، لافتا إلى تحرير مئات الكيلومترات طولا وعرضا خلال العملية النوعية”.

وأفاد بوقوع “الآلاف من عناصر قوات العدو في الأسر بينهم أعداد كبيرة من قادة وضباط وجنود الجيش السعودي”.

المحلل العسكري العميد صبحي ناظم توفيق، قال إنه كـ”عسكري سابق، يشعر بالخجل من الأداء الفاشل لقوات المشاة في الجيش السعودي، وبهذه المعنويات المتدنية”.

وقال في حديث لـ”عربي21″ ،إنه لا يعقل أن تباغت عدة تشكيلات نظامية برية بهذا الشكل، وهي في مواقعها التي انتشرت فيها منذ فترة غير قصيرة، ويفترض أنها استطلعت وشخصت محاور التقرب المعادي المحتملة وتهيأت لمواجهة اختراقات محتملة، وكان وجوبا عليها أن تكون متهيئة في كل ساعة من النهار والليل”.

وشدد على أن هذه القوات “يفترض أن تكون مجهزة برادارات كشف  الأهداف الأرضية أمثال (رازيت) التي استخدمها العراق في الحرب منذ أواخر 1980 وأثبتت فائدة عظيمة”.

وذكّر أن “الحوثيين أعلنوا يوم ضربة أرامكو منتصف الشهر الجاري، عزمهم اختراق الأرض السعودية، وقالوا إنهم باشروا بهذه العملية منذ أوائل شهر آب/ أغسطس المنصرم بغية استدراج ثلاثة ألوية سعودية إلى كمين مخطط له، متسائلا: “هل يعقل أن قادة هذه الألوية، أو أحدهم، أو قائد فرقتهم، لم ينتبه لما يخطط له عدوهم الحوثي طيلة أسابيع؟”.

وزاد متسائلا: “وإذا بررنا كل ذلك، وآمنا بمباغتة القوات السعودية، فهل يعقل أن يؤسر جنودها أو ينهزموا بهذا الشكل المخجل على يد أشخاص بسطاء كما يبدون في منظرهم بالفيديوهات المعروضة، ويعودوا مسرعين وهم يمتطون أفضل عجلات القتال المدرعة في العالم، طراز برادلي و M-113 الأمريكية الحاملة لرشاشات متوسطة وثقيلة، تدعمها هاونات ومدافع بشكل فوري، ويسندها طيران مقتدر ساعة الطلب”.

بدوره قال الخبير العسكري والعميد ركن مساعد الحريري، إن هجوم الحوثي “إن صح”، يمثل نجاحا عسكريا لجماعة الحوثي والقوى التي تعمل ضد التحالف العربي في اليمن.

وقال في حديث لـ”عربي21″، إن تكرار الهزائم، تقع على عاتق القيادات العسكرية التى تعمل في وزارة الدفاع والعمليات المشتركة لقوات التحالف، التي يجب عليها  تقيم أسباب الفشل العسكري وتفادي الأخطاء، مشيرا إلى أن السعودية مطالبة بمراجعة استراتيجيتها القتالية، من حيث إعادة الهيكلة والتفويج.

ومعددا عوامل تساعد الحوثيين في تنفيذ مثل تلك العمليات قال الحريري أولا، إن “الميلشيات الحوثية تعتمد على اقتناص السلبيات لضربات الجوية لقوات التحالف، وتحسن استغلال الثغرات التي تعيق هجوم القوات السعودية وتقدمها في الجغرافيا اليمنية الوعره صعبة التضاريس خاصة تلك المناطق المحاذية لحدود المملكة”.

وثانيا قال الخبير العسكري، إن عمليات السعودية في اليمن تعتمد على خليط من الجيش الغير النظامي، مثل المقاومة وما يسمى بالجيش الوطني التابع للرئيس عبد ربه منصور هادي الغير مدرب على خوض العمليات القتالية في مثل تلك الجغرافيا، وفي نفس الوقت منزوع القرار، حيث أن القرارات تعود للقادة والضباط السعوديين الذين يقاتلون إلى جانب تلك القوات.

وثالثا أضاف، أن العامل الأهم يبرز في انشغال دول التحالف العربي بالأوراق السياسية بعيدة المدى التى أدت إلى جمود التقدم العسكري عالارض وأثرت على فرص نجاحه.

لكن الحريري شكك في صدقية ما قاله الحوثي، قائلا: “الحقيقة غائبة نتيجة لتضارب الأنباء حول تلك العملية العسكرية التي وصفها المتحدث العسكري الحوثي بأنها أكبر عملية منذ بداية حرب 2015 مع قوات التحالف”.

من جهته، قال المحلل السياسي خالد عقلان إن السعودية تسجل فشلا ذريعا في مواجهة التمدد الإيراني في المنطقة، وهي عاجزة  عن كسر جماعة الحوثي، والتصدي للهجمات التي صارت مهددا استراتيجيا للأمن القومي السعودية.

وأضاف في حديث لـ”عربي21″ إنه من المفارقات العجيبة التي تعكس تخبط السعودية وفشل استراتيجيتها في مواجهة ايران أنه وبعد عامين من إعلان الأمير محمد بن سلمان بنقل المعركة إلى الأراضي الإيرانية، هاهي تطلب من باكستان التوسط لدى إيران من أجل خفض التصعيد كما جاء ذلك عبر تصريح رئيس الوزراء الباكستاني في نيويورك”، مشيرا إلى أن فشل السعودية في اليمن ستمتد آثاره الخطيرة على أمنها القومي.

واستطرد: “الجميع يعرف أن السعودية فشلت في تحقيق أهدافها المعلنة في اليمن وهي إسقاط الانقلاب واستعادة الشرعية، بل وجدنا بعد خمس سنوات انقلابا آخر ضد الشرعية في عدن وفقدان العاصمة المؤقتة و عشرات الآلاف من الضحايا وملايين من الجوعى وحصار مطبق تسبب في أكبر أزمة إنسانية”.

وزاد قائلا: “المؤسف أن صانع القرار السعودي لا يدرك أن سقوط اليمن بيد مليشيات مناطقية وعنصرية وطائفية يمثل تهديداً استراتيجية ووجوديا للسعودية، ومعلوم أنه لم يكن هناك استهداف للسعودية من اليمن إلا حينما سقطت صنعاء والمضحك المبكي في الوقت ذاته أن سقوط صنعاء كان بضوء أخضر سعودي ودعم إماراتي”.

وختم بالقول: “هناك اعتراف ضمني بالهزيمة، والقبول بالحوار المباشر مع الحوثي هو إعلان هزيمة مدوية وفشل ذريع للأمير محمد بن سلمان له ما بعده من انهيار للنظام السعودي وفقدان الثقة لدى الشعب السعودي بقدرة النظام على حماية الأمن القومي السعودية من الأخطار المحدقة من كل الاتجاهات”.

 

المصدر : عربي 21

You might also like
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com